الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الخطبة والعقد
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
35 - رقم الاستشارة : 2060
25/05/2025
أنا فتاة مخطوبة وخطيبي يقول لي إن ظروفه المادية لو تحسنت في المستقبل فإنه سيتزوج الثانية والثالثة وعندما أضحك يقول لي انني اتكلم بجدية .. هو عموما كلامه معايا جاف وأيضا هو يقدر نفسه جدا ويطلب مني دائما أن أعطيه التقدير اللائق به وأنا خائفة منه رغم أني اشعر بالحب نحوه فهل استمر في هذه الخطبة؟
ابنتي الحبيبة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك.. موقع البوابة الإلكترونية للاستشارات.
ابنتي الغالية، خطيبك رجل واضح، ومهما كان ذلك قاسيًا عليك إلا أن الوضوح والصراحة من أفضل ما قد يكون في البشر من صفات، بل إن الوضوح والصراحة أفضل ما قد يحدث في فترة الخطبة، حتى أنه يمكننا القول بكل ثقة أن كثيرًا من حالات الزواج الفاشلة كان من الممكن تلافيها لو كانت هناك مساحة من الوضوح والصراحة ولم يتم التغافل عنها عمدًا لأسباب عاطفية؛ فالخطبة ليست فترة لتبادل المشاعر والعواطف، يكفي أن يكون هناك ارتياح نفسي تجاه الطرف الآخر، إنما الخطبة التي هي وعد بالزواج فترة تمهيدية لاكتشاف الأعمدة الأساسية التي تكون شخصية هذا الطرف الآخر.
هل هو جاد؟
في ضوء هذا الذي ذكرته لك فإن ما قاله له خطيبك عليك أن تأخذيه على مأخذ الجد.. طبعًا كل شيء مقدر بأمر الله، فقد يقول لك خطيبك صادقًا إنه أبدًا لن يفكر بالزواج مرة أخرى ويتزوج، وقد يكون خطيبك ينتوي الزواج إذا امتلك المال ويمتلكه فعلا ولا يتزوج لأي سبب آخر.. لكنني هنا أتحدث إليك في ضوء اللحظة الراهنة وما تحتوي من نوايا، وخطيبك هذا ينتوى الزواج ويخبرك من اللحظة الحالية حتى لا تأتي في يوم من الأيام وتعارضيه لأنه سيقول لك لقد أخبرتك.. أنت ترفضين هذا الحديث ويحاول عقلك أن يصور لك الأمر كمزحة لكنه يؤكد لك إنه جاد في نواياه فماذا يعني هذا؟
هذا يعني أحد أمرين، إما أنه يحاول أن يجبرك على فسخ هذه الخطبة بصورة غير مباشرة لأنه يعلم أن هذا الكلام بهذا الأسلوب في هذا التوقيت لن تقبليه، وهو يريد أن يأتي الرفض منك لغرض في نفسه (حتى يضمن عودة شبكته الذهبية مثلا)، ولو كان الأمر كذلك فهو أسلوب ملتو منه (وما بدا لنا كصراحة لا يمثل أكثر من كونه فخًّا)، ويمكنك أن تتبعي شعورك وما الذي يقوله لك قلبك حتى تتأكدي من صحة هذا الافتراض من عدمه.. هل تشعرين أنه متمسك بك وأنك تمثلين قيمة كبيرة لديه؟ أم تشعرين أنه ضجر سريع الغضب طويل الخصام كثير التهديد؟
أنا لا أميل لهذا الرأي، وإن ظل هذا احتمالاً واردًا عليك أن تتأكدي منه.. فشخصيته التي تحب المدح والتقدير وتشعر بالكثير من الثقة تؤهله أن يكون ذلك الرجل الصريح الذي يعبر عن نواياه ورغباته بشكل بالغ الوضوح نافيًا أي هزل عما يطمح إليه، وهذا هو الأساس الذي عليك أن تتعاملي معه.. أن ما يقوله يعبر عن الحقيقة حتى يحدث شيء يناقض ذلك.
نصائح أساسية
ابنتي الغالية، هذه مجموعة من النصائح الأساسية التي تساعدك على حسن اتخاذ القرار بمشيئة الرحمن، ومن ذلك:
* عليك أن تكوني هادئة رزينة ولا تهاجمي تشريع التعدد أو تسخري منه، فهو تشريع إلهي وضعه الله سبحانه وتعالى الذي يعلم طبيعة البشر واختلاف الظروف والأحوال حتى تكون دائرة الحلال واسعة فلا يكون لأحد عذر في الوقوع في المحرمات.
* من حقك كامرأة في مرحلة الخطبة أن تشترطي عليه ألا يتزوج غيرك فهذا شرط مقبول (إن أحق الشروط أن يُوفّى به ما استحللتم به الفروج) [متفق عليه]، وليس في هذا استهانة بالتشريع وإنما هو تعبير عن موقف فردي.
* إذا كنت تحبين خطيبك وترين فيه من الصفات ما يجعلك ترغبين في الزواج منه حتى لو تزوج ثانية وثالثة فتوكلي على الله وادعي الله كثيرًا أن يذهب عنك غيرتك، فعندما خطب النبي ﷺ أم المؤمنين أم سلمة ترددت وكان من ضمن الأسباب أنها أمرأة غيرى؛ لذلك قال النبي ﷺ لعمر بن الخطاب الذي كان رسوله إليها (ارجع إليها فقل لها أما قولك إني امرأة غيرى فسأدعو الله لك فيذهب غيرتك)، ولا تأبهي برد فعل المجتمع والصديقات وقتها فأنتم داخل دائرة الحلال.
* إذا كنت ترفضين أن يتزوج عليك وتشعرين بغيرة غير محتملة لمجرد تصور الأمر بشكل نظري، فعليك أن تخبريه من الآن بهذا ولا تكوني أقل منه وضوحًا وصراحة، فإذا أصر على موقفه فأنت بالخيار إما القبول والتحمل، ورجاء أن يتغير موقفه بمرور الوقت (وهذا مستبعد) إما الرفض وفسخ الخطبة.
أما عن حبه للمدح والتقدير فهذه هي طبيعة البشر -يا ابنتي- وهي حاجة قوية وأساسية عند الرجل أن يشعر بتقدير زوجته له، وهي أحد مفاتيح شخصيته التي ظهرت لك، لكن تنبهي لو أن هناك مبالغة شديدة منه في محاولة جذب الانتباه والتقدير له فقد تكون هذه سمة من سمات الشخصية النرجسية فانتبهي، خاصة أنه يبدو أنه لا يقدم لك الأمر نفسه ويتعامل معك بجفاء والحياة الزوجية الناجحة هي ما يكون العطاء فيها متبادلاً.. خوفك منه جرس إنذار آخر تنبهي له.
وأرى أن تصلي صلاة استخارة وتراجعي ما ذكرته لك من نقاط وتسقطيها على شخصيته ثم تتخذي قرارك.. أسعد الله قلبك وأزال حيرتك، وتابعيني بأخبارك.