Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. مصطفى عاشور
  • القسم : فكرية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 87
  • رقم الاستشارة : 1639
15/04/2025

ما هو المشروع الذي يقدمه المستشرق الفرنسي فرانسوا ديروش حول القرآن الكريم؟

الإجابة 15/04/2025

الاستشراق القديم والحديث له أزمة عميقة مع القرآن الكريم، فهو إما لا يعترف بأن القرآن كلمة الله تعالى الأخيرة للبشرية، وأنه نزل به الوحي على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، أو أن هذا الاستشراق يسعى جاهدًا لإيجاد فجوة وتناقض في النص القرآني خاصة النص المحفوظ في الصدور والنص المحفوظ كتابة.

 

ومن بين تلك المشاريع الاستشراقية، ما يقوم به المستشرق الفرنسي "فرنسوا ديروش" الذي يرأس كرسي "تاريخ القرآن النص والنقل" المتخصص في تاريخ الإسلام والمخطوطات العربية، والحاصل على الدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية عام 1987م.

 

وفرنسوا من المهتمين بالقرآن الكريم خاصة مجال المخطوطات القرآنية والتدوين المبكر للنص القرآني، ويشرف على الكثير من الرسائل العلمية للدكتوراه والماجستير في مجال صناعة الورق في العالم الإسلامي، والمخطوطات وأحبار الكتابة، وله العديد من المؤلفات حول القرآن ومخطوطاته، منها: "القرآن ما بين القرنين الثامن والعاشر" و"القرآن تاريخ متعدد" و"القرآن" وله فهرس عن المصاحف المخطوطة في المكتبة الوطنية بباريس، لكن أشهر كتبه هو "مصاحف الأمويين: نظرة تاريخية في المخطوطات القرآنية المبكرة" الذي تُرجم للعربية عن "مركز نهوض للدراسات والبحوث" بالكويت.

 

والملاحظ أن جهود واهتمامات "ديروش" العلمية تكاد تنحصر في علم "الكوديكولوجيا" codicologie  أو علم دراسة المخطوطات، من جوانبها المادية كالورق المكتوب والأحبار المستخدمة في الكتابة والأقلام والجلود المستخدمة في تجليد الكتب والمخطوطات، وكذلك فن التجليد... إلخ، أي أنه يهتم بدراسة المخطوطة من الجانب المادي.

 

هذا العلم حديث النشأة، أما دخوله في مجال التداول للمخطوطات العربية فيرجع إلى العام 1986م، عندما عقد "ديروش" أول مؤتمر حول المخطوطات العربية في إسطنبول بتركيا.

 

يشير "ديروش" إلى اتجاه "جديد" في الاستشراق، وصفه البعض بأنه الاستشراق العلمي، ذلك الاستشراق البعيد عن الدوافع التبشيرية، وهذا الاتجاه تنصبّ جهوده على دراسة الدين وكتبه المقدسة، لكن يبدو أن بعض غايات هذا الاتجاه الاستشراقي هو التشكيك في القرآن ومحاولة إثبات فرضية كاذبة بأن القرآن الكريم نص متناقض، وأن القرآن الذي يُتلى آناء الليل والنهار، والمستودع في الصدور قبل الصحائف، ليس هو القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

 

يؤكد بعض متخصصي الدراسات القرآنية أن "ديروش" استخدم تعبير "التجربة الروحية" عند الحديث عن الوحي، وهو ما يعد تفاديًا من "ديروش" للاعتراف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ووقع "ديروش" في الخطأ الاستشراقي التقليدي وهو التشكيك في الوسائل التي حفظ من خلالها النص القرآني، نافيًا أن يكون القرآن تم تدوينه في العصر النبوي، كما شكك في تدوين القرآن في عهد أبي بكر الصديق –رضي الله عنه-، كما زعم أن مصحف عثمان بن عفان رضى الله عنه لم يلق قبولاً من جميع المسلمين، وزعم "ديروش" أن هناك تعديلات وتدخلات نفذت للقرآن إبان عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.

 

أما أهم كتب "ديروش" فهو كتاب "مصاحف الأمويين" وهذا الكتاب يهتم بدراسة المخطوطات الأولى للقرآن الكريم التي تم تدوينها في العصر الأموي، فدرس في هذا الكتاب أساليب الكتابة والخطوط والحبر والورق ومختلف المواد المستعملة في النسخ، والهدف هو مناقشة دور المخطوطة القرآنية في إثبات مصداقية من ورد في النصر القرآني المتواتر شفهيًّا.

 

ويرى بعض الباحثين في الدراسات القرآنية أنه رغم أن "ديروش" ذو منظور علماني في النظر للقرآن في كتابه "مصاحف الأمويين" فإن الكتاب في حد ذاته وثيقة علمية بحثية ترد الادعاءات الاستشراقية التقليدية الزاعمة بأن القرآن يعود إلى القرن الرابع الهجري.

الرابط المختصر :