الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
145 - رقم الاستشارة : 1956
14/05/2025
أواجه شخصًا في حياتي لا يتقبل نصيحتي، بل يقابلها بالاستهزاء والسخرية، ورغم محاولاتي العديدة لتوجيهه، إلا أنني أشعر أنني أواجه حائطًا من الرفض. فهل من الأفضل أن أترك محاولة نصحه أو أواصل رغم السخرية؟ وكيف أتعامل مع هذه الحالة بطريقة مؤثرة وهادئة؟
أخي السائل الكريم: إن مواجهة شخص لا يتقبل النصيحة وتفاعله بالاستهزاء والسخرية هي من التجارب التي قد تزعج أي شخص ناصح يرغب في الخير للآخرين. ولكن يجب أن نعلم أن التوجيه والنصيحة ليسا مسؤولية فردية في المقام الأول، بل هي مشيئة الله سبحانه وتعالى، الذي يهدي من يشاء. لذا، دعني أقدم لك بعض الخطوات التي قد تساعدك في التعامل مع هذا الموقف:
أولًا: اجعل نيتك خالصة لله
فعندما تقدم النصيحة، يجب أن تكون نيتك خالصة لله تعالى، دون النظر إلى استجابة الشخص أو مديحه لك. قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين﴾؛ فالنية الطيبة في نصح الآخرين دون انتظار رد فعل إيجابي من جانبهم تعد من حسناتك عند الله، حتى لو قابلوا نصيحتك بالاستهزاء.
ثانيًا: اعرف أن النصيحة مسؤولية وليست نتيجة
إنَّ النصيحة واجب عليك، لكن النتيجة بيد الله. قد تتعامل مع شخص لا يقدر النصح الآن، ولكنه قد يغير موقفه في المستقبل، كما حدث مع كثير من الأشخاص الذين غير الله قلوبهم في لحظة من اللحظات. عن النبي ﷺ قال: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ».
ثالثًا: استخدم أسلوبًا لطيفًا
إذا واجهت السخرية والاستهزاء، فحاول استخدام أسلوب رقيق وجميل في تقديم النصيحة، وأظهر له براءتك في النصيحة وأنك لا تقصد به إلا خيره. تأكد من أن أسلوبك لا يُشعره بالتهديد أو الانتقاد، بل يكون دائمًا مبنيًا على التوجيه بلطف وتفهم.
رابعًا: الدعاء له بالهداية
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إنَّكَ لَا تَهْدِي مَن أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء﴾، وهذا يعكس حقيقة أن الهداية بيد الله. لا تنسَ أن تدعو له بالهداية في كل وقت. فالدعاء هو سلاح عظيم ومؤثر في حياتنا.
خامسًا: تعلم كيف تُحسن الرد على السخرية
حينما يستهزئ الشخص بنصيحتك، لا تقع في فخ الرد بالمثل أو السخرية. بل يجب أن تتحلى بالصَّبر، كما قال الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، وأن تظل ثابتًا على موقفك، فليس من الضروري أن يتفق الجميع معك، ولكن من المهم أن تظل محترمًا لذاتك ولرأيك.
سادسًا: حدِّد متى تتوقف عن النصيحة
قد يكون في بعض الأحيان من الأفضل التوقف عن محاولة تقديم النصيحة إذا استمرت السخرية والاستهزاء، ولكن دون أن يكون ذلك استسلامًا. قد تحتاج إلى أخذ مسافة مؤقتة، لكن في نفس الوقت تظل على استعداد للتوجيه إذا تغيرت الظروف.
واسمح لي أن أقدم لك بعض الوصايا:
1. اصبر على السخرية: لا ترد على السخرية، بل حافظ على هدوئك واستخدام أسلوب الرفق في الرد.
2. دعوته إلى الله مستمرة: لا تتوقف عن الدعاء له بأن يهديه الله ويمنحه الفهم الصحيح.
3. كن قدوة: قد يكون سلوكك وتصرفاتك هو أنجح وسيلة لإقناع الشخص.
4. لا تحمل على عاتقك مسؤولية الهداية: تذكر أن الهداية بيد الله تعالى وحده.
أعانكم الله على طاعته ومحبته.