الإستشارة - المستشار : أ. فتحي عبد الستار
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
60 - رقم الاستشارة : 1251
10/03/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تزوجت امرأة مطلقة ولديها بنت واحدة. الحقيقة كان زواجي منها لأني أشفقت على وضعها، ولا أنكر فيها من الصفات الجيدة الشيء الكثير، واستطعت أن أغير في حياتها، وأكثر شيء استطعت تغييره أني أبعدتها عن بعض المحرمات التي كانت تعملها، مثل سماع الأغاني، والحجاب غير الصحيح.
بعد مدة من زواجنا حملت، وفي إحدى الليالي قالت لي: "لا أريد أن أعذبك معي، أريد أن أعترف لك أنني كنت على علاقة برجل عن طريق الهاتف، وقابلته مرة واحدة، ولم يصل الأمر إلى حد الزنى!".
قلت لها: "كان بإمكانك ألا تخبريني"، قالت: "أريد أن تعرف كل شيء حتى لا أكون قد غششتك، وأنت الآن مخير بين طلاقي أو تركي أعيش معك!".
الحقيقة لم أجد لها عذرًا، وأريد طلاقها، هل بالإمكان أن أعيش معها بعد اعترافها هذا؟!
جزاكم الله خيرا.
أخي الكريم محمد، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبًا بك في هذه البوابة المباركة، ونشكرك على ثقتك بنا، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا لمساعدتك، وإزالة همومك، وبعد...
فجزاك الله خيرا –أخي الحبيب– على نيتك الطيبة في الزواج من هذه السيدة، وكفالتك لابنتها، ونجاحك في جعلها تتخلى عن كثير من المحرمات التي كانت تفعلها قبل الزواج بك، وإن كان في النفس شيء من أن تُبنَى العلاقة الزوجية على مجرد الشفقة كما أشرت، وأرجو ألا يكون هذا مجرد محاولة منك لتبرئة نفسك والخلاص من هذه الزيجة؛ فزوجتك لا ذنب لها في هذا، فما دمتَ رضيتَ بها من البداية على ما تعلم من ظروفها، فلا يجوز لك أن تتنصل من واجباتك زوجًا ومن حقوق زوجتك عليك، بدعوى أنك تزوجتها شفقة بها.
والحقيقة –أخي الحبيب– ما كان لزوجتك بالفعل أن تخبرك بأمر هذه العلاقة التي أقامتها مع هذا الرجل، ولكن تشفع لها نيتها الطيبة في مصارحتك بكل ما كان من أمرها، وهذا يدل –والله أعلم– على نقاء سريرتها، وعدم خبث طويتها، وإلا لكانت أخفت الأمر عنك ولم تُعرِّض نفسها لهذا الموقف.
فلتعذرها –أخي الحبيب– ولتغفر لها، وتتجاوز عن هذا الأمر، مع إقرارنا بعظم هذا الخطأ الذي فعلته، ولكن ما دامت قد اعترفت بذنبها، وتابت واستغفرت، وعزمت على عدم العودة، فساعدها على ذلك، وضم هذا الخطأ إلى جملة الأخطاء التي ساعدتها في التخلص منها وإصلاحها، وربك الغفور ذو الرحمة، وهو يقبل التوبة، فلا تجعلها تندم على مصارحتك، وكان بوسعها ألا تفعل كما قلت.
على أن تتجاوزا هذا الأمر تمامًا، ولا تذكِّرها به مع كل خلاف بينكما، ولا تمُن عليها بما فعلته معها، فالله عز وجل يقول: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا) [البقرة: 263]، ويقول أيضًا: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور: 22]، فلعل عفوك عنها وصفحك يكونان سببًا في غفران الله -عز وجل- لك وعفوه وصفحه، فكلنا ذوو خطأ، وكلنا في حاجة لعفو الله وصفحة ومغفرته.
ثم حاول -أخي- أن تتعرف على الأسباب التي أدت بها إلى مثل هذا الفعل، لتعملا على القضاء عليها، فربما كانت تعاني فراغًا عاطفيًّا أدى بها للوقوع في هذا الخطأ، فعوِّضها، وأغدق عليها بعاطفتك وحنانك، لتكفيها عاطفيًّا كما كفيتها إيمانيًّا وعباديًّا وماديًّا.
أسأل الله -عز وجل- أن يربط على قلبك، وأن يشرح صدرك، ويبارك لك في زوجك وولدك، ويرزقكما نعيم الدارين، إنه سبحانه على ما يشاء قدير، وتابعنا بأخبارك.