22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د رمضان فوزي
  • القسم : إيمانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 19
  • رقم الاستشارة : 1088
20/02/2025

أسأل عن حب الله للعبد، ومدى صدق شعور العبد بالرضا من عدمه، ودلالات ذلك؛ فقد استخرت الله وعقد علىّ شخص حسبته على خير. وقبل الزفاف بشهر حدث ما لم يكن في الحسبان؛ وظهرت حقيقة زوجي وأهله، بما لم نكن نتوقعه أبدا. وكان ذلك من تأثير حلم حلمت به، وشعور غير مبرر تجاهه. وأثار ذلك في قلبي شكا. استعنت بالله وتيقنت من شكي، وأخذت بالأسباب فوضحت لي حقيقة حلمي وسوء نية أهله ونيته. وهو ما أدى إلى فسخ العقد. والآن أنا في حيرة: هل أتخذ أحلامي مسارا للحياة وأحمد الله عليها؛ علما بأنني والحمد لله ملتزمة، ويحسبني أهلي والحمد لله على خير. الآن أنا في طريقي ربما لزواج جديد بإذن الله عز وجل. فهل أسير خلف أحلامي مرة أخرى مع الأخذ بالأسباب. جزاكم الله ألف خير، ونسألكم الدعاء..

الإجابة 20/02/2025

أهلا بك أختي عائشة، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب من يحبه، وأن يجعلنا من المتحابين في الله تعالى.

 

اسمحي لي أن أقسم استشارتك إلى محورين ونبين العلاقة بينهما في النهاية:

 

1. حب الله للعبد ومدى صدق شعور العبد بالرضا من عدمه.

 

2. علاقتك بزوجك السابق وتأثير الأحلام عليك.

 

أما عن حب الله للعبد؛ فلقد سألت عن شيء عظيم، فيه تنافس المتنافسون وتسابق المتسابقون، وتفانى المحبون، وشمر العابدون، واجتهد المخلصون.

 

فأي شيء يريد الإنسان بعد محبة خالقه له؟، وفيم يطمع بعد الفوز بهذا الشرف الذي ما بعده شرف؟!

 

هيا بنا يا أختي نستنطق آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية لنستنتج علامات محبة الله للعبد:

 

1- الإيمان الصادق بالله؛ فكل إنسان يتفانى في حب من يعبد، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} (البقرة: 6).

 

2- الإحسان إلى خلق الله بالبذل والنفقة لهم، قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة:9)، وقال أيضا: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134).

 

3- التوبة والتطهر والائتمار بأمر الله والانتهاء بنواهيه، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (البقرة: 222).

 

4- حب الله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (آل عمران: 31).

 

5- الوفاء بالعهد وتقوى الله، قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 76).

 

6- السير على منهج الصالحين في إعلاء كلمة الله في الأرض والجهاد في سبيلها، قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (آل عمران: 6).

 

7- حسن التوكل على الله تعالى، قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 9).

 

8- الذلة للمؤمنين والعزة على الكافرين والجهاد في سبيل الله، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَّرْتَدَّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} (المائدة: 54).

 

9- القيام بالنوافل قال الله عز وجل - في الحديث القدسي-: "وما زال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه".

 

10- الحبّ والتزاور والتباذل والتناصح في الله، قال الله تعالى في الحديث القدسي: "حقَّت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيَّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيَّ " (رواه أحمد).

 

11- حبُّ الناس له والقبول في الأرض، كما في الحديث: "إذا أحبَّ الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض" (رواه البخاري).

 

12- التقرب لله بالنوافل كما ورد عن الله في الحديث القدسي: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ. فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا. وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" (رواه البخاري).

 

هذه يا أختي بعض دلائل محبة الله للعبد، وهو ما ينتج عنها شعور العبد بالرضا والاطمئنان لجوار ربه، مع تأكيدنا على أن الأصل أن المؤمن لا يصل إلى درجة الرضا عن النفس بعمله؛ فالكيس من دان نفسه كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا يصل العبد إلى درجة من الرضا بالعمل والإعجاب به تجعل عمله هباء منثورا والعياذ بالله.

 

وأما عن علاقتك بزوجك السابق وتأثير الأحلام عليك:

 

أولا بالنسبة لما يراه النائم في نومه فهو إما رؤيا صالحة وإما حلم من الشيطان وقد علمنا المصطفى صلى الله عليه وسلم كيف نتعامل مع الأحلام فقال: "الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان. فإن رأى أحدكم الشيء يكرهه فليتفل يساره ثلاث مرات إذا استيقظ، وليتعوذ بالله من شرها؛ فإنها لن تضره إن شاء الله تعالى".

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا على ثلاثة؛ منها تخويف من الشيطان ليحزن بها ابن آدم ومنها الأمر يحدث به نفسه في اليقظة فيراه في المنام ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".

 

فالأصل أنك إذا رأيت ما تكرهين في منامك أن تفعلي ما أمرك به المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ وأن تثقي الله، وتعتقدي أن ذلك لن يضرك في شيء، ولا تبني على ذلك عملا ولا تأخذي قرارا بسبب رؤيا.

 

ولكن وقد حدث معك ما حدث؛ فأقول لك: إنه ربما كانت هذه صدفة، وربما كانت رؤيا صالحة أنقذك الله بها من هذا الزوج وأهله. وربما تأثرت بحلمك فأسأت الظن بزوجك.

أما وقد حدث ما حدث فأوصيك يا أختي أن تحتكمي للشرع في كل أعمالك وتصرفاتك؛ وأن تضعي الأمور في نصابها، وألا تتركي للشيطان فرصة للتدخل في حياتك، وأن تأخذي بالأسباب المادية مع حسن التوكل والاعتماد على الله والثقة فيه.

 

وختامًا؛ أجدك تربطين بين محبة الله للعبد وما حدث معك من رؤى أنقذتك من زوجك، وأخشى أن يتطرق إليك الشيطان فيلقي في نفسك أنك تحبين الله وأن الله يحبك ولذلك أصبحت رؤاك محققة، مع عدم إنكاري لاحتمالية ذلك، ولكني أحذرك فقط من مداخل الشيطان وحبائله وتزيينه العمل للإنسان فإن ذلك محبط للعمل ومهلك لصاحبه.

 

فعليك أن تحققي أسباب محبة الله لك، وإذا وجدت دلائل وعلامات هذه المحبة فاحمدي الله عليها، واعملي على التقرب من الله أكثر وأكثر، وخذي بالأسباب المادية وتوكلي على الله في كل أمرك، وادعيه أن يقدر لك الخير ويصلح لك شأنك كله.

 

ونسألك أن لا تنسينا من صالح دعواتك... وتابعينا بأخبارك.. لنطمئن عليك.