خلوقة وعاقلة لكنها غير جميلة.. هل أطلقها؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الخطبة والعقد
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 199
  • رقم الاستشارة : 2178
24/07/2025

السلام عليكم، متردد في الزواج من خطيبتي بسبب الشكل أنا شاب في أوائل الثلاثينات تعبت كثيرا وأنا ابحث فتاة ذات جمال وذات دين للزواج، وكنت كلما جلست مع فتاة للزواج جلسة تعارف عند الاهل أجدها سطحية أو مادية أو عنيدة.

ثم دلوني على فتاة أخبروني في البداية أن عمرها 27 وعندما جلست معها عرفت منها أن عمرها 29، في جلسة التعارف كان سينقطع تنفسها من الخجل أحببت حياءها بشكل كبير، الفتاة يتيمة لم أكن متقبلا شكلها بشكل كبير، جلست معها عدة جلسات قبل الخطبة كانت متلهفة لي كلما رأتني ووعدتني أنها ستطيعني وتعاملني بكل حب، وبالفعل حدث خطبة سريعة وعقد نكاح.

الآن أنا خاطب منذ 3 شهور تقريبا أو أقل بقليل، عندما رأيتها أول مرة بشعرها في حفل عقد النكاح صدمت من شكلها لم يعجبني أحسست أني أريد الهرب، استمر موضوع الضيق من الشكل معي، لكن كنت أصبر نفسي وأجعلها تذهب لجلسات بشرة أو جلسات ليزر وتجميل وشعر وأسنان ونادي رياضي قلت لنفسي ربما أصبحت أجمل.

خلال هذه الفترة الفتاة أحبتني حبا كبيرا جدا وتعلقت بي بشكل كبير، هي تطيعني بكل شيء وتفعل المستحيل لكي تسعدني، أحببت كل طباعها، وفية حيية خلوقة قنوعة صبورة ذات دين ذات عقل راجح ظلها خفيف وقريبة من القلب.

أنا وضعي المادي ليس قوي وعندي أيضا مرض ليس خطير لكنه يؤثر على حياتي وتقبلتني وتصبر على كل شيء، كل صفاتها وطباعها جميلة جدا ونادرة جدا في هذا الزمان، لكن ما زال موضوع الشكل يؤرقني.

أنا أحببت روحها وجوهرها، لكن أشعر بالضيق كلما رأيت فتاة جميلة. أحبها عندما تتزين وأذهب لزيارتها أجلس عندها أشعر أني أسعد إنسان على وجه الأرض بسبب اهتمامها الزائد، بي وعندما أخرج من عندها أعود لنفس التفكير والضيق بسبب الشكل.

أنا في صراع نفسي عميق وخوف كبير، هل أطلقها قبل الدخول، خيار جدا مخيف لأني قد أخسر جوهرة لن أجد مثلها أبدا، ربما أجد فتاة أجمل منها لكن طباعها سيئة، وأندم كل حياتي على خسارتها، ومن الجهة الأخرى أخاف أن أستمر في علاقتي معها وأنا في ضيق من شكلها ثم أظلمها وأظلم نفسي بعد الزواج.

أشعر بالعجز لا أستطيع أخذ قرار لا ترك ولا استمرار لا أريد خسارة الجوهر النادر ولا أستطيع تقبل فكرة التنازل عن الجمال.. ساعدوني كل يوم أختنق أكثر بسبب حيرتي صليت استخارة كثيرا وكل يوم أقرأ مشاكل مشابهة لمشكلتي وأجد نصائح الناس أن الجمال يزول والجوهر يبقى، لكن الضيق بسبب قلة الجمال لا يزول ولا أستطيع الوصول لمرحلة آخذ فيها قرار حاسم أنا معلق.

وفي الفترة الأخيرة الفتاة عرفت كل شيء وما زالت صابرة ومحتسبة عند الله صبرها علي لعلي أتحسن ويزول الضيق من صدري ونكمل علاقتنا، أرجوكم لا أريد ظلمها ولا ظلم نفسي أخاف كثيرا من فكرة الترك ومن فكرة الاستمرار بنفس الدرجة.

الإجابة 24/07/2025

أخي الكريم، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.. والحقيقة أنني أقدر حيرتك وترددك؛ فالغاية الأساسية من الزواج هي العفاف، وأنت خائف من ألا تستطيع عروسك تحقيق ذلك لأنك تراها قليلة الجمال، وفي الوقت ذاته من الناحية العقلية أنت تراها فتاة نادرة خاصة في هذا العصر، فهي محبة مطيعة هادئة تتمتع بكل الصفات الجميلة، ومن الناحية النفسية أنت متعلق بها ولا ترغب في كسرها وخائف أن تكسرها إذا تزوجت بها وأنت تشعر أنها غير كافية بالنسبة لك، أي أنك واقع فيما يطلق عليه علم النفس "صراع الإقدام – الإحجام".

 

وبالطبع -يا أخي- القرار النهائي لك، لكن دعنا لنلقي بعض الأضواء الكاشفة حول شخصيتك وشخصية عروسك وملابسات زواجكما.

 

صورة الجمال

 

على الرغم من أن حقيقة الجمال نسبية تختلف باختلاف المجتمعات والأزمنة والذوق الشخصي بحيث يبدو في الظاهر أن كل إنسان حر فيما يتذوقه وينتقيه من صور الجمال (بالطبع أتحدث عن جمال الشكل أو الصورة)، فإن الأغلبية الساحقة منا تقع بالفعل في وهْم الجمال الذي تروج له الحضارة الغربية، بدءًا من السينما خاصتها، مرورًا بمصانع منتجات التجميل التي تدير صناعة بمليارات الدولارات وأنواع الجراحات التجميلية، انتهاء بفنون البيع والتسويق التي يتعاملون بها معنا.

 

هذه الحضارة روّجت للجمال باعتبار أن نموذج الجنس الآري أو الأبيض عمومًا هو النموذج الأعلى للجمال، وعلى جميع صور الجمال الأخرى أن تتلاشى فيه، فبقدر ما تقترب منه يتم تقييمها، بعد نمو تيارات مناهضة العنصرية سنجد أن نموذج البشرة البيضاء وإن خفت قليلاً لكن بقيت بقية المعايير في الملامح والشكل والجسد.

 

أنت كشاب عادي نشأ منذ مراهقته وهو يرى نموذج معين للجمال.. لا يراه فقط بل يتم الإلحاح عليه من خلال السينما والدراما وفتيات الإعلانات حتى أصبح جزءًا من خياله وأصبح يحلم أن يلتقيه في الواقع، ونسي أن هؤلاء النساء في عالم الفن ليس لديهن هدف أكثر من الاهتمام بالشكل حتى يطابق مواصفات جمال عصر العولمة ويتم إنفاق مبالغ باهظة حتى يتحقق لهن ذلك، ما في ذلك إجراء الجراحات التجميلية...

 

الصورة على الشاشة يقوم على إخراجها مصور متخصص يلتقط الصور بزوايا معينة ووفقًا لإضاءات خاصة، وهذا كله يختلف عن الناس العادية والفتيات العاديات، فهناك بون شاسع بين الصورتين، وهنا يأتي دور خبراء الدعاية والتسويق لحث الفتيات العاديات للاقتراب بصورهن من صور هؤلاء النجوم ولدفع الشباب للبحث عن هذه الصورة.

 

والعكس يحدث أيضًا، فالشاب الطويل مفتول العضلات الذي يشبه نجوم السينما هو الآخر أصبح حلمًا للفتيات؛ فالحضارة الغربية لم تقدم نموذجًا لجمال الصورة الأنثوية فقط وإنما لوسامة الصورة الذكورية أيضًا، ومن ثم شاع الإحباط بين الشباب والفتيات؛ لأن كل طرف لا يجد الصورة التي يحلم بها والتي تشكلت في اللاوعي الخاص به كمرادف للجمال.

 

فما تعاني منه يعاني منه آلاف الشباب والفتيات، وأنت إن تركت فتاتك جميلة الخلق هل أنت واثق أنك ستجد فتاة أخرى تشبع خيالك؟ وهل إذا وجدتها فسترى هي فيك الصورة التي تحلم بها، فلقد انتهى عصر الرجال الذين لا يقيمون بمدى وسامتهم بالنسبة لهذا النمط من الفتيات؟ وماذا عن مرضك ألا يمكن وضعه أيضًا في هذه المعادلة؟

 

ويبقى سؤال أخير: هل يغني جمال الصورة عن جمال المضمون؟ وهل تعتقد أنك ستجد الفتاة التي يتوافر فيها جمال الصورة الذي يرضيك وجمال الخلق الذي وجدته في خطيبتك وفي الوقت ذاته تعجب هي الأخرى بك؟!

 

مقاربة الصورة

 

في الحياة عمومًا من يسعى للكمال يعاني معاناة شديدة، لكننا دائما نسعى للمقاربة لتحقيق تقدير لا يقل عن جيد، فهل تستطيع أن تصل فتاتك لهذا المستوى من الجمال الشكلي؟ خاصة أنك تقول إنك تشعر أنك أسعد إنسان في العالم وأنت جالس معها لا سيما عندما تكون في كامل زينتها، لكن يبدو أنك تطلق النظر في وجوه الفتيات وتعقد المقارنات، وبالتالي يتبدد سلامك الداخلي وتظل في دائرة التردد وصراع الإقدام - الإحجام.

 

أخي الكريم، الحياة اختيارات وكل إنسان يتحمل مسئولية اختياره، وعليك أن تواجه نفسك بصدق، إما أن تقبل خطيبتك بجمال روحها وجمال شكلها الخارجي ولا تقارنها بأحد لا بالفتيات اللاتي تقابلهن في الشارع ولا بنجمات السينما ولا حتى بالفتيات في خيالك، وإما تتركها فهي لن تعيش حياتها تشعر أنها غير كافية، وهو ما علمته بالفعل ولا تزال صابرة عليه حتى اللحظة.

 

وأن تتألم هذه الفتاة الآن بعض الوقت خير من أن تعيش حياتها في جحيم مكسورة ذليلة وأنت تشعرها أنها أقل من أن ترضيك.. فكِّر فيها بعض الشيء، لا من حيث المنفعة التي تعود عليك بارتباطك بها، بل فكِّر فيها كإنسانة نبيلة نادرة في هذا العصر، هل تستحق أن تظل واقعة في أتون المقارنات.. هل ترضى ذلك لأختك؟

 

واجه نفسك بصدق ودون أي ضغوط، فلن تكسب إثمًا إذا تركتها، لكنك ستكسب الإثم إذا أطلقت بصرك في الفتيات، وستكسب إثمًا وأنت تعقد المقارنات بين زوجتك وبين الأخريات.

 

رأيي الشخصي أن زوجتك تستطيع أن تتزين وتصبح نموذجا مُرضيا للجمال وأنت اختبرت ذلك بالفعل، لكنها لن تصمد في وجه المقارنة ولن تصمد أي فتاة أخرى مهما كانت جميلة، فكل فتاة جميلة، وهناك من هي أكثر جمالاً منها، فهنا لا بد من وضع حد معين يمثل الإشباع بالنسبة لك، وإلا فأنت في مشكلة حقيقية وستظل تبحث طويلاً وتسير في دائرة مفرغة.. يسر الله أمرك وأسعد قلبك وأصلح حالك، وتابعني بأخبارك دائمًا.

الرابط المختصر :