Consultation Image

الإستشارة 23/02/2025

هل كل النساء مازوخيات في التعامل؟ ولا أقصد المازوخية في الجنس فقط.

هذا ما رأيته في زوجتي في أسلوب تعاملها!! فهي لا تنفذ أي طلب إلا بعد التهديد والوعيد والضرب غير المبرح.

واسمحوا لي أن أسرد عليكم المشكلة لعلي أكون ظالما بدون علم، لكن في البدء أرجو من الجميع أن يكون حياديا بلا أية انحيازية أو تحامل للجانب الأنثوي.

تزوجت منذ حوالي 3 أشهر فقط، وأنا الآن في طريقي إلى الانفصال عن زوجتي غير الحبيبة، تعرفت عليها في إحدي حفلات العرس في عائلتي، فقد كانت صديقة لإحدى قريباتي.

أحسست أنها طفلة، وأعجبت جدا بطفولتها البريئة، كما أعجبت بأخلاقها، نظرا لأنها ليس لها أي ماضي يذكر، بعكس معظم البنات في مثل سنها في زماننا هذا.

تمت الخطوبة في حفل صغير جدا، وبعدها بحوالي شهرين وقعنا في حد من حدود الله (الزنا) ولهذا السبب كنت حريصا على إتمام الزواج مهما كلفني ذلك من أعباء، سواء مالية أو معنوية، وكنت أتحمل أهلها وهم بكل سخافة يتعاملون معي كأني لن أعيش بدونها، وهم طبعا لا يعلمون سبب حرصي عليها وعلى زواجي منها.

حدثت مشاكل كثيرة من قبلها ومن قبل أهلها، حتى أنهم طلبوا أن أوقع على شيك أو إيصال أمانة، وبالطبع وافقت، وكنت رغم عني أتحمل تلك المشاكل وأحلها، بل وأضغط على نفسي لكي لا أتركها وحيدة في الحياة بعد أن حدث ما حدث بيننا. وهي قد علمت كم أنا ضعيف جدا أمام ضميري، وأمام خوفي من أن أظلم أحد وهي تستغل ذلك ضدي.

المهم تزوجنا والحمد لله بعد عناء دام أكثر من سنة ونصف، وهنا اكتشفت مدي الحماقة التي وقعت فيها بعد أن عرفتها علي حقيقتها.

فهي امرأة متبلدة الحس والمشاعر، غبية جدا، غير مثقفة، لا تهتم بشيء اسمه تقوى الله، عنيدة بغباء.

يعلم الله، يعلم الله، يعلم الله، كم كنت أتقي الله فيها، وليس هذا حبا فيها ولا حبا في أحد من أهلها، ولكن خوفا من الله، وهي تعلم ذلك تماما، أي تعلم سبب تعاملي الجيد معها هو خوفي من الله وليس حبا لها ولا لأحد من أهلها، وللأسف تستغل خوفي من الله في إزعاجي وإغضابي، وأنا في أكثر الأحيان ألجأ للضرب، لكن والله والله والله أكون قد استنفذت كافة الطرق السليمة والجميلة والناعمة في الكلام، ولكن أقسم بالله أنها لا تنصاع إلا بالضرب أو الخناق وهي باعترافها أنى حنون عليها بدرجة كبيرة جدا. وباعترافها أيضا أني لا أبدأ أي مشكلة أبدا ولكن تكون هي البادئة دائما. وباعترافها أيضا أنها لا تنصاع إلى تنفيذ أية رغبة إلا بالخناق أو الضرب.

آسف على عدم ترتيب الكتابة، وآسف على التطويل، وجزاكم الله كل خير.

الإجابة 23/02/2025

أخي الكريم، أهلا ومرحبًا بك، وبعد...

 

اسمح لي أن أقول لك وبدون مقدمات، وأرجو ألا تمنعك الصدمة من سماعي للنهاية:

 

إن المشكلة فيك أنت قبل أن تكون في زوجتك! نعم أخي، وأدعوك أن تخرج نفسك من القصة، وتقرأها معي مرتبة بالترتيب الذي اعترفت أنك لم تراعه في الكتابة؛ لأنك كتبت المشكلة بمنظورك أنت، وبالمفهوم الذي أحببت أن توصله لمن يقرؤها.

