لا أحبه فهل أتزوجه؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الخطبة والعقد
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 139
  • رقم الاستشارة : 3055
26/10/2025

مرحبًا، تقدم لي شاب لا أحبه فهل أظلمه إن قبلت الزواج به؟ أنا فتاة عمري 25 سنة وأعمل كطبيبة، تقدم لي الآن شخص كان معي في أيام الجامعة ويحبني منذ ست سنوات، لكنه لا يلفتني من الناحية التي تهمني في الرجل، وهي العمل والاجتهاد وقوة الشخصية، لا أقول إنه سيئ، بل على العكس هو محترم ومتدين ولم يدخل في علاقات محرمة، وقد أتى من الباب مباشرة، هو أيضًا طبيب ويسعى لرفع مستواه العلمي، لكنه ينتظر وظيفة حكومية وليس من النوع الذي يخوض سوق العمل الحر يعجبني فيه خلقه ودينه، لكن ليست لدي مشاعر تجاهه، سبق أن تقدم لي ورفضته، وتقدم الآن مرة ثانية، وأنا في حيرة من أمري: هل أظلمه إذا وافقت وأنا لا أحبه بالقدر الذي يحبني؟ هل يمكن أن أحبه مع الوقت؟ أم أظلمه وأظلم نفسي إن رفضته؟ أشعر أنني قد لا أجد شخصًا يحبني مثله، خاصة أننا كبرنا ولم يعد هناك وقت للحب والمشاعر كما في الماضي

الإجابة 26/10/2025

ابنتي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.

 

أقدر مشاعرك وحيرتك لأن قرار الزواج هو قرار مصيري وأحد أهم القرارات الحياتية، لذلك فمن الطبيعي جدًّا أن تشعري بالحيرة، خاصة أنه لا يوجد لديك مشاعر شغف تجاه هذا الخاطب رغم أنك تعرفينه منذ سنوات.

 

أنت تقيمينه بطريقة عقلانية تمامًا وموضوعية لحد كبير، فأنت ترينه كشاب ذو خلق ودين وله نفس مكانتك الاجتماعية وجاد في علاقته بك، وفي الوقت ذاته لا تشعرين بالانجذاب نحوه كرجل؛ لأنك تقدرين الرجل الطموح قوي الشخصية وتستشعرين أن هذا الخاطب ليس كذلك، فعلى الرغم من طموحه العلمي فإنه لا يفكر إلا في الوظيفة الحكومية الرتيبة لذلك فأنت حائرة ما بين المزايا والعيوب.

 

يبدو أن عامل السن يمثل ضغطًا عليك وأثار لديك مشاعر الخوف من ألا يأتيك خاطب كالذي تتمنين أو حتى كالذي تقدم الآن والذي يحبك منذ سنوات.. الخوف يدفعك للموافقة والقبول، ولكنك تخشين أن تظلمي نفسك بالزواج من رجل لا تنجذبين إليه وتخافي أن تظلميه بالقبول به وأنت لا تكنين له أي مشاعر.. هذه مشكلتك باختصار حرب المشاعر والأفكار وصراع الإقدام الإحجام.

 

دوري -يا ابنتي- أن أوضح لك مميزات كل اختيار وعيوبه المحتملة ومناقشة بعض الأفكار معك ويبقى اتخاذ القرار مهمتك التي لا ينبغي لأي إنسان اتخاذه بدلا منك.

 

الحب والإعجاب

 

هناك خلط شديد ما بين مشاعر الحب ومشاعر الإعجاب، فمشاعر الحب هي مشاعر عميقة للغاية بحاجة للوقت والتجارب والمواقف حتى تتضح ملامحها، بينما مشاعر الإعجاب قوية عاتية تأتي على شكل موجة ضخمة مسيطرة على المشاعر ومخدرة لها حتى يزعم البعض أنها الحب ولا شيء غيره ولكنها سرعان ما تنحسر عندما تصطدم بصخور الواقع أو حتى بمرور الوقت فيذهب الشغف العنيف وتبقى الأمور الثابتة المستقرة، لذلك فكثيرًا ما يتحدث البعض أن الزواج القائم على الحب هو زواج فاشل، وفي الحقيقة أن الزواج القائم على الإعجاب دون أسس ثابتة هو ذلك الزواج الفاشل، فالإعجاب يمنح الأسس الثابتة بهاء وجاذبية.

