23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 19/01/2025

أنا زوجة شابة أعاني من غيرة زوجي الشديدة حد الشك فهو قد حول حياتي لجحيم.. هو فيه صفات كثيرة جيدة فهو كريم يحب أسرتي يكون حنون في غير وقت غضبه وغيرته التي لا أجد لها أي مبرر فإذا سلمت على قريب لي أو قريب له تحدث مشكلة إذا امتدحت أي إنسان تحدث مشكلة وزادت المشاكل بشده بعد سفره للعمل بالخارج فإذا قلت له أنني افتقده يقول لي أنه يخشى أن أضعف في غيابه وآخر مشكلة والتي أكتب لك بسببها إنني كنت فاتحة بيانات الهاتف ويظهر إنني متصلة ثم نمت فدخل هو ليكلمني فلم أرد عليه وظل يحاول محادثتي حتى الفجر وأنا أبدو له متصلة وعندما انتبهت أخيرا ثار في وجهي وشتمني شتائم قبيحة وشكك في شرفي وفوجئت بأخته ومنذ ساعات الصباح المبكرة تأتي إلى البيت وتأخذ مني الهاتف لتفتيشه بناء على أمره فغضبت وأخذت طفلي وذهبت لبيت أهلي والموضوع كبر جدا وغالبا هو هينزل أجازة ويأتي لبيت أهلي فما هو التصرف المناسب مع هذا الزوج؟

الإجابة 19/01/2025

ملخص الرد:

على السائلة أن تحاول قدر استطاعتها عدم استثارة غيرة زوجها حتى لو ضيق هذا من مساحة المباحات ولتحتسب ذلك جهادًا في سبيل الحفاظ على استقرار حياتها الزوجية. وبالنسبة للمشكلة الأخيرة فينبغي ألا تتساهل أسرتها معه ويلقنوه درسًا حتى لا يعود ويقذف زوجته مرة أخرى فليضغطوا عليه لأقصى درجة يتحملها قبل أن يعيدوها له، وهنا ينبغي أن يكون للزوجة حديث صريح مع زوجها حتى لا تتكرر مثل هذه الإساءة مرة أخرى.

الإجابة:

ابنتي الحبيبة أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على صفحة استشارات المجتمع.. لمست من خلال كلماتك حرصك على بيتك وأسرتك وزوجك، وما استشارتك إلا رغبة منك في استقامة حياتك الزوجية، وهذه نية طيبة إن شاء الله تثابين عليها من رب العالمين وإنما الأعمال بالنيات.

تعلمين يا ابنتي الحبيبة أن التفريق بين الزوجين يأتي على رأس أولويات الشيطان، فلقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنه قال: "إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئًا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. - قال: - فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت" (رواه مسلم).

والوسوسة والشكوك من أقوى الأدوات التي يستعملها الشيطان لتفكيك الميثاق الغليظ بين الزوجين وهو ما ابتلي به زوجك، وإنما أقول لك هذا الكلام كله لأحفزك لتثبيط المخطط الشيطاني لهدم بيتك، فهناك أمور بحرصك عليها تغلقين كثيرًا من أبواب الشر كأن تتجنبي الحديث الودي العادي مع الأقارب حتى لا تثيري غيرته.

ولتكن قدوتك في ذلك السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق وكان زوجها الزبير شديد الغيرة تقول أسماء: "تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال إخ إخ ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك، فقال والله لحملك النوى كان أشد عليّ من ركوبك معه، قالت حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني".

فأسماء ترفض أن تسير مع الرجال وفيهم النبي صلى عليه وسلم حتى تتجنب غيرة الزبير، حتى أنه هو نفسه أشفق عليها مما حملت به نفسها.. ما أقصده أنه لا داعي للسلام والكلام مع الأقارب إلا في أضيق حدود.. لا داعي للإعجاب والتعليق على مواقع التواصل إلا في أضيق الحدود، وصدقيني سيتفهمون الأمر، واحتسبي ذلك إغلاقا لباب الشر والفتنة.

نأتي للحديث عن المشكلة الأخيرة التي انتقلت فيها الغيرة لمستوى الشك وأيضا تجاوز فيها زوجك ووصل لمستوى الشتائم القبيحة، وأنت لم يكن لك يد في هذه المشكلة فلا سلطان للإنسان على النوم.. هنا ينبغي أن يلقن زوجك درسًا، وهنا يأتي دور أسرتك فلا بد من تقريعه كي يفهم أي زوجة تزوج وأنه لا يليق بك أن تسمع منه هذا الكلام.. لا بد أن يعتذر بشكل واضح ويتعهد ألا يكرر ما فعل ولا بد أن يعلن بشكل صريح مدى احترامه لشخصك ومدى ثقته فيك، ولا ينبغي أن يمرر هذا الموقف بسهولة أبدا..

أما بينك وبينه فلا بد من حديث صريح فإذا كان سفره يسبب ضغطًا على أعصابه بحيث لا يتحكم في انفعالاته فلا داعي لهذا السفر أو فليأخذك معه، وإن لم يكن هذا ولا ذاك فلا بد من وضع النقاط على الحروف حتى لا يسيء فهم كلماتك ولا أن يقوم إبليس بعمل ترجمة شيطانية لكلماتك التي تقولينها بحب وحسن نية.

وأخيرا أوصيك ابنتي الحبيبة بكثرة الاستغفار وكثرة الدعاء أن يؤلف الله بين قلبك وقلب زوجك وأن يصلح ذات بينكم، وتذكري دائما صفاته الجميلة وعظميها وقللي من عيوبه وهونيها على نفسك فالإنسان الكامل لم يولد بعد.