 

تعرفتَ على زوجتك في أحد الأعراس، ولفتَ نظرك إليها طفولتها «البريئة»، ولم تر من هذه الطفولة إلا محاسنها، ولم تلتفت إلى بقية خصائص الطفولة من العناد وحب التملك والرغبة في التدليل، وربما أدركتها ولكنك تغاضيت عنها لأسباب أخرى، قد تكون الجمال مثلاً الذي أحيانا ما يغطي سحره على العقول، ويأخذ بالألباب.

 

وزاد من تمسكك بها: إعجابك بأخلاقها، وأن ليس لها ماضٍ يُذكَر! ولا أدري كيف عرفت ذلك!! المهم يا أخي –حتى لو صدق هذا– أنك لوثت هذا الماضي «الطاهر» بعد شهرين فقط من خطبتك إياها، وأوقعتَها –أو أوقعتك– في الخطيئة واستوجبتما معًا حدًّا من حدود الله.

 

قبل هذا وبعده كنت تتحمل بكل رضا وخنوع «سخافات» أهلها، وقبلتَ أن تذل لهم وتقبل إحساسهم بعدم الثقة فيك –أو في ابنتهم– ورغبتهم في استغلالك، لدرجة أنك وقَّعت لهم على شيكات وإيصالات بدون وجه حق.

 

ولا أستسيغ السبب الذي تحاول أن تقنع نفسك وتقنعنا به، وهو ضعفك أمام ضميرك، وخوفك من أن تظلمها، فقد كنت تستطيع إدارة الأمر بطريقة أفضل دون أن تزعج ضميرك أو تظلم أحدًا. فكما أخطأت أنت أخطأتْ هي أيضًا، ولو قمت بالتصريح لأهلها بما تم لكنتَ أعفيت نفسك على الأقل من سخافات كثيرة وهموم ومغارم، ولكنك يبدو أنك كنت تعمل حساب شيء ما لم تصرح به.

 

المهم أن الزواج قد تم، وتحاول مرة أخرى أن تقنعنا بشيء لا تقبله عقولنا، وهو أنك «فوجئت» بشخصيتها بعد الزواج، و«عرفتها على حقيقتها»، وكأنها تحولت –كما نرى في أفلام الكرتون أو الخيال العلمي– إلى كائن آخر «متبلد الحس والمشاعر، غبي جدًّا، غير مثقف، لا يهتم بشيء اسمه تقوى الله، عنيدة بغباء» على حد قولك!

 

ما أعتقده أخي أن كل ما وصفت به زوجتك وتقول إنك فوجئتَ به كانت صفات حية موجودة، ولكنك كنت تغض الطرف عنها، أو كنت لا تراها وأنت تحت تأثير سحر المنظر والشكل أو أية مؤثرات أخرى لم تخبرنا بها، وبالطبع بعد أن فقد سحر الجمال تأثيره بالاعتياد والألفة بدأت عيناك تتفتح على ما كنت تراه وتهمله.

 

ولا تقل إنها خدعتك في فترة الخطبة، وأخفت عنك الوجه الآخر لها، فلا أظن أن هذا يعد حقيقة بين خطيبين وقعا في الفاحشة بعد شهرين من خطبتهما!!

 

وتأتي لتسأل: هل النساء كلهن مازوخيات؟! وكأنك تريد أن تلتمس العذر لزوجتك فتسحب صفاتها على النساء كلهن، وتعدها طَبْعًا وخلقًا فطريًّا في كل النساء يعجز الرجال عن تغييره!

 

اعذرني أخي على لهجتي التي قد تبدو قاسية بعض الشيء، ولكني عمدت إلى هذا لكي أهزك من أعماقك هزة تجعلك تفيق وترى الأمر على حقيقته دون خداع للنفس ولا مواربة.

 

لا يا أخي، ليست النساء كلهن مازوخيات، فلم يصفهن من خلقهن بهذا الوصف، ولم يخبر أنهن مفطورات على ذلك حتى نطلقه حكمًا عامًّا في جميع النساء، فدعنا من هذه النقطة.

