الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الخطبة والعقد
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
186 - رقم الاستشارة : 2212
03/08/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، خطيبي مطلق ومتدين لكنني لا أشعر بالارتياح الكامل، أنا فتاة بلغت من العمر 36 سنة، ملتزمة، أحاول حفظ القرآن، ذات جمال، طيبة القلب، خجولة جدًا، حساسة جدًا، وعندي كثرة في التفكير، أعمل مهندسة في شركة مرموقة، تقدم لي الكثير ولكن لم يحصل نصيب، يتم الرفض من الجانبين.
مؤخرًا تقدم لي شخص أكبر مني بسنة، مطلق، ولديه طفلان، هو جامعي أقل مني مستوى، ولكن لديه محل لبيع قطع غيار الدراجات النارية، هو حافظ للقرآن، وكان سابقًا إمام مسجد، وملتزم وذو خلق، حسب ما سألنا عنه.
أخبرني أن سبب طلاقه هو أن طليقته كانت عنيدة، وطويلة اللسان، وتحب المشاكل، وأمه أخبرتني أنها لا تعطيه حقه الشرعي، هو متعلق بأمه ويحبها ويحكي لها كل شيء.
المشكل أني ارتحت له في أول لقاء، فهو يتحدث جيدًا، ولديه ثقافة كبيرة، أما أنا فكنت خجولة ولم أتكلم، ثم تكرر اللقاء، ومرة أشعر بقبول، ومرة أشعر بنفور، وتمت الخطوبة مع أني غير مقتنعة، ولكن مع إصراره وإصرار عائلتي تمت.
أصبحنا نتحدث عبر الماسنجر لنتفاهم اكثر، فرأيت أن لديه افكارًا فلسفية، وأحس انه متشدد، وصعب الطباع، دائمًا يعدني أنه لن يفرض عليّ آراءه، ولكن خائفة من هذا التفاوت الديني، فهو لديه علم وتوجه ديني، مع أني أحس أنه ينقصه التطبيق، أخبرني أنه بسبب مشاكله مع زوجته السابقة فتن في دينه.
خايفة أيضًا من التفاوت المادي، وأحس أنه يريد استغلالي، واستغلال مالي، يوم أقتنع لأني أريد العفاف، والتقوى، وأن أنجب طفلًا، ولأفرح عائلتي، ويوم أشعر بنفور شديد، وأقول لا أريده، خاصة عندما اكتشفت أن الواسطة كذبت في كثير من الأمور.
عندي إحساس غريب، وتردد كبير، لا أعرف ماذا أفعل، فأنا حتى انقطعت عن قرآني، وأصبح عندي فتور غريب في العبادات، ومن كثرة التفكير نقص وزني كثيرًا اكتشف أحيانًا أن هناك تناقضات في كلامه، فهو يريد أن أجلس في المنزل، ومن جهة ليس لديه مانع أن أجد عملًا في الخليج، ونذهب إلى هناك، من جهة ملتزم، ومن جهة يكلمني في الليل، ويريد أن نخرج مع أمه وأمي.
هم كعائلة الرجل هو محور الحياة عندهم، أمه أيضًا لديها نظرة حادة، تخيفني أحيانًا حقًّا تعبت من التفكير، أحس أني سأجن، أريد أن أرفضه، ولكن خايفة ألا أجد شخصًا آخر، وضعت الآن حدودًا في التعامل، على أمل أن أجد قرارًا يريحني، أفكر في الذهاب إلى راقية، وأن أقوم بالحجامة، وأريد أن أسأل عائلة طليقته، فأبوها تبين أنه صديق أبي، وطليقته يسكنون بجانبنا.
لا أعرف حقًا ماذا أفعل، كل يوم أستخير، ومشاعري متضاربة، وأفكاري أيضًا، هو يقول إنه كان صريحًا معي في كل شيء، ساعات أقارن، وأقول إني أستحق الأفضل، وأحيانًا أقول ربما هذا خيار الله لي، وهو الأفضل لي، تردد، وخوف، وحيرة، أهرب للنوم أحيانًا، كنت أريده مهندسًا مثلي، وعازبًا، وأشعر أني غير متقبلة لفكرة الطلاق، وفكرة عمله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الكريمة، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك بوابة الاستشارات الإلكترونية، وبعد..
فإني قد قرأت رسالتك أكثر من مرة وأشعر بحيرتك وترددك ومخاوفك كلها، ودعيني أساعدك في تحليل ما تشعرين به حتى تستطيعي أن تتخذي قرارك دون قلق أو مخاوف وفي الوقت ذاته دعينا لنقوم بهذا التحليل في سياق واقعي لطبيعتك وطبيعة وملابسات هذه الخطبة.
لو بدأنا من آخر سطور رسالتك فسنجد أن النتيجة النهائية لهذه الخطبة هو أنك مرهقة نفسيًّا للغاية وتهربين للنوم.. فتور في العبادة.. هجرت القرآن.. تعانين من فقدان الشهية حتى نقص وزنك، وهذه كلها مؤشرات واضحة أن هذه الخطبة لم تحقق الهدف منها والحد الأدنى من ذلك هو الشعور بالقبول والرضا والراحة النفسية..
لكن دعيني قبل أن أُجزم أن ما تعانين منه هو بسبب خطبتك لهذا الرجل أن أناقش معك تصوراتك وطموحاتك من الزواج.
