الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
213 - رقم الاستشارة : 812
27/01/2025
لدي مشكلة تؤرق علي حياتي واشعر بسببها بتعاسة كبيرة.. أنا سيدة مسنة اقترب من السبعين تكالبت علي الأمراض وأتحرك بصعوبة وأنا راضية بما قسمه الله لي واسأله حسن الخاتمة مشكلتي في الحياة متمثلة في ابني الأكبر الذي وصل لمنتصف الثلاثين(أنجبت أولادي في سن متأخر) فولدي مصاب بمرض التصلب المتعدد وقد أثر ذلك على حركته فأصابه العرج وأيضا يديه ترتعش وقد لا يجيد التمسك بالأشياء لكن حالته بوجه عام مستقرة ولديه عمله الذي يذهب إليه يوميا وقد ترك له والده رحمه الله مقدار معقول من المال.. سعيت لزواج ابني في المرة الأولى من فتاة فقيرة تعليمها متوسط وظروفها الاجتماعية سيئة لكنها على قدر من الجمال وكنت لها أفضل من أم لأعوضها عن ظروفها وعاشت الفتاة في مستوى لم تكن تحلم به إلا أنها تمردت على ابني وكانت تعنفه وتهينه وتتهمه بعدم الرجولة (رغم أنه ليس عاجز من الناحية الجنسية) وبعد مشكلات عنيفة طلقها وأعطاها كل حقوقها الشرعية.. لم أتدخل في زيجته الثانية واختار هذه المرة فتاة جامعية حسناء مريضة بنفس المرض ولكن لا يظهر عليها أي أعراض فاستبشرت وقلت أنها ستتفهم طبيعة مرضه ولكنها كانت فتاة مدللة جدا وكأنها قبلت بابني حتى يقضيا الحياة في الخروج والنزهات وتناول الطعام الجاهز واشتدت المشاكل خاصة عندما كانت تخرج دون أن تستأذن منه وابني شديد الغيرة وانتهى الأمر بالطلاق وحصولها على حقوقها الشرعية مما كلف ابني قدرا كبيرا من ثروته ولم يتبق له إلا القليل.. سأكون صريحة معك يا سيدتي فابني شخصية عصبية حادة الطباع وأنا أخدم نفسي بصعوبة وغير قادرة على خدمته ولست أدري كيف ستمضي حياته وقد تزوج إخوته واستقل كل منهم بنفسه.. هل أسعى لتزويجه مرة ثالثة وما أدراني أنها ستكون زيجة ناجحة ولا يتكرر مسلسل الفشل وينتهى ما تبقى معه من مال؟ هل من نصيحة؟
أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك سيدتي على صفحة استشارات المجتمع.. في البداية أسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفيك وولدك ويمتعكما بالصحة والعافية إنه هو الشافي، وأدعوك للتوكل عليه فهو أرحم الراحمين، فهوني على نفسك.. أدرك شعورك كأم تعاني القلق على ولدها وتريد أن تطمئن عليه خاصة مع ظروف مرضه، ولكن مشاعر القلق إذا زادت تجعلنا نقع بين شقي الرحى، التعجل وأخذ قرار متسرع ينتهي غالبًا بالفشل أو نقع في فخ اليأس والقنوط، فحاولي أن تهدئي حتى نستطيع الأخذ بالأسباب.
ابنك يا سيدتي بحاجة لزوجة من طراز خاص وبحاجة للبحث والسؤال المتأني، فيجب أن تكون على علم بطبيعة مرض الابن واحتمالات تطور حالته في المستقبل (دون مبالغة)، ويجب أن تدرك أن جزءًا من واجباتها ستكون رعايته على نحو ما.. أيضا يجب أن تعلم حقيقة وضعه المادي فلا يتم تقديم وعود زائفة وردية لها أنها ستعيش حياة مادية مترفة كمقابل لقبولها بالزواج من رجل مريض، ثم تفاجأ بحياة عادية فيحدث التمرد والمشاكل كما حدث مع الزيجة الثانية بل وربما الأولى أيضا.
بالإضافة طبعًا أن تعرف أنه وإن كان لا يعاني من العجز الجنسي إلا أنه ليس في كامل قدراته كأي رجل طبيعي، وهذا جزء كبير من سبب مشاكله مع الزوجة الأولى التي اتهمته بعدم الرجولة وتعاملت معه بانتقاص...
انتبهي يا سيدتي أن هناك احتمالا أن شدة غيرته قد تكون غطاء يعبر به عن مشاعر نقص تعتريه بسبب هذا الأمر.. أعلم أنه حديث مؤلم ولكن لا بد من الصراحة في مثل هذه الأمور...
وبمناسبة الصراحة فلا بد أن تجري حديثًا صريحًا مع ابنك فطبعه الحاد مما يزيد من صعوبة الأمر واحتمال فشل الزواج، وهو قد يأسر المرأة بطبعه اللين الحليم أكثر بكثير من إغداقه المال عليها، فإذا كان يريد الزواج والاستقرار (ولا بد بالفعل أن تكون هذه هي رغبته الشخصية) فعليه أن يعمل على تدريب نفسه على خلق الحلم والهدوء وهو أمر ممكن لو أراد.
يا سيدتي الكريمة هناك ثمن لا بد من دفعه لكل خيار من خيارتنا في الحياة أو فلنقل شيء مقابل شيء، فهذا الصحابي جابر بن عبد الله يتزوج بامرأة ثيب سبق لها الزواج بينما هو يتزوج للمرة الأولى.. لماذا؟ لأنه يريد امرأة ترعى أخواته البنات السبعة وتقوم على أمورهن (عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات فتزوجت امرأة ثيبًا، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: تزوجت يا جابر؟ فقلت: نعم. فقال بكرًا أم ثيبًا؟ قلت بل ثيبًا. قال: فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك؟ قال: فقلت له إن عبد الله هلك وترك بنات وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن. فقال: بارك الله لك أو قال خيرًا) رواه البخاري.
فهذه نظرة واقعية للأمور أقرها النبي صلى الله عليه وسلم، وأنت تريدين زوجة لابنك ترعاه خاصة حين تهاجمه إحدى نوبات المرض وتتغاضى عن عيوبه الجسدية ولا تنتقص منه، فما هو المقابل الذي تحصل عليه؟ المال وحده لا يكفي خاصة أنه أنفق الكثير بالفعل في زيجتيه السابقتين.. أنت بحاجة لامرأة لديها ظروف خاصة تجد في هذا الزواج الاستقرار والأمان.. على سبيل المثال امرأة أرملة لديها طفل ليس لها غاية من الحياة إلا أن تربيه وظروفها المادية لا تسمح لها بالعيش معه حياة كريمة، بشرط أن تكون امرأة ذات خلق ودين تتقي الله عز وجل وتعرف حق الزوج، ويكفي أن تكون ملامحها مقبولة بالنسبة له.. كما ينبغي أن يتقي الله ابنك فيها ويحسن عشرتها، ولا ينبغي لأحد منهما أن يعير الآخر بظروفه أو يمتن عليه؛ فمراعاة المشاعر أهم الأمور التي تساعد على إنجاح الزواج.
وبعد استخارة الله عز وجل لا بد من فترة كافية من الخطبة يتم فيها التعارف على الطباع الشخصية، ويبقى أن الزواج رزق من الله عز وجل، ونحن نستجلب الرزق بالصدقة وكثرة الاستغفار.. أسعد الله قلبك وأقر عينك بزواج ابنك وذريته وحفظه لك، وتابعينا بأخبارك.