 

لكن ماذا عن الزواج الذي يقوم على أسس ثابتة ولكن لا يتوفر فيه عنصر الإعجاب والشغف هل ينجح؟

 

نعم قد ينجح وبشدة؛ لأنه وبمرور الوقت والمواقف يتكون الحب العميق ذو الأساس الراسخ بشرط ألا يكون هناك هناك نفور.. أعني لا يوجد إعجاب أو شغف ولا يوجد أيضًا نفور، وهناك أسس متينة وقوية يقوم عليها الزواج ورغبة مشتركة في المنح والاستثمار فيه والتطور والنضج من خلاله.

 

ما لا يقبل التفاوض

 

الأخلاق والدين -يا ابنتي- هي أمور غير قابلة للتفاوض في أي علاقة صحية خاصة في علاقة الزواج، وأنت تشهدين لهذا الرجل بالدين والخلق والاستقامة وعدم انخراطه في أي علاقة عابثة.

 

أما ما يمكن التفاوض حوله فهو رؤيته للحياة خاصة رؤيته لمستقبل حياته العملية، أنت تقولين إنه طموح من الناحية العلمية، فما الذي يجعله متمسكًا بالوظيفة الحكومية، وهل يعني هذا أنه منعدم الطموح؟ أم لعل له رؤية مختلفة؟ فمثلاً ربما يريد الاستقرار في وظيفة ثابتة تحقق له الحد الأساسي من الأمان المادي، ولكن هذا لا يمنع من أن يكون له مشروعات مستقبلية أخرى، فيمكنك أن تتناقشي معه وتعرفي أكثر عن وجهة نظره في هذه النقطة تحديدًا.

 

ابنتي الغالية، تقولين إن ما يجذبك في الرجل هو العمل والاجتهاد وقوة الشخصية، وهذا يعني أنك غير معترضة على شكله أو مظهره، وهذه نقطة بالغة الأهمية في التوافق الزواجي قد لا تقبل التفاوض.

 

هل تمنحينه فرصة؟

 

ابنتي الكريمة، أنا لا أريد أن يكون الخوف هو الذي يقودك لهذا الزواج، فطبيبة في مثل عمرك تقول عن نفسها إنها كبرت لهو أمر محزن للغاية، وأخشى أنك تقللين من تقديرك لذاتك لأنك في سن النضج والحياة تفتح ذراعيها لك، وأنت إن قبلت بهذا الخاطب بدافع الخوف وتحت مزاعم كبر السن وأنه زواج عقلي بلا مشاعر فأنت تكتبين شهادة وفاة لهذا الزواج قبل أن يبدأ.

 

قبولك لهذا الخاطب لا بد أن يكون لأسباب أخرى مختلفة منها، مثلاً خلقه ودينه واستقامته ومنها حبه لك أو إعجابه بك والذي امتد لسنوات، وهو أمر لا تجده الأغلبية الساحقة من الفتيات ولا شك.

 

كونه طبيب مثلك ولديكم الكثير من الأمور المشتركة وسيتفهم المتاعب المصاحبة لمهنتك ولديه النفس الطموح العلمي الذي لك، كل هذه مشتركات يمكن البناء عليها بعيدًا عن مشاعر الخوف والإحباط التي تغلف سطور رسالتك الأخيرة.

 

فكري جيدا ووازني بين المميزات الحقيقية والعيوب الحقيقية، وامنحي نفسك كل الوقت للحوار معه، ثم صلي صلاة استخارة، فإذا شعرت بالقبول والارتياح، فاطلبي فترة خطبة لا تقل عن 6 أشهر، والأفضل أن تكون سنة كاملة تتعرفين عليه عن قرب وتقيمين مشاعرك ناحيته.

 

لا تزيفي مشاعرك أبدًا، فإن قبلت بخطبة فقولي له إنك بحاجة للوقت حتى تفهمي مشاعرك أكثر وهكذا أنت لا تخدعينه بشيء غير حقيقي، وفي الوقت نفسه أنت لا تظلمين نفسك بخداعها أو بتخويفها بل تتخذين القرار أيًّا كان بإرادة حرة وعيونة مفتوحة. أسعد الله قلبك يا ابنتي، ورزقك الزوج الصالح الذي تقر عينك به.

 

روابط ذات صلة:

تأخرت في الزواج.. فماذا أفعل؟

خائفة من المستقبل.. كيف أواجه تأخر الزواج والتعثر المهني؟

الرابط المختصر :