الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
9 - رقم الاستشارة : 1058
20/02/2025
السلام عليكم أنا سيدة متزوجة من ثلاث سنوات مشكلتي الاساسية مع زوجي هي تنظيف المنزل وترتيبه فزوجي شديد الاهتمام بكل التفاصيل ورغم ذلك لا يساعدني ولدي طفل صغير دائم الصراخ وانا تربيت في بيت أهم شيء فيه التعليم ولم امتلك مهارات التنظيف او الترتيب او حتى طهي الطعام فطعامي سيء المذاق بينما والدة زوجي وأخواته البنات طعامهم مميز جدا فما العمل
وعليكم السلام ورحمة الله ابنتي الحبيبة وأهلا وسهلا ومرحبا بك في البوابة الالكترونية للاستشارات..
غاليتي، أنت تربيت في بيت أهم شيء فيه التعليم، والتعليم بنيتي لا يعني مقررات دراسية يتم حفظها والاختبار فيها فهذا مفهوم قاصر جدًّا للتعليم كقصر مفهوم الذكاء على الذكاء اللغوي والرياضي، فكما أن الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي أصبحا الآن من أهم ميادين الذكاء التي يتم بحثها، فالتعليم أيضا حبيبتي اتسع مفهومه ليشمل كافة ميادين الحياة حتى أصبحت مهارة التعلم الذاتي من أهم المهارات التي يجب اكتسابها.
وأنا أخاطب فيك عقل الطالبة النابهة التي أحبت التعليم، والمطلوب منها الآن كي تستقر حياتها أن تتعلم وتتقن بعض المهارات العملية التي لا تقل في قيمتها عن دراسة الطب أو العلوم، وهي أقرب ما تكون لمجالات السياحة والفندقة ونحو ذلك.. أريدك أن تعتبري نفسك في مهمة دراسية أفلا تستطيعين فعلها؟
بلى حبيبتي، طالما الإنسان يعيش هذه الحياة فبإمكانه تعلم مهارات جديدة، والآن سأذكر لك بعض المهارات المساعدة وكيف يمكن لك اكتسابها.. أهم شيء ألا تخذلي نفسك وتقولي لا أستطيع.. ابنتي آمني بقدراتك التي وهبها لك الخالق وسوف تكتشفين أنك تستطيعين القيام بالكثير والكثير دعينا نبدأ.
إدارة الوقت
لن أتحدث طويلاً عن أهمية الوقت وأهمية إدارته فلا شك أنك تعلمين ذلك.. مشكلتك الآن في وجود طفل صغير ليس له مواعيد ثابتة في النوم والاستيقاظ، ولست أدري بالضبط عمر طفلك وإن كنت أخمن من مدة زواجك إنه تجاوز العام، والحقيقة أننا يمكن أن ننظم نوم الطفل من عمر ستة شهور، وكل ما عليك أن تصنعي له روتينًا ثابتًا بأن تجعلي الإضاءة خافتة قبل النوم بفترة، إشارةً إلى أن موعد النوم قد اقترب، ثم تقومي بعمل بعض الارتباطات الشرطية كأخذ حمام دافئ وعمل مساج له بزيت الأطفال حتى يهدأ ويسترخي ثم تغني له بعض الأغنيات كتهويدة، وأخيرا تقرئين له آية الكرسي والمعوذتين.. المهم أن تكوني أنت أيضا في حالة استرخاء تام؛ فالطفل إذا شعر بتوترك وأنك تجلسين معه كمهمة عليك الانتهاء منها فلن يستجيب لك ولن يتوقف عن البكاء..
لا تفكري أنك مضغوطة في الوقت فهذا يزيد من الضغط ولا يقلله استمتعي بوقتك بنيتي.. استمتعي بطفلك حتى إذا نام خذي بعض الوقت الخاص لنفسك ولو نصف ساعة تقومين فيها بفعل شيء تحبينه ولو أن تجلسي في شرفة منزلك تحتسين مشروبك المفضل وتتأملين نجوم السماء..
بعد ذلك اقضي وقتا نوعيًّا مع زوجك بعيدًا عن التوترات.. تحدثي إليه برقة واطلبي منه الدعم.. اطلبي شيئا محددًا مفهومًا بالنسبة له كأن يلعب مع الطفل مدة ساعة بالنهار، فمن ناحية تقوى العلاقة بينه وبين الطفل، ومن ناحية أخرى تستثمرين أنت هذا الوقت في إدارة شئون بيتك.. تدللي عليه وثقي أنه سيقبل ولا تطلبي بطريقة النسويات التي تشبه المرافعة القانونية فتحفز فيه الرغبة في الرفض والعناد.
ابنتي الحبيبة، كوني مرنة في إدارة الوقت فمثلا لو أن لديك مهمة تنظيف تستغرق نصف ساعة لا تقولي في العاشرة صباحا تنظيف، ولكن اكتبي في قائمة المهام مهمة تنظيف فقط واتركي تحديد الوقت بدقة فأنت لا تملكينه تماما بسبب وجود الطفل، ولو لم تقومي بالمهمة في الوقت الذي حددته فلربما يصيبك الإحباط.. أنت قومي بعمل قائمة مهام بسيطة في المساء بحيث تكون في حدود قدراتك وظروفك ولو نجحت في تحقيق 75% من هذه القائمة فهذا أداء جيد جدًّا.
إدارة الضغوط
ولكي تنجحي في إدارة وقتك وحياتك فأنت بحاجة لإدارة الضغوط التي تشعرين بها؛ ولقد تحدثت معك في النقطة السابقة عن أهم ضغط تتعرضين له ألا وهو الضغط الذي تعانينه مع طفلك الصغير..
