22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. عزة مختار
  • القسم : أسرية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 82
  • رقم الاستشارة : 1005
17/02/2025

أنا شابة في مقتبل العمر، وأحاول دايمًا أكرم نفسي وأختار لها الأفضل بكل شيء، سواء بعلاقاتي، أو قراراتي، أو حتى بمستقبلي. مؤخرًا، تقدم لي شخص بطلب زواج مسيار، وعم بحاول أقنع نفسي إنه ممكن يكون حل مناسب لوضعي، بس بنفس الوقت حاسة إنه خيار ما بناسبني ولا بعكس قيمي وطموحاتي. كيف الواحد ممكن يوازن بين الواقع والرغبة بإنه يكرم نفسه؟ وكيف أعرف إذا أنا فعلاً باتخذ القرار الصح، ولا عم أجبر حالي على شيء رح أندم عليه؟

الإجابة 17/02/2025

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو القائل في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وهو القائل في حديث للبخاري: "يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ".

 

فأهلا ومرحبا بك حبيبتي على صفحة استشارات المجتمع، وأحييك على اعتزازك بنفسك التي خلقها الله عز وجل بيده وكرمها على سائر خلقه، داعين المولى أن يزيدك تكريمًا ورفعة واستقرارًا، أقول وبالله التوفيق:

 

لست أعلم حقيقة ظروفك (لم تذكريها) التي تدفعك لقبول زواج المسيار أو أي زواج آخر غير الزواج المعروف عند جمهور المسلمين، من الإعلان وضمان كافة الحقوق الأساسية للزوجة بالولي والشهود والإعلان والنفقة والسكن وما إلى ذلك من حقوق الزوجية، خاصة أن الزواج هو قرار مصيري ينبني عليه شكل الحياة المقبلة وما تبقى من العمر، ولذلك فهو قرار يجب التريث فيه ودراسة كافة جوانبه والقناعة التامة بصلاحية الشخص المختار للزواج، ويؤثر بشكل مباشر على مجرى حياتك بصورة كاملة.

 

ونحن نريد هنا تحقيق التوازن بين رغبتك في الحفاظ على كرامتك ووضع نفسك مكانتها التي ترين أنها تليق بها، وبين حاجتك للزواج ولو كان مسيارًا، نبدأ أولا بتوضيح رأي العلماء في مشروعية زواج المسيار إذا كانت هناك ضرورة ما تدعو إليه.

 

ـــــ زواج المسيار هو زواج مستوفي الشروط والأركان، ولكن تتنازل الزوجة فيه عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والمبيت عندها وهو جائز ولا حرج فيه، إذا اتفق الزوجان على إسقاط بعض هذه الحقوق من المبيت والنفقة ونحو ذلك ثم أرادت الزوجة التراجع والمطالبة بهذه الحقوق مستقبلاً، فهذا مما اختلف فيه أهل العلم فذهب جمهورهم إلى أنه يجوز لها أن تتراجع عن هذا الاتفاق وتطالب بحقوقها مستقبلا ويلزم الزوج أن يوفيها حقوقها حينئذ، وذهب فريق آخر إلى أنه لا يجوز لها ذلك.

 

ـــ وبناء على تلك الفتوى يمكنك أن تتزوجي بتلك الطريقة إذا حتمت عليكِ ظروفك تلك الزيجة، مع العلم أن حقوقك فيها مهدرة بموجب موافقتك عليها.

 

ولكن رأيي يا ابنتي أن ذلك الزواج هو زواج استثنائي لأوضاع خاصة، أحله الإسلام تيسيرًا على البعض الذين تتعذر ظروفهم في العيش في ظروف طبيعية، تعامل معكِ الدين على أنكِ إنسانة كاملة الأهلية، تتمسكين بحقوقك أو تتنازلين عنها إذا كنتِ قادرة على الإنفاق على نفسك، أو كنتِ قادرة على الاستغناء عن مبيته في بيت يوفره هو تستقرين به وتعيشين في حمايته وستره، تروحين وتجيئين بين الناس تحت ظل اسمه، فراجعي نفسك إن لم تكوني قادرة على تلك الحياة بصورتها المنقوصة، (والاستثنائية جدًّا).

 

ــ أنتِ تعتزين بنفسك وقيمتك الإنسانية، فلِم القبول بوضع يضعها أقل من قيمتها؟ بالتأكيد هناك فرص أفضل (وليتك ذكرت تفاصيل ظروفك لنعلم حجم احتياجك واضطرارك لزواج المسيار).

 

ــ الضغوط التي دفعتك اليوم للتفكير في القبول ربما تتغير غدا، وأنت أعلم بمدى بقائها أو احتمالية زوالها، ففكري خارج إطار القيود، أو في إمكانية حلها، وفي هذه الحالة سوف ترفضين حتمًا، مهما كان العرض مغريا.

 

ـــ قبل التفكير في القبول، فكري في العواقب المحتملة والتي يمكن أن تترتب على هذا الزواج وتأثيره على حياتك، ومدى استعدادك لتحمل تلك العواقب.

 

ـــ استفتِي قلبك، ومشاعرك، وحدسك، وفي حال شعورك بعدم الارتياح تراجعي عن قرارك.

 

ـــ انظري في تجارب الناس من حولك وتعلمي منها، فرغم أن لكل إنسان خصوصيته وظروفه الخاصة، فإن التجارب السابقة بنتائجها سوف تخبرك أي اتجاه سوف تسلكين.

 

ـــ عليك بالاستخارة الشرعية التي سنها الله عز وجل في مثل تلك الأمور، وهي أن تصلي ركعتين ثم تدعي بدعاء الاستخارة "اللهم إني أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، فإن كان هذا الأمر (وتذكرينه) خيرًا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي وسخره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كان هذا الأمر شرًا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، ثم اقدر الخير لي حيث كان)، وادعي ربك أن يهيئ لك الخير، وأن يختار لك.

 

ـــ ثقي بنفسك، وقدراتك على اتخاذ القرار، وأنك تستحقين الأفضل دائما، وأنك غير مجبرة على اختيار الأدنى إلا في ظروف قاسية أنت نفسك تقفين عاجزة أمامها، بمعنى أنك غير مضطرة لقبوله لمجرد إرضائه هو.

 

وفقك الله حبيبتي لما فيه الخير لكِ، وما فيه إرضاؤه سبحانه، وأسعدك وجبر قلبك وهداكِ إلى سواء السبيل.