 

على أية حال، نحن الآن أمام واقع يجب أن نتعامل معه، وما أسهل أن أقول لك: طلقها واسترح من هذا العناء ومن هذا الضغط العصبي الذي قد يؤدي بك في يوم من الأيام إلى إحدى عيادتين، إما عيادة القلب وإما عيادة الأمراض النفسية والعصبية، أو إلى ما هو أبعد من ذلك، ولكن الطلاق وما يترتب عليه من آثار وخراب للبيوت والنفوس غالبًا هو آخر الطرق، فهو بمثابة العلاج بالكَي أو البتر للعضو المصاب وهذا ما نحاول أن نتجنبه.

 

كما أني فهمت من رسالتك أن الشيكات والإيصالات التي وقعت عليها لأهل زوجتك إنما كانت لكي يخوفوك من عاقبة الطلاق؛ وأنهم سيطالبونك بها إذا تخلصت من ابنتهم، ويبدو أنهم كانوا يتوقعون هذه الأحداث، فهم أعرف بابنتهم.

 

لذا أخي أرى –تخلصًا من تأنيب الضمير مستقبلا ومن الندم، على أن تفعل هذا بنية صادقة وعزم على الإصلاح– أرى أن تجلس مع زوجتك جلسة في مكان هادئ، بعيدًا على المنزل، ليفرض عليكم هدوء المكان هدوء الحوار، وحاول أن تتحلى بالصبر وتَحكَّم في أعصابك، ولا تجعلها تفلت منك مع أول رد فعل غير مناسب منها، فأنت القائد وأنت القوَّام، وتحاول أن تقنعها بالبدء من جديد إن اتفقت معك على الرغبة في الاستمرار، واستثمار رصيد المشاعر التي ما زلتما تحتفظان بها بعضكما لبعض ومحاولة تنميته وزيادته.

 

قبل أن تخبرها بعيوبها وما يزعجك منها، أخبرها بمزاياها وما تحبه فيها، لا تقل لن أجد مزايا، تأكد أن لديها مزايا.

 

أيضا قبل أن تخبرها بعيوبها وما يزعجك منها، دعها هي أولاً تخبرك بعيوبك وما يزعجها منك.

 

واكتبا هذا كله وسجّلاه على الأوراق، وحاولا أن تنشئا جدولًا زمنيًّا ليتخلص كل منكما من عيوبه، وليعاهد كل طرف الآخر بأن يجتهد في ذلك، وفي إسعاد شريكه، وتحمل عيوبه حتى يتسنى له التخلص منها.

 

تزوجها من جديد أخي، وحاول أن ترى فيها البراءة التي رأيتها في لقائك الأول معها، وتعامل مع طفولتها –التي أعجبت بها سابقًا– بكل ما فيها من مزايا وعيوب، ضمها إلى صدرك، أشعرها بالحنان، ابتسم أمام عنادها وأخطائها.

 

قد يصعب هذا عليك، وقد لا تجد عندك دافعًا لفعله، وقد لا تتحمل نفسك القيام بهذه الأشياء، قد تحاول وتنجح، وقد تفشل، لكن عليك المحاولة.

 

يمكنك –لو لم يكن هذا الحل مناسبًا لك ووجدت كل الجسور بينكما مقطوعة– أن تلجأ للحل القرآني: (وإنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إن يُرِيدَا إصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) على أن يكون الحكمان من العقلاء الذين يُرجَى على أيديهم الصلح والحكم الصائب.

 

فإن لم يأتِ هذا كله بنتيجة على طريق الإصلاح، فساعتها يكون الطلاق هو الطريق الوحيد لراحتكما، والسبيل لمنع وقوع تداعيات خطيرة لاستمرار هذه العلاقة، وعليك في هذه الحالة أن تتحمل تبعات الطلاق كلها –النفسية والمالية– بشجاعة ودون شكوى، فكل امرئ بما كسب رهين، وعلى الإنسان أن يتحمل نتيجة أخطائه.

 

قم الآن، فصلِّ ركعتي قضاء الحاجة، وتوجه إلى الله -عز وجل- بالدعاء وسله التوفيق، ثم أعد قراءة جوابي مرة أخرى، وبعدها قرر.

 

أرجو لك التوفيق، وأدعو الله -عز وجل- أن يختار لك الخير لدينك ودنياك.