ثاني الضغوط التي تعانين منها هو ضغط زوجك ومقارنته لك بأمه وأخواته، وهذا الضغط لا حل له إلا بالحوار والتواصل الفعال معه من جهة، وطلبك بشكل مباشر ألا يضعك في مقارنة مع أحد مثلما لا يحب أن تضعيه في مقارنة مع أحد (واستخدمي ذكائك الأنثوي في هذا الحوار)، وإحساسه أنك تتقدمين ولو ببطء من جهة ثانية، ولا بد أن تشعريه بذلك بطريقة ذكية تشبه ذكاء خبراء التسويق...
أنت بحاجة أيضا لرفع خزان طاقتك حتى تستطيعي القيام بالمهام الملقاة على عاتقك، وعليك أن تغتنمي الهدي النبوي في ذلك.. فها هي فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم عانت في فترة من حياتها من ضغوط شديدة، تتجاوز الضغوط التي تشعرين بها بمراحل فهي زوجة وأم لأطفال صغار بحاجة لرعاية ووقت وجهد وفي الوقت ذاته تقوم بمهام منزلية غاية في المشقة، فهي تطحن القمح حتى تحوله إلى دقيق تقوم بطحنه بالرحى وهي آلة بدائية مرهقة جعلت يديها متشققة جافة، وكانت تكنس البيت فتغبر ثيابها وتشعل النيران للطهي فيصيب ثيابها الدخان ويسود لونها.
فذهبت رضي الله عنها تلتمس من النبي صلى الله عليه وسلم خادمًا يساعدها من السبي الذي جاءه فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم هي وعليًّا رضي الله عنه بما هو خير لهما من خادم فقال: (ألَا أُعَلِّمُكُما خَيْرًا ممَّا سَأَلْتُمَانِي؟ إذَا أخَذْتُما مَضَاجِعَكُما تُكَبِّرَا أرْبَعًا وثَلَاثِينَ، وتُسَبِّحَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، وتَحْمَدَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ؛ فَهو خَيْرٌ لَكُما مِن خَادِمٍ) رواه البخاري، فهذا الذكر يمنع عن الإنسان الإعياء الناجم عن الضغوط، حتى إن عليًّا رضي الله عنه يقول إنه لم يتركه ليلة واحدة.. فاستعيني بهذا الذكر حبيبتي وسوف تدهشك النتيجة.
بناء العادات
إذا سألتني عن أصعب ما قد يواجهك فسأقول لك هو بناء العادات فأنت تبذلين جهدًّا حتى تقومي بالمهمة، أما لو أصبحت عادة فأنت ستقومين فيها بشكل عفوي تلقائي دون جهد..
أنت لن تكتبي في قائمة المهام مثلا أنك تغسلين وجهك صباحا.. لماذا لأنك اعتدت على ذلك.. فلو أن عادتك أنك ترتبين الفراش فور الاستيقاظ أو عادتك أنك كلما رأيت شيئا في غير مكانه أعدته مباشرة أو عادتك أنك تقومين بطي الملابس المغسولة بمجرد جمعها ثم وضعها في الخزانة؛ ستجدين أن إدارة البيت تحدث بشكل تلقائي لا يتطلب جهدًا وهو ما تقوم به والدة زوجك أو أخواته.
ولكي تصلي لهذه المرحلة أنت بحاجة لبذل الجهد في المرحلة الأولى حتى يتحول الأمر لعادة تلقائية، وأنصحك بقراءة كتاب "العادات الذرية" أو الاستماع إليه صوتيًّا وأنت تقومين بمهام المنزل أو حتى مشاهدة مقطع مصور يلخص فيه أهم الأفكار فسيفيدك ذلك كثيرا.
إتقان المهارات
أما إذا سألتني عن أسهل ما قد يواجهك فسأقول لك إتقان المهارات كالطهي مثلا، فلو أنك امتلكت عادة أن تدخلي المطبخ للطهي بعد أخذ القيلولة مع طفلك مثلا فأسهل شيء أن تتابعي قناة من قنوات الطهي وتقومي بتنفيذ كل الخطوات وكل أنواع الطعام موجودة عبر الشبكة العنكبوتية حتى الطعام المحلي التقليدي.. لو أتقنتِ عادة دقة الملاحظة فسوف تنتبهين لتلك التفاصيل الصغيرة الدقيقة التي تقوم بها حماتك أثناء الطهي، وفي هذه المرحلة أنت تقلدين فقط حتى تصلي بعد ذلك لمرحلة الابتكار، ولا تأنفي أن تسألي والدة زوجك أو أخواته وتأخذي بنصائحهن فهو علم ابنتي العزيزة.
وسأقول لك نصيحة مجربة تسهل عليك الطهي وتجعل لطعامك نكهة مميزة حقًّا: اجعلى هناك ذكرًا لكل مرحلة، فهنا أنت تسبحين، وهنا أنت تحمدين، وهنا أنت تستغفرين؛ فيكون وقتًا مباركًا، وستحل هذه البركة على طعامك.
اكسبي زوجك
وهذه هي نصيحتي الأخيرة لك، اكسبي زوجك واجعليه معك لا ضدك.. ابني معه صداقة.. انصتي له.. تعاطفي معه.. دلليه فذلك سيجعله يتغاضى عن كثير من الأمور ولن يدقق معك مع كل تقصير، وإذا غضب منك فسرعان ما سوف يعود، والعكس بالعكس فعندما يكون محتقنًا منك فاقدًا للتواصل معك سيتصيد لك الأخطاء ويضخمها ويضعها تحت المجهر فكوني ذكية.. بارك الله حياتك وأسعد قلبك، وتابعيني بأخبارك.