الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
85 - رقم الاستشارة : 876
03/02/2025
السلام عليكم، أرجو منكم النصيحة والتوجيه، فأنا في حيرة من أمري ولا أعلم ماذا أفعل في وضعي هذا. أنا امرأة متزوجة منذ ثماني سنوات، ولدي ابن وابنة. كنت صادقة ومخلصة في زواجي، وبذلت كل جهدي لإنجاحه. كنت أحاول دائمًا أن أكون زوجة صالحة، وشاركت زوجي في شراء منزل وتأثيثه بأفضل ما يمكن، ولم أدّخر جهدًا في إسعاده. كنت دائمًا أقدم له كل ما يحتاجه، ومع ذلك، لم يكن يسكن معي باستمرار، وكان دائمًا بعيدًا عني، لا يقدّم لي أي مساعدة، ولا يتحمل أي مسؤولية تجاهي أو تجاه أبنائنا. كنت أنا وحدي المسؤولة عن كل شيء، من رعاية الأطفال إلى الاهتمام بالبيت، إلى حل المشاكل اليومية. في إحدى المرات، عندما عاد في إجازة، لاحظت تصرفاته الغريبة، فبحثت في هاتفه واكتشفت أنه حظر 16 رقمًا، وكان يتواصل مع فتاتين. آخر مكالمة له مع إحداهن كانت عند الساعة الخامسة صباحًا، وكان يتصل بها أكثر من 30 مرة في اليوم، بينما بالكاد يتحدث إليّ. عندما واجهته بالأمر، ثرتُ بشدة، لكنه لم يُعرني اهتمامًا، وعائلته حاولت تهدئتي وإقناعي بالاستمرار في العلاقة، لكنني لم أعد قادرة على الاحتمال. لقد تحملتُ الكثير من الإهانة، وعشت معه في مدينة غير مدينتي، وكان يعاملني معاملة سيئة، ضربني مرات عديدة، وأهانني أمام الجيران، ولم يكن يسمح لي بالخروج أو القيام بأي شيء. كنت أقول لنفسي ربما هذا طبعه وعليّ تقبله، لكن الأمر زاد عن حده. حتى بعد كل هذا، وجدتُ نفسي مهملة، ولم أعد أهتم بالمنزل كما كنت من قبل، ولم أعد أكترث بترتيبه أو العناية به. كنتُ في السابق أنظف وأرتب، لكن الآن، فقدتُ الرغبة تمامًا، فأنا من أتحمل كل الأعباء بمفردي. حاليًا، عندما يأتي في إجازته، لم أعد أهتم بوجوده، بل أشعر وكأنه غير موجود. أعمل طوال اليوم، وعندما أعود إلى المنزل عند السادسة مساءً، لا أجد أي دعم منه، حتى أنني أصبحت أشعر وكأنه مجرد شخص غريب. لم يعد يهمني إن كان على علاقة بأخرى أم لا، فأنا الآن أركز فقط على ابني وأحاول أن أوفر له الحياة الكريمة. منذ شهر ديسمبر، قام بحظري من "واتساب"، ولا يتواصل معي إلا إذا اضطر لذلك، وإن لم أرد على اتصاله، يتصل بوالدتي ليجعل الأطفال يتحدثون معه. وعندما سألته والدتي عن سبب حظري، أجابها بأنه لن يرفع الحظر حتى يتم اتخاذ قرار رسمي بشأن الطلاق، وأنه يخشى أن يتسبب ذلك في مشكلات قانونية له، كونه يعمل في السلك العسكري. والآن، أصبح يستهزئ بي، ويهينني بكلامه، ويقول لي إنه تخلص مني. أنا الآن أعيش في مدينتي وأتحمل مسؤولية نفسي وأبنائي وحدي، وأسكن بالإيجار. لا أعلم ماذا أفعل، هل أستمر في هذه العلاقة، أم أطلب الطلاق وأبدأ حياة جديدة بعيدًا عنه؟ أرجوكم، دلوني على الطريق الصحيح.
أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على بوابة استشارات المجتمع...
