22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. عزة مختار
  • القسم : أسرية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 178
  • رقم الاستشارة : 1039
18/02/2025

استشارة أسرية: كيف أصلح ما أفسدته يداي؟ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا حسام، عندي 36 سنة، كنت شغال مدير مبيعات، ومتجوز عن حب واحدة تكبرني بسنتين، من عيلة غنية جدًا. بعد وفاة والدها، ورثت مبلغ كبير، لكنها قررت تسيب إدارة أملاكها لأخواتها، لأنها كانت واثقة فيهم. أنا بحكم خبرتي في التجارة والمبيعات، فكرت في استغلال جزء من ورثها في مشروع يكون مصدر دخل لينا كلنا، وده كان باقتراح من زميلي. لما طرحت الفكرة على مراتي، رفضت بشدة، وقالت إنها مش محتاجة أكتر من مصروفها، وإني أنا المسؤول عن مصاريفي ومصاريف الأولاد، وإنها ممكن تساعد بس لو في ظرف طارئ زي مرض أو قسط مدارس. بصراحة، ما اقتنعتش بكلامها، وزميلي فضّل يزنّ على دماغي، لحد ما بقيت مصرّ على رأيي، وبدأت أضغط عليها. ولما اشتكت لأبويا، فضل يوبخني، وقالي: "إنت طول عمرك طماع ومش قانع بعيشتك!"، لكني كنت شايف إني مش طماع، وإن كل اللي بفكر فيه هو تحسين مستوانا المعيشي. بعد ما حسّيت إني محشور في الزاوية، لجأت للضغط عليها بأساليب غلط—كنت أخرج من البيت لأيام، وأبطل أكلمها، لحد ما انهارت العلاقة تمامًا، وطلبت الخلع، وخدت الأولاد معاها. بعد الانفصال، هي فتحت مشروع خاص بيها، ونجحت نجاح كبير، ومستواها المادي بقى ممتاز، والأولاد عايشين معاها في استقرار. أما أنا، فحياتي اتدمرت—تدهورت نفسيتي، وتعبت صحيًا، وطُردت من شغلي، وبقيت مجرد شخص بيدفع نفقة لأولاده، من غير بيت أو أسرة تحتويه. حاولت أرجع لها، لكنها رفضت تمامًا. هي دلوقتي جربت حياة من غير مسؤولية رجل، وعجبتها العيشة دي. وأنا بصراحة تعبت من العزوبية، ومش قادر أفتح بيت جديد أو حتى أدفع مهر لو حبيت أتجوز تاني. السؤال دلوقتي: إزاي أقنعها إنها ست ضعيفة وتحتاج لراجل يسندها؟ الأولاد كمان محتاجين أبوهم، حد يكون معاهم ويعلمهم ويخاف عليهم. لكن هي مش مقتنعة بكلامي، ورافضة الرجوع لي تمامًا. حاجة كمان: أنا كل يوم بدعي على زميلي اللي كان السبب في خراب بيتي، هو اللي زنّ على دماغي وأثر عليا، وخلاني أخسر مراتي وأولادي. ساعات بدعي عليه بالعمى والفقر، وحتى إنه يطلق مراته عشان يحس باللي حسيت بيه! فهل الدعاء عليه يجوز، ولا المفروض أسيب الأمر لربنا؟ أتمنى تفيدوني، لأني حرفيًا ضايع ومش عارف أرجع لحياتي زي الأول.

الإجابة 18/02/2025

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز في سورة النساء: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته"، فأقول وبالله التوفيق:

 

أرحب بك أخي الكريم على صفحة استشارات بمجلة المجتمع في كل وقت...

 

- الحقيقة أن تلك هي المشكلة الأولى التي أعيد قراءتها مرات متعددة كي أستوعب كل كلمة بها، وكل مرحلة كيف كانت، وما الأثر الذي تركته على تلك الأسرة التي كانت آمنة مطمئنة، تلفها السعادة ويظلها الأمن والسعادة، حاولت التعاطف معك، لكني أُحملك جانبًا كبيرًا مما حدث بالرغم من أنك تحاول إلقاء معظم اللوم على صديق السوء الذي أفسد عليك بيتك، وأنا لا أُعفيه من المسئولية بالطبع، فهؤلاء كالشياطين يوسوسون للأبرياء لإفساد ما يستطيعون.

 

ومع ذلك فأحب أن أذكرك بأن الشيطان لا يقدر إلا على ضعاف النفوس، الذين يحملون الاستعداد على الفساد بطبيعتهم، فكنت أنت الضعيف الذي سمح لهذا البائس أن يتحكم به حين سمحت له منذ المرة الأولى أن يخوض في حديث يخص بيتك، ولو كان الأمر يبدو في ظاهره نصحًا، ظل يوسوس حتى خسرت زوجتك وأولادك وبيتك.

