الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
290 - رقم الاستشارة : 770
22/01/2025
أنا يا سيدتي امرأة تقترب من منتصف الثلاثينات متزوجة منذ نحو سبع سنوات.. زواج تقليدي للغاية كان يبدو لي كشخص هادئ ومتزن.. هويكبرني بعشر سنوات.. زوجي لا يحظى بأي قدر من الوسامة وأنا ملامحي عادية جدا فكنت أشعر أننا متقاربان فلقد كانت طموحاتي متواضعة جدا أو فلنقل واقعية جدا وقلت لنفسي أهم شيء خلقه وطباعه.. اكتشفت بعد الزواج أنه لم يتزوجني إلا لأنني امرأة عاملة لا أطلب منه شيئا بل أضع راتبي كله في البيت وليته يشكر لي ذلك فهو لا يتوقف عن السخرية مني ومن شكلي وملامحي فكلما جمعتنا سهرة مشاهدة أمام التلفاز يظل يقارن بيني وبين نجمات السينما والدراما ويقول (احنا تجوزنا غفر) وكلما جاءته ميم على وسائل التواصل تحمل نفس المعنى يرسلها لي ولما فاض بي الكيل بدأت أسخر منه أنا الأخرى وأقول له انظر لنفسك فيقول لي بكل الثقة والغرور أنا رجل لا يعيبني شئ وعندما أقول له لماذا تزوجتني يقول لي كنت مغفل وهكذا يمزج الجد بالضحك بطريقة مزعجة المشكلة إنني بدأت أفقد الثقة بنفسي حتى أشعر أنني منعدمة الثقة تماما حتى أنني أهرب لأحلام اليقظة كالمراهقات فهل من حل؟
أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على صفحة استشارات المجتمع.. أحب أن أقولك لك هوني على نفسك ولا داعي لكل هذه الحساسية، فكما تقولين زوجك كثيرًا ما يمزج الجد بالهزل فهو ليس بالشخص الجدي الذي تصورته في بداية تعارفكما، وكثير من الرجال يقولون كلام مثل هذا على سبيل الدعابة.. أتفق معك أنها دعابة ثقيلة وقد تكون غير مقبولة إلا أنه يمكنك التعامل معها إذا هونتها على نفسك.
انظري لزوجك على الرغم من أنك تنتقديه بشكل جدي إلا أنه يقول لك إنه رجل لا يعيبه شيء.. كثير من النساء عندما يتعرضن لمثل هذا الكلام يضحكن وتشير لنفسها أنا معجبة بنفسي وغيرها من فنون الرد حسب سياق الموقف.. حتى لو كنت لست شخصية مرحة بطبيعتك يمكنك أن تتدربي على الرد المناسب.
لكن المشكلة تبدو لي أعمق من ذلك فمنذ اللحظة التي رأيت أنكما متناسبان لأنكما لا تحظيان بقدر من الجمال وقد وضعت بيدك أول قالب في بناء عدم الثقة.. فعدم ثقتك بنفسك تأتي من قبل كلماته المزعجة فبذورها موجودة داخلك وعليك تنقية نفسك منها.. أنا أريد لك أن تمتلكي ثقة حقيقية لا تهزها أي كلمات، ولكي يتحقق ذلك فعليك أن تعملي كثيرًا على نفسك، وسأعطيك بعض الأضواء التي تصلح كبداية لبناء ثقة حقيقية، ومن ذلك:
* لا تعلقي افتقادك الداخلي للشعور بالثقة على أي إنسان، سواء من عائلتك سابقًا أو من زوجك الحالي، فهذا سوف يقوم بتعقيد المشكلة ولن يلهمك أي حل.
* عليك أن تؤمني إيمانًا جازمًا أن قيمتك الإنسانية مستمدة من رب العالمين {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء: 70).. يترتب على ذلك أن تقبلي ذلك وتشعري بهذا التكريم الإلهي يحيط بك.
* تقبلي وجود أفكار مزعجة تساورك بشأن ثقتك بنفسك فهذا أمر طبيعي، دعيها تمر دون أن تنزعجي ودون مزيد من التحليل حولها.. دعيها ترحل بسلام واستمري في أجندة أعمالك.
* ليس معنى قبولك بذاتك ألا تقومي بتطويرها، ولكن نريد خطة تطوير متكاملة على أكثر من محور تبدأ من تطوير قيمك الأساسية وأهدافك ومهاراتك.
* من المهم أيضا أن تقومي بتطوير مهاراتك الناعمة كمهارة الذكاء العاطفي والوجداني.
* أريدك أن تحبي نفسك حبًّا إيجابيًّا.. تحبي جسدك.. تبتسمي لوجهك في المرآة.. أريد أن يتغير شعورك تجاه نفسك بصورة عميقة.
* يأتي بعد ذلك دور الشكل والمظهر البراني وهذا أمر غاية في البساطة إذا تغير العمق الجواني فستجدين أنك تتعاملين مع نفسك برفق.. مع شعرك برفق.. مع صحتك بلطف وأنت امرأة عاملة فاقتطعي جزءًا من راتبك لتحسين هذا الجانب ولكن لا تبالغي.. تحركي بثبات وهدوء ورفق.. ولكن احذري فبعض الأزواج قد يسخرون من زوجاتهم إذا وجدوا تغييرًا في الشكل والمظهر، وهي في الغالب سخرية مزيفة ربما لأنهم يتصورون أن هذا مجرد تغيير مؤقت وسيمر، فكوني ثابتة إذا حدث هذا واكتفي بابتسامة ساحرة دون كلمات.. أيضا إياك أن تلحي في طلب رأيه والأفضل ألا تطلبيه وثقي أنه سيلاحظ وحده.
* وأخيرًا، اهربي إلى الله عز وجل، ففي قربه سكينة الروح وسلام النفس بدلا من الهروب إلى أحلام ستبقيك في حالة من الانفصال عن الواقع وستكرس الهوة العميقة بين ما تعيشينه وما تطمحين إليه..
وفقك الله تعالى ورزقك البصيرة وألهمك الصبر والطاقة حتى تحققي كل ما تتمنين، وفي انتظار رسالة تخبرينا فيها بإنجازاتك الصغيرة والتي بمجموعها ستحققين إنجازات كبيرة إن شاء الله تعالى.