23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 16/01/2025

أنا يا سيدتي فتاة في الثامنة والعشرين من عمري على قدر كبير جدا من الجمال وأرتدي الحجاب الشرعي منذ سنوات طويلة مضت.. نحن عائلة ملتزمة مكونة من أربع فتيات نسكن في أحد التجمعات السكنية الراقية.. تزوجت الكبرى من زميل لها في العمل وهو أقل منها التزاما بكثير حتى أنه أثر عليها وقلل من التزامها وتزوجت الفتاة التي تليها من رجل تقدم لها عن طريق زوج صديقتها وهو رجل له أصول ريفية بسيطة وحياتهم تفتقد التناغم بشكل عام رغم أنه على قدر من الدين والخلق وبقيت أنا وشقيقتي الصغرى التي تصغرني بعام واحد نعاني من شح الخطاب بل انعدامهم (فحتى الأختان اللتان تزوجتا كان الزوج هو أول من تقدم لهم ألم أقل لك إنني نعاني من شح الخطاب) قامت أختي الصغيرة بخلع الحجاب وأصبحت ترتدي ملابس غير لائقة وتتعمد العمل في أماكن مليئة بالاختلاط حتى تقتنص زوجا كما تقول وعلى الرغم من أني أنكر سلوكها حد الشجار أحيانا إلا أن كلامها يجد صدى في نفسي وأنا خائفة أن أسير على نفس الطريق الذي سارت هي فيه خاصة أنها بدأت تحكي لها أنها تحظى ببعض المعجبين بها .. أنا أعرف إنني أفكر بطريقة خاطئة ولكنني خائفة جدا ما هي نصيحتك؟

الإجابة 16/01/2025

ابنتي الحبيبة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على صفحة استشارات المجتمع...

هل أبدأ معك من كلماتك الأخيرة أنك خائفة؛ فخوفك أكبر دليل على ضميرك اليقظ، والإنسان المؤمن دائمًا ما يكون على حذر، حتى إن الفاروق عمر كان يسأل حذيفة (وكان النبي قد أخبره بأسماء المنافقين) هل هو منهم؟ أي المنافقين.. ما أقصده أن خوفك مشروع جدَّا وأنت ترين أختك الصغيرة تنزلق إلى مزالق الفتن وأن بوابة الفتنة مشتركة بينكما، بوابة تأخر الزواج، وأنا أريد أن تقومي بعمل تحويل لهذا الخوف وتجعليه دافعًا لك للتحفيز للبعد عن الفتن.

من الواضح أن سكنكم في التجمع السكني الراقي جعل علاقتكم محدودة ربما بحكم العلاقات في هذا المكان بوجه عام، وربما لكونكم أنتم كأسرة تميلون لشيء من الانغلاق وعلى الرغم من ذلك تزوجت أختاك الكبيرتان...

أنت تقولين أنهما تزوجتا من الخاطب الأول وكأنك ترينه عيبًا وربما هي ميزة؛ فكثرة الخطاب غير المناسبين ليس ميزة، بل وإذا كان الرفض من الخاطب فربما يؤثر هذا في نفسية الفتاة.. المقصد أنه على الرغم من أنكم تنتمون لأسرة ذات علاقات اجتماعية ضيقة فإنه بالفعل تزوجت الأختان بسهولة.

أعرف أنك توقنين أن الزواج رزق مثله مثل المال والصحة وغير ذلك من النعم التي ينعم الله بها على الإنسان والرزق نطلبه بالدعاء؛ فأكثري من قول "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك"، قوليها وأنت موقنة بالاستجابة.

وأكثري من الاستغفار فهو جالب للرزق ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ (نوح: 10- 12)، حتى إنهم كانوا يستسقون ويطلبون المطر بالاستغفار فقط.. أوصيك أن تستغفري الله ألف مرة كل يوم بنية أن يرزقك الله زوجًا صالحًا، وكان ابن تيمية يقول: والله إن المسألة تُغلق في وجهي فأستغفر الله ألف مرة فتُفتح لي.. فقط افعلي ذلك بيقين.

نأتي للأسباب، أختك الكبرى تزوجت زميلها في العمل والتي تليها تزوجت رجلاً من طرف صديقتها؛ فأنت يجب أن تشاركي في المجتمعات (ولكن ليس على طريقة أختك الصغيرة بالطبع)، ابحثي عن عمل مناسب لك ولحجابك إن كنت لا تعملين ليس من أجل اصطياد زوج فقد يكون العمل نسائيًّا كله، ولكن للمشاركة في المجتمع.. قومي بصناعة علاقات جديدة.. شاركي في أنشطة تطوعية خاصة بمجال تحبينه.. شاركي في المناسبات الاجتماعية...

اهتمي بمظهر عصري لحجابك (يستوفي كل الشروط الشرعية) وليس في ذلك ما يعيب؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول عن أسامة: (أما واللهِ لو كان أسامةُ جاريةً حَلَّيتُها وزَيَّنتُها حتى أُنَفِّقَها)، أي لو كان فتاة لجعلتها ترتدي ملابس أنيقة وحليًّا حتى يقبل عليها الخاطبون.

وأخيرًا، فلا بد من الصبر والانشغال عن أمر الزواج بأنشطة تحبينها أو علم تريدين اكتسابه حتى تحين اللحظة؛ لأن الانتظار يجعلنا في حالة من التوتر والقلق، ويجعلنا نشعر أن الوقت يمر ببطء، ولا تستحسري الدعاء أبدًا فتنقطعين عنه فإنما النصر صبر ساعة.

أريد أن أهمس في أذنك بأن عليك واجبًا نحو أختك؛ فلا تيأسي منها فاليأس هو ما دفعها لهذا السلوك، فلا تنسيها من دعائك، وادعي لها مثلك بظهر الغيب، واسألي الله أن يحفظك ويحفظها ويردها إليه ردًّا جميلاً.. لا تعنفيها أو تسخري منها، كوني لينة قريبة منها.

وأخيرًا، أريد أن أقول لك إنه لا يوجد زوج كامل المواصفات حتى لا تحلمي بالأوهام فأزواج شقيقاتك أشخاص طبيعيون للغاية، وأنت ذكرت عيوبهم، وبالتأكيد لديهم مميزات قد تعرفينها وقد تجهلينها، فعندما يأتيك خاطب (قريبًا جدًّا بمشيئة الرحمن) وأنت صاحبة الخلق والمال والجمال، فلا تطلبي الكمال فيه أو تدققي في العيوب، بل سددي وقاربي والله معك، وتابعيني بأخبارك.