عزيزتي أنت شعرت بالخذلان بعد الصبر والتحمل والبذل والتغافل.. فوجئت بهذه الخيانة وهذا ما أفقدك صوابك فقمت بالثورة عليه والانفعال لكنه صدمك مرة أخرى بلا مبالاته بك، وهذا ما أوصلك لاضطراب ما بعد الخيانة الزوجية ففقدت الشغف بالحياة.. فقدت الشغف بالأمور الروتينية مثل تنظيف وترتيب البيت بل فقدت الشغف بزوجك نفسه، فشعرت بالتبلد تجاهه حتى أصبح وجوده لا يعني شيئًا لك، وكون أن هناك امرأة أخرى في حياته لم يعد يؤرقك (أو هكذا كنت تشعرين)، ثم قمت بخطوة تصعيدية فعدت لمدينتك واستأجرت بيتًا ولم تردي على اتصالاته.. ولكن يبدو لي من رسالتك أنك أصبحت أكثر هدوءًا وتفكرين بتروٍ لذلك فخيار الاستمرار أصبح متاحًا تمامًا كخيار الطلاق.
أختي الكريمة، أنا أقدر مشاعرك وأراها مشاعر مشروعة جدًّا، فأنت إنسان له طاقة محدودة في نهاية المطاف، فحزنك وغضبك وثورتك كلها مشاعر طبيعية حتى إن انطفاءك وفقدك للشغف هو أمر طبيعي ولا يمكن لأحد أن يلومك عليه، لكنني أفضل الصراحة في تحليل مثل هذه الاستشارات حتى نستطيع الوصول لنتائج حقيقية لا نتائج مزيفة.. والصراحة تدعوني أن أخبرك أنه كان هناك خلل في علاقتكما وأن جريمة الخيانة كانت نتيجة هذا الخلل ولم تكن السبب فيه.
كثير من النساء يطحنّ أنفسهن حرفيًّا في العمل ويبذلن جهدهن في توفير النفقات وشراء البيت وتعمل كتفها بكتف زوجها وهي تنتظر منه تقديرًا واعترافًا بتضحيتها لأجله ولأجل صالح أسرتها، ثم تفاجأ بالنتيجة نفسها أنه ينجذب لأخرى ويهتم بها ولا يبالي بزوجته المضحية ولا يأبه بمشاعرها.. لقد كان هناك كثير من الإشارات على ذلك؛ تباعده عنك.. عدم اتصاله بك.. فتور العلاقة بينكما.. هناك شيء مفقود في هذه العلاقة وهو جوهر العلاقة نفسها شعوره بأنثى في حياته...
قد تكونين مهتمة بمظهرك وملابسك كما تهتمين ببيتك ونظافته وترتيبه، لكن الأنثى ليست مجرد صورة جميلة، هي روح رقيقة ناعمة تجيد الدلال وتستدعي روح الرجل المسئول، لا تلك التي تتحمل المسئولية وحدها في صمت كما كنت تفعلين بحسن نية منك. لا ألومك وحدك بالطبع فهو له الدور الأكبر في ذلك بتخليه عن واجباته وإلقائه العبء عليه، وكانت كارثته الكبرى بالبحث عن أنثى أخرى يطاردها بمكالماته وبتدليله.
نقطة أخرى أريد مصارحتك بها: زوجك فقد الشغف تجاهك حتى أنه لم يعتذر كعادة الرجال عندما يتم كشف تفاصيل خيانتهم.. حتى أنه يسير في خطوات الطلاق بهدوء ودون الرغبة في ارتكاب أي خطأ لذلك قام بحظرك، وقد يكون ذلك لأنه يريد أن يتزوج من السيدة الأخرى، وقد يكون ذلك لأنه لم يعد يريدك، أو كما يقول إنه تخلص منك.
هناك احتمال آخر أنه يعاند ويقول هذا الكلام كي يجرحك، فبعض الرجال يرى أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، وبدلا من أن يعتذر ويعترف بخطئه يتبجح ويشعرك أنك مليئة بالعيوب وأنه سعيد بالتخلص منك، وقد يكون كل هذا كذب وهو يعرف أنه كذب ولعله ما زال يحمل لك المشاعر الطيبة لكنه يكابر.
أختي الكريمة، أنت بحاجة للتعافي النفسي من أثر هذه الخيانة حتى يكون ذهنك صافيًا وتستطيعي اتخاذ القرار الصحيح الذي لا يمكن لأحد أن يأخذه نيابة عنك.
وهذه بعض إضاءات تساعدك على التعافي:
ـ حاولي الحصول على قسط كاف من النوم ليلا.. اغتسلي بالماء الساخن فهو يساعدك على الاسترخاء، قومي بعمل مساج بزيت عطري قبل أن تخلدي للنوم.. استرخي ورددي أذكار النوم وركزي فيها ولا تسمحي للأفكار بمداهمتك.
ـ من الوارد أن تهاجمك الأفكار.. لا بأس راقبي الفكرة ودعيها تمر.
ـ احصلي على قسط كاف من ضوء الشمس فهو يساعد دماغك على إفراز هرمونات السعادة.ـ ـ ـ تناولي طعامًا صحيًّا.. كلي حبوبًا كاملة وخضروات وفاكهة ودللي نفسك بقطعة من الشيكولاتة أو مشروبها.
ـ امشي كل يوم حوالي نصف ساعة مع محاولة التنفس بعمق أثناء المشي؛ فالحركة والرياضة تساعد الدماغ أيضا على إفراز هرمونات السعادة والتنفس العميق يساعدك على الاسترخاء والهدوء.
ـ احتضني أبناءك.. زوري والديك.. تواصلي مع صديقاتك القدامى.. الحياة الاجتماعية والعاطفية تحقق لك الرفاه النفسي.
ـ اجعلي عملك متوازنًا فلا داعي أن تنتحري في العمل حتى تنسي الضغوط التي تمرين بها ولكن توازني بين عملك وحياتك الاجتماعية وقضاء وقت لطيف بصحبة نفسك.
ـ شاركي في الحياة العامة، الندوات، حلقات الدعم.. شاركي في رحلة قصيرة؛ فهذا كله سيحسن مزاجك.
ـ أهم نقطة أن تحافظي على صلاتك في وقتها وأكثري من الدعاء في السجود، ولا تنسي أذكار الصباح والمساء وعيشيها بقلبك.. واستشعريها بروحك، مثلا عندما تقولين حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات تذكري أن الله يكفيك ما أهمك من أمور الدنيا والآخرة.
أنت إذا حاولت تطبيق هذا البرنامج فستشعرين بحالة كبيرة من الهدوء والاسترخاء التي تساعدك على التفكير، وهذه مجموعة من الأسئلة اطرحيها على نفسك فقد تساعدك على اتخاذ قرار صحيح، فقط تحري الإجابة الصادقة وليس الإجابة التي تظنينها صحيحة أو مفترضة:
ـ ما هو شعورك الآن جهة زوجك.. هل أنت حزينة منه؟ أم تشعرين بالكراهية والنفور تجاهه؟
ـ هل أنت قادرة على إدارة مسئولية طفليك وحدك من الناحية المادية والنفسية؟
ـ هل أنت مستعدة عن التخلي عن حضانة أطفالك إذا تزوجت مرة أخرى؟ أم أنه يوجد لديك بديل آخر تؤول له الحضانة والدتك مثلا؟
ـ هل ما زلت تشعرين بالانجذاب نحو زوجك؟
ـ هل تعتقدين وبشكل موضوعي أن بإمكانك تمرير المشكلة الأخيرة وفتح صفحة جديدة مع زوجك؟
ـ هل تعتقدين أنك وبشكل نفعي -لمصلحتك ومصلحة أولادك- أن بإمكانك الاستمرار في هذا الزواج؟
حاولي التفكير بهدوء في هذه الأسئلة فإن شعرت أو ظننت أن مصلحتك أسرتك في استمرار هذا الزواج، فهنا بإمكانك طلب التواصل معه والحديث بهدوء شديد ودون تجريح أو إهانة فيما حدث وكيف أنه زلزل كيانك وجرح قلبك.. تحدثي إليه بلسان المرأة المجروحة.. العاشقة المتألمة لا بلسان القاضي أو الجلاد؛ لأن الهدف هو استعادة الحياة معه، وهذا الحوار سيكشف لك أيضا مدى استعداده هو الآخر للتجاوب معك، فإن ظننت أنه هو الآخر متجاوب ولو حتى من أجل مصلحة الأولاد فبإمكانك عندها طرح مزيد من الحوارات معه لوضع أيديكما على الجذور العميقة لمشاكلكما معًا.. وتابعيني بما توصلت إليه، يسر الله أمرك وأسعد قلبك وأقر عينك بعائلتك.