الواقع والمأمول
أنت كنت تأملين الزواج من مهندس مثلك.. رجل لم يسبق له الزواج مثلك، أما الواقع أنك ارتبطت بشخص يمتلك متجرًا لبيع قطع غيار الدراجات النارية، وهو رجل مطلق ولديه طفلان، وهذا يؤلمك بشدة ويشعل ترددك؛ فأنت إن قبلت به فهو قبول اضطرار من أجل العفاف ومن أجل أن يكون لك طفل ومن أجل إسعاد أسرتك، ولكنك في قرارة نفسك تشعرين أنه لا يشبهك وتشعرين أنه ليس بكاف بالنسبة لك..
تمت الخطبة نتيجة ضغط أسرتك وأنت تعانين من هذه المشاعر، فكانت هذه النتيجة التي تعايشينها، وإن تزوجت بهذا الرجل وأنت متلبسة بهذه المشاعر فستعيشين حياة معذبة حقًّا..
بينما لو نظرت للأمر بشكل مختلف لربما ساورتك مشاعر مختلفة تمامًا، فمثلا إن نظرت أن عمره يزيد عن عمرك عامًا واحدًا فقط، وأنه يحدث كثيرًا أن يتقدم رجال تزيد أعمارهم كثيرًا عن عمرك لطلب الزواج فستجدين أن التشابه في العمر ميزة كبيرة وقلما تجدين رجلاً وصل لهذا العمر ولم يسبق له الزواج، والرجال الذين لم يسبق لهم الزواج غالبًا ما يبحثون عن فتيات في سن أصغر من أجل سهولة الإنجاب وتكراره، بينما هذا الرجل المطلق لديه طفلان بالفعل، فبالتالي هو فكر فيك لشخصك وليس من أجل الإنجاب.
وإذا كنت تشعرين أنه أقل منك بسبب مهنته ووضعه الاجتماعي، فهذا أمر يعود إليك ولن تفلح محاولتي أو محاولة أي شخص بتغيير هذه النظرة.. هو جامعي ويعمل عملاً يدر عليه دخلاً يكفيه، فإن كان هذا لا يكفيك فلا تجرحيه ولا تخوضي تجربة أنت أكثر من سيتألم منها.. فقط تذكري جيدًا أنه لا يوجد إنسان كامل أو إنسان يكون فيه كل ما نأمل ونتمنى، والضابط أن نستطيع التكيف مع ما ينقصه أو العكس.. أما أن نقبل بهذا النقص في الظاهر بينما باطننا يشع بالأفكار القلقة والمخاوف والرفض فهذا خلل لا يمكن تجاوزه.
سلبيات حقيقية
هناك أمور أخرى كتبت عنها على درجة كبيرة من السلبية.. فإن كنت حقًّا موضوعية في طرحك فهذه الأشياء أسوأ من كونه مطلقًا أو يعمل في مهنة ترينها قليلة، ومن ذلك:
* ذكرت أن الواسطة كذبت في أشياء كثيرة فهل هو مصدر هذا الكذب؟ هو من أخبرها كذبًا عن أمور تخصه بغرض تجميل صورته أمامك وأمام عائلتك.. فقط تذكري أن الكذب أصل الشرور جميعًا.
* تحدثت عن شعورك أنه طامع في مالك، مضطرب في موقفه من عملك، وهذا أمر ينبغي أن تتحدثي معه فيه بكل صراحة ووضوح فهذه الأمور لا يصلح معها الغموض.. هل يريدك أن تتركي العمل؟ هل أنت موافقة على ترك العمل؟ أم أنه يريد عملاً في الخارج؟ هل تحدثت معه عن ذمتك المالية أم لا؟ وأيضًا هل تتحملين العيش معه في ظل هذا التفاوت المادي الكبير بينكما؟
* مسألة التشدد الديني هذه أيضًا ينبغي أن تكون واضحة في ذهنك.. هل هو متشدد أم حريص في التزامه الديني؟ فلو أنه بالفعل يمتلك أفكارًا متطرفة فستكون الحياة معه لا تطاق وسينعكس هذا التطرف على حياتك شئت أم أبيت.. لذلك عليك أن تجتهدي في فهم أفكاره والبحث عن أصولها، ويمكنك أن تسألي من تثقين فيه من أهل الفقه والفكر في القضايا الشائكة، ويوجد لدينا في موقع البوابة الإلكترونية للاستشارات استشارات فقهية وفكرية.
* الأسوأ من التشدد هو التناقض.. أن يعتنق الإنسان فكرة ما ويمارس غيرها، لكنك لم تقدمي أمثلة تدلل على تهاونه، فكونه يريد أن يخرج معك بصحبة والدته ووالدتك أمرًا طبيعيًّا.. أيضا ذكرت أنه يحدثك بالليل، فهل هناك تجاوز في كلامه معك أم أنك حكمت عليه لأنه فقط اتصل في الليل؟
أختى الغالية، إن أردت أن توسطي أحدًا يسأل طليقته وأهلها عنه فلا بأس في ذلك، مع مراعاة أن كلامهم عنه غالبًا لن يكون موضوعيًّا وإنما قد يلقي لك ببعض الأضواء الكاشفة.
وأخيرًا، فالرقْية أمر طيب ويمكنك أن تقرئي على نفسك، ولم أفهم ما هي علاقة الحجامة بما تعانين منه.. على أي حال ابذلي كل جهدك في التفكير والبحث والتحليل وسؤاله بشكل واضح وصريح عما أشكل عليك وغمض، فإن بقي شعور الخوف يسيطر عليك والقلق يحيط بك؛ فصلي صلاة الاستخارة ثم اتخذي قرارك.