الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
93 - رقم الاستشارة : 1591
12/04/2025
أنا مرشد أسري ومستشار تربوي، وأتعامل مع العديد من المشكلات الأسرية والتربوية. فكرت في كيف أكون داعية إلى الله من خلال هذا المجال، وكيف أكون صورة حسنة تمثل الإسلام، دون الدخول في الفتاوى والمسائل الفقهية المتخصصة. كيف أوظف ذلك لخدمة الإسلام والدعوة إلى الله بشكل صحيح ومتزن ومتوازن؟
أخي الكريم، مرحبًا بك بين زملائك ومحبيك على هذا الموقع، ولا يغيب عن علمك أنّ عملك في الإرشاد الأسري والتربية هو من أنبل الأعمال الدعوية؛ لأن الأسرة هي نواة المجتمع، فإذا صلحت الأسرة، صلح المجتمع. والنبي ﷺ بدأ دعوته من بيته، فكان قدوة في تعامله مع أهله، قبل أن يكون إمامًا للأمة.
والسؤال الآن: كيف تكون داعية من خلال الاستشارات الأسرية؟
1) اجعل الإرشاد الأسري رسالة إصلاحية وليس مجرد مهنة: فلا تقتصر على حل المشكلات، بل كن صانعًا للأمل والتغيير في حياة الناس، واستشعر الأجر العظيم في كل نصيحة تقدمها؛ فالإصلاح بين الزوجين والأهل من أعظم الأعمال، قال تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].
2) الدعوة من خلال القيم، لا الفتاوى: فلا يلزمك أن تفتي ويمكنك أن تعيد السائل للