الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
45 - رقم الاستشارة : 1103
24/02/2025
السلام عليكم، كنت مشخصة بسحر مأكول، والحمد لله منّ الله عليّ بعمرة وأنا الآن في مكة بعد أداء العمرة قمت بعمل التضلع بماء زمزم، ولكني تعبت جدا وشعرت بألم في معدتي ودوخة وغثيان وقمت بالاستفراغ.
بعد ذلك سكنت معي في غرفتي بنت سلوكها غريب جدا، كانت تستاء من صوت القرآن وعندما تراني أصلي تثور وتبكي، وقالو إن بها مسا، لكن اكتشفت أنها كانت طبيعية جدا ثم تغيرت إلى هذه الحالة بعد العمرة.
في بداية الأمر كنت أتعاطف معها ولكن لم أشعر أبدا بارتياح خصوصا عندما شغلت القران وهاجمتني ورفضت أن أغلقه وطلبت بأن ينقلونا غرفة أخرى او ينقلوها نظرا لظروفها النفسية، وكان أبوها يأتيها بالطعام في الغرفة، وبعد أن غادرت كان يأتي متحججا بأكثر من حجة، الآن أنا أشك أنه ساحر أو دجال، وقدمت شكوى ضده لإدارة الفندق حتى لا يأتي إلى غرفتي.
ماذا أفعل حتى أحمي نفسي من هذه الأشياء، خاصة أني ارتحت جدا بعد الاستفراغ بماء زمزم وقمت بعمل عمرة أخرى لوالدي رحمه الله عليه، والان عادت لي الكوابيس، وكلما غفوت حلمت أني تائهة في الحرم وكل ما أحاول الوصول للكعبة وجدت نفسي اتبعدت وخرجت وأحاول معاودة الوصول للكعبة وأيضا أفشل وأخرج بدلا من أن أدخل.
أنا أقرأ آيات إبطال السحر على ماء زمزم وأدعو كثيرا، أتمني أن تساعدوني، وأسألكم الدعاء لي بألا أغادر مكة حتي يتم شفائي.
الحمد لله القائل: (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ)، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد، الفاتح لما أُغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، والهادي إلى صراط الله المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم، وبعد:
فمرحبا بك -أختي السائلة الكريمة- وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيكِ شفاءً لا يغادر سقمًا، وأن يعافيكِ من كل سوءٍ وضررٍ، وأن يجعل لكِ من أمركِ فرجًا ومخرجًا.
واسمحي لي أختي الكريم أن أنقل إليكِ شعوري بعِظَمِ الأمر على نفسك، ولكن الأمر يحتاج إلى نظرات متوازنة، وذلك على النحو التالي:
أولًا: النظرة الشرعية والواقعية لحالتكِ
- ما ذكرته من أعراض يتوافق مع حال من يعاني من أثر السحر أو الحسد أو المسّ، ولكن من المهم أن نكون متوازنين في نظرتنا للأمور، فلا نغرق في الخوف والوساوس، ولا نتهاون في التحصين والعلاج الشرعي.
- وها قد أنعم الله عليكِ بعمرة وزيارة مكة، ووفقكِ لشرب ماء زمزم والقيام برقية نفسكِ، وما حصل لكِ من استفراغ هو خيرٌ بإذن الله، يدل على أن جسدكِ تفاعل مع ماء زمزم والرقية، وربما يكون هذا إخراجًا لما أصابكِ من أذى.
- أما بخصوص الفتاة التي سكنت معكِ ووالدها، فلا ينبغي لكِ الجزم بأنهم سحرة أو دجالون لمجرد التصرفات الغريبة، لكن من الحكمة أن تأخذي بالأسباب الشرعية لحماية نفسكِ، خاصةً مع شعوركِ بعدم الارتياح تجاههم، ولا بأس بما فعلتِ من إبلاغ إدارة الفندق لاتخاذ اللازم.
ثانيًا: كيف تحصنين نفسكِ وتحافظين على سلامتكِ؟
وأجيبك على ذلك بالآتي:
- المداومة على الأذكار والأوراد اليومية، مثل: أذكار الصباح والمساء من أهم أسباب التحصين، وخاصةً: آية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، وسورة الفلق والناس والإخلاص ثلاثًا صباحًا ومساءً، ومن الأدعية المأثورة عن سيدنا النبي: "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"، تقوليها ثلاث مرات، ومثل ذلك، الدعاء المأثور: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق".
- المحافظة على الصلاة وقراءة القرآن يوميًّا؛ فحافظي على الصلاة في وقتها، وخصوصًا صلاة الفجر، فهي حصنٌ من الشيطان، وأكثري من قراءة سورة البقرة، فهي بركة وطرد للشياطين، قال النبي ﷺ: "اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة" (أي السحرة).
- شرب ماء زمزم بنية الشفاء والتحصين، فاستمري في شرب ماء زمزم بنية الشفاء، واقرئي عليه الرقية الشرعية وآيات إبطال السحر، مثل: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} وقوله تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ).
- الابتعاد عن الوساوس والمبالغة في التفكير بالأمر: فلا تجعلي الخوف يسيطر عليكِ، فإن النبي ﷺ علمنا أن نتحصن دون أن نُشغل عقولنا بما يفعله السحرة أو الحساد، وقد قيل: كلما قوي توكل العبد على الله، وتعلق قلبه به، ولم يلتفت إلى غيره، انقطعت عنه أسباب الأذى من الجن والإنس.
ثالثًا: ماذا تفعلين إذا استمرت الأعراض
- يمكنكِ مراجعة شيخٍ ثقة معروف بالرقية الشرعية في مكة، وليكن شخصًا مشهودًا له بالصلاح والتزام السنة، وليس مجرد من يدّعي العلاج.
- اجتهدي في الدعاء، وخصوصًا في السجود وأنتِ في الحرم، واسألي الله بصدقٍ وإلحاح أن يتم شفاؤك قبل مغادرتكِ.
- لا تلتفتي إلى الأحلام كثيرًا، فبعضها يكون انعكاسًا لحالتكِ النفسية، فاشغلي نفسكِ بالذكر وقراءة القرآن، وستزول عنكِ هذه الكوابيس بإذن الله.
- وها أنتِ ذا في مكة، في أطهر بقاع الأرض، تحت رعاية الله، وما تمرين به مهما كان صعبًا فهو زائل بإذن الله. ثقي بربك، واصبري، وأبشري بفرج قريب، ولا تخافي ولا تجزعي، فإن مع العسر يسرًا، وثقي بأن الله معكِ ولن يضيعكِ، واحتسبي أجركِ عند الله، واصبري، فالنصر مع الصبر.
وأسأل الله العظيم أن يزيل عنكِ كل أذى، وأن يبارك لكِ في عمركِ، ويرزقكِ راحة البال وسكينة القلب، وأن يعيدكِ إلى بلادكِ وأنتِ في صحةٍ وعافية، مطمئنةً مطهرةً من كل شر، وأن يكتب لكِ أجر المجاهدين في سبيله، ويجعل لكِ في هذه المحنة رفعةً وقربةً إليه. وأدعو الله تعالى أن يُفرّج عنكِ الكرب والهمّ، وأن يصرف عنكِ كل سوء ومكروه.