 

- بقراءة شكواك والتأمل بها وتحليلها وجدت أنك تريد العودة ليس ندمًا ورغبة في الإصلاح، بقدر ما هو محاولة لتعويض ما خسرته ماديًّا، بدليل أنك لا تحاول دعم زوجتك، وإنما تحاول إشعارها بالضعف، والحاجة إليك ولحمايتك ودعمك، وأنها بدونك سوف تخسر حتمًا، مع أن الواقع يثبت أنها بدونك قد قويت وحققت نجاحًا لم تكن تتصوره، هي ولا أنت، فأنت غير مخلص في دعواك لاستعادة بيتك، بينما أنت تريد استعادة نفوذ ووضع لم تحققه إلا معها.

 

- لتعلم أنه لم يكن من حقك من الأساس أن تطلب منها تشغيل جزء من مالها الخاص، وامتناعها عن ذلك حقها الكامل، وعملها في مالها أو تفويضها إخوتها هو حقها الكامل، وهي كانت كريمة معك لأقصى درجة، حين قالت إنها من الممكن أن تساعد في مصاريف المدارس أو الأطباء، أي في الحالات الطارئة، وذلك فضل منها وتكرم.

 

- كان عليك أنت أن تجتهد في عملك الذي كنت فيه ناجحًا، وأن تحقق نجاحات تعينك على فتح مشروعك الخاص من مالك الخاص، وأعتقد أنك لو كنت فعلت، لكانت دعمتك بمالها وجهدها، لكنها شعرت منك بالطمع، خاصة مع خضوعك لنصائح صاحبك بالإلحاح عليها، والضغط عليها بوسائل أقل ما يقال عنها إنها رخيصة، فخافت منك، وزهدتك، وسقطت من نظرها.

 

والآن إلى الحل العملي الذي لا تملك غيره إذا كنت صادقًا في الرغبة في الإصلاح، والإصلاح الذي أقصده هو إصلاح ما بين ربك، وإصلاح ما بينك وبين ذاتك:

 

أولاً: عليك أن تلغي من تفكيرك أنها يمكن أن تعود خاصة بالحال الذي أنت عليه، هي فقدت الثقة بك وهذا حقها، وأنت ما زلت على ما أنت عليه.

 

ثانيًا: عليك أن تتغير بشكل كلي، تعود للإنسان الذي أحب زوجته وبيته وأبناءه قبل أن يدخل عليه مالها الخاص، فطمع فيما ليس من حقه، وأفسد عليه نفسه.

 

ثالثًا: عليك أن تستعيد احترامك لذاتك، فلن تكسب احترام الآخرين ما لم تكن أنت محترمًا في ذاتك، معتمدًا على نفسك في التكسب والعيش الكريم.

 

رابعًا: بدلاً من محاولة إشعارها بالضعف والحاجة إليك (وهو غير حقيقي وينم عن سوء نوايا وخبث في النفس)، اعمل على تقوية نفسك، ابحث عن عمل ملائم من جديد، واستخدم خبراتك القديمة وقد كنت شخصًا ناجحًا.

 

خامسًا: هي لن تفكر فيك مطلقًا ما لم تكن تراك ناجحًا، ثم ناجحًا، ثم ناجحًا، ومع كل إلحاح منك عليها، سوف يبعدها عنك أكثر؛ لأنها ستشعر أكثر بطمعك وابتزازك العاطفي من ناحية الأبناء.

 

سادسًا: الناس إن تعاطفت مع الضعيف، لكنها في حقيقة الأمر لا تحترمه، خاصة الزوجة، أو الطليقة كما في حالتنا، لذلك، فربما إذا وجدتك (مستغنيًا)، (غنيًّا)، (ناجحًا) ربما يحن قلبها لك، وتدرك أهمية وجود أب ناجح بين أبنائها وأبنائك، ربما تعلم أن وجودك معهم في صالحهم، أما في وضعك هذا، فهي ترى وجودك خطرًا عليهم، وعليها.

 

سابعًا: لا تقل إنك انتهيت، وإنه لا يوجد فرصة أخرى، فوضعك بالنسبة لها مصدر ريبة، يجعلها تفر منك أكثر، سوق العمل مفتوح، ومن نجح مرة فيمكن أن ينجح مرات، ومن تعثر مرة فعليه أن يعيد الكرة مرات، ابحث عن عمل وضاعف جهدك وأعمل عقلك وتوكل وأخلص نيتك وأصلح نفسك، فإن الله عز وجل قال في سورة الرعد: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وأنت غير نادم على فعلك، بل نادم على الخير الذي فاتك، انجح واسع إليها، وإن رفضت، افتح بيتًا جديدًا، لكن، عليك أن تنجح أولاً.

 

وأما ما يخص الدعاء على صاحبك الذي وسوس إليك، فلا تنس أنك كنت أرضًا خصبة لبذرة فاسدة، أنت من تلقيت السوء ورضيته، وبدلاً من أن تشغل نفسك بالدعاء عليه، اشغل نفسك بالدعاء لنفسك أن يصلحها الله لك، ادعه أن يصلح لك شأنك كله وألح عليه في الدعاء، فالقلوب بين يديه، والأرزاق هو كفيلها، أصلح الله لك حالك، وأعاد إليك رشدك وصوابك، إنه ولي ذلك وهو عليه وكيل.