الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
784 - رقم الاستشارة : 683
13/01/2025
نكدية عنيدة ومستهترة.. هل أطلقها؟ أنا يا سيدتي رجل متزوج منذ أكثر من عشر سنوات أنجبت فيها ثلاثة من الأبناء.. مشكلتي قد ترينها متكررة لكنها تؤرق علي حياتي فزوجتي تعشق النكد والمشاكل دائمة الكآبة والحزن ولا تستمع لكلامي مطلقا وصوتها دائما مرتفع.. شديدة الإهمال في نفسها فلقد زادت أكثر من 40 كيلو في هذه السنوات العشر لا تهتم إلا بالطهي والتنظيف ومتابعة الأطفال وتتجاهل حقوقي كزوج أو تتعامل معها كمهمة ثقيلة وتتحداني وتقول لي: تزوج علي أنا لن أتغير وهي تعلم أن ظروفي المادية لا تسمح بالزواج الثاني وأنا أصبحت مدمن مشاهدة مواد إباحية وأسخر من نفسي عندما أقارن ما أشاهده بما أعيشه وأخشى أن أتجاوز حدود المشاهدة وأقع في الحرام الذي أصبح سهلا يسيرا وفي متناول يدي.. أحيانا أفكر في طلاقها ولكني أتراجع بسبب الأولاد فماذا أفعل؟
ملخص الرد:
إهمال الزوجة ليس مبررًا للوقوع في الحرام، ولا بد من استغلال الأوقات المباركة للإقلاع عن هذه الذنوب.. تخفيف الضغوط عن الزوجة ومنحها بعض الكلمات الداعمة واللطيفة يساعدها على الإصلاح ولكن مع توقع نتائج واقعية لهذا الإصلاح، فلا وجه لمقارنة زوجة لها ثلاثة أطفال بالنساء المحترفات في صناعة المحتوى الإباحي.
الإجابة:
أهلا ومرحبا بك أخي الكريم على صفحة استشارت المجتمع، يبدو لي من سطور رسالتك أنك تخشى الله عز وجل وأنك لا ترضى بما تقوم به من مشاهدة مواد إباحية وتخشى من تطور الأمر معك ومن ثم وقوعك في الكبائر، فأنت تمتلك نفسًا لوامة تؤرق عليك ما تعيشه بالفعل وتدفعك للبحث عن حل يخفف من شعورك بالحرمان سواء كان الزواج الثاني أو الطلاق ولكنها حلول لا تناسب واقعك.
المقصد أنني أرى في شخصيتك خيرًا كثيرًا ورغبة حقيقية في الإقلاع عن الذنوب والبحث عن حل حلال لما تعانيه...
والآن دعنا نستعذ بالله من الشيطان الرجيم (أرجو أن تستعيذ بصوت مرتفع نسبيًّا وأنت تقرأ رسالتي) فالشيطان يعبث بالإعدادات المعرفية للإنسان فيقدم له الواقع بصورة مغايرة عن طريق المبالغة وتسليط الضوء على بعض أجزائه وتجاهل أجزاء أخرى فيتم تغيير الواقع أو تشويهه ويمنح الإنسان المبررات والأعذار لسلوكياته الخاطئة والمنحرفة، ويرى ذاته واحتياجاته بصورة متضخمة ويلغي تفكيره في الطرف الآخر...
أنت شرحت مشكلتك ومعاناتك وهذا حقك بالطبع، وسنحاول البحث عن حل يرضيك، ولكن دعنا نفكر قليلا في زوجتك ونضع نفسنا مكانها على الأقل حتى نتفهم دوافعها فربما يكون الفهم مفتاحًا ومدخلاً للتغيير...
دعني أبدأ من قولها "أنا لن أتغير تزوج مرة أخرى" وأسألك هل توجد زوجة طبيعية على وجه هذه الأرض تريد لزوجها أن يتزوج عليها؟ أنا أقول لك بكل ثقة لا يوجد لن تطلب زوجة من زوجها هذا الطلب إلا إذا كانت تكرهه وترفضه وهي لا تكرهك، أو لسبب قهري كمرض أصابها، أو عدم إنجاب فتطلب ذلك حبًّا وإيثارا لزوجها وهو أيضًا غير متحقق في حالتك أو تقول ذلك من شدة الضغوط والإحباط الذي أوصلها لمرحلة اليأس وهو ما تعانيه زوجتك بينما الشيطان ترجم قولها لك إنه عناد لك واستهتار بمشاعرك... الضغوط والإحباط يا سيدي هو مفتاح بوابة الجحيم الذي تعيشه زوجتك ولا أبالغ هل تدري لماذا زادت زوجتك أربعين كيلوجرامًا في عشر سنوات؟ أحد أهم الأسباب وراء ذلك هو الضغوط والإحباط فاستسلمت لإدمان الطعام والأكل العاطفي...
إنها يا أخي الكريمة جائعة للحب والحنان والاحتواء والاهتمام والتقدير والدعم وعندما لا تجد هذا كله تأكل الطعام كبديل، إنها حالة منتشرة بين كثير من النساء، حتى أن الأطباء النفسيين كتبوا فيها مؤلفات.. وبدلا من منحها ما تحتاجه تأتي أنت وتسخر منها وتنتقدها وتعنفها لأنها لا تراعيك فتتجه للمزيد من الطعام وهكذا في دائرة جهنمية لا بد من كسرها وأنت الرجل القوام من يملك زمام المبادرة.
قد تقول لي كتبت أبحث عن حل لما أعاني منه من حرمان فحدثتني عن مشاعر الحرمان التي تعيشها زوجتي.. أقول لك الأمران مرتبطان؛ فكل منكما يؤثر على الآخر فهل تنتظر من امرأة تشعر بالحرمان أن يكون لها القدرة على العطاء، أحدكما لا بد له من كسر الدائرة (وأُحضرت الأنفس الشح)، لكن أريدك أنت أن تبدأ بالخطوة الأولى لأنك من بادرت بالكتابة للبحث عن حل لمشكلتك ولأنك الرجل من يملك زمام المبادرة وبشكل نفعي لأنك أنت من سيحل عليه النفع والفائدة.
عليك قبل أي شيء أن تتخذ قرارًا حازمًا لا رجعة فيه بعدم مشاهدة المواد الإباحية، وها نحن في شهر الله المحرم رجب وعما قليل يقبل علينا رمضان بنفحاته؛ لذا وجب عليك الإقلاع عن هذا الذنب الذي هو أكبر خطوات الشيطان التي تقربك من الفاحشة، ومهما كانت زوجتك مخطئة فهذا ليس مبررًا تقوله لرب العالمين.. ابتعد عن كل المثيرات التي تشجعك على الوقوع في هذا الفخ لو أمكنك فهناك برامج تمنع ظهور المواد الإباحية على الهاتف أو ابحث عن مضامين دينية حتى يتغير المحتوى المقترح عليك.. اخرج للمشي والتريض أو اذهب لصلة الألعاب.. اشترك في مقرأة إلكترونية أو حقيقية.
اندمج قليلاً مع زوجتك في إدارة البيت والأولاد.. اذهب أنت للتسوق.. حاول تدريس الأولاد الأكبر سنًّا قد تقول لا أمتلك الصبر، أقول تدرب عليه فلكل شيء في الحياة ثمن، وإذا أردنا من زوجتك أن تتغير فلا بد تقديم بعض الدعم الذي يرفع بعض الضغوط من على كاهلها.. فكِّر بشكل عملي في الأمور التي تستطيع القيام بها وتخفف بعض الضغط عن زوجتك.. افعل هذا بحب ودون مَنٍّ أو أذى وسيصلها شعورك وستصلها رسالتك.
من الأمور بالغة الأهمية أن نكون واقعيين فيما نطمح إليه وليس من الواقعية في شيء مقارنة زوجتك بالنساء اللاتي كنت تشاهدهن في المواقع الإباحية؛ فهؤلاء النساء جزء صغير من تجارة منظمة متكاملة بمليارات الدولارات، هؤلاء النساء ليس لهم هدف أو غاية من الحياة إلا الجسد.. يخضعن لتدريبات معينة إضاءات معينة تصوير بزوايا خاصة وربما بعض الخداع ببرامج الذكاء الاصطناعي؛ فمن غير الحكمة ومن غير العدل أن يتم مقارنة امرأة طبيعية أم لثلاثة أطفال بهذه الأجساد المصطنعة.. يمكنك أن تقارنها بما كانت عليه في بداية زواجكم فهذا أكثر منطقية مع عدم إغفال تجربة الحمل والولادة على المرأة، فأنت إن كان معك المال وذهبت تتلمس الزواج الثاني لن تجد مثل هؤلاء النساء في المواد الإباحية وسيحدث حمل وولادة وإن سلكت نفس السلوك غالبًا فستجد نفس النتيجة.
من الواقعية أن نبحث عن حل تدريجي فزوجتك بوضعها الحالي إن قمت بدعمها وتقليل الضغوط التي تتعرض لها وتحدثت معها دون سخرية أو نقد فسنجد أن النكد قد زال وستتلألأ الابتسامة على وجهها ولن تشعر أن علاقتها الخاصة بك مجرد مهمة ثقيلة وهذه بداية مبشرة جدًّا.
إن منحتها الحب والأمان غير المشروط فستقل حاجتها للأكل العاطفي ويمكنها بسهولة فقدان عشرة كيلوجرامات في بضعة شهور، وهذه نتيجة ستلمس أثرها وستشجعها للمزيد، وأنت أيضا شجعها، حاول أن تحدثها عما تحتاجه هي؛ فهي بحاجة لتخفيف الوزن من أجل صحتها أولا.. عبِّر لها عن قلقك عليها وليس غضبك منها.
وأخيرًا ففكرة الطلاق غير حكيمة بالتأكيد فأنت لا تملك ما تدفعه للزواج الثاني وإلا كنت تزوجت دون طلاق فلا يوجد أي جدوى من وراء هذه الفكرة التي يطرحها الشيطان.. الجدوى الحقيقية أن تساعد زوجتك للخروج من دائرة الضغوط والإحباط فتحظى بحياة دافئة مشبعة.. أسعد الله قلبك ووافينا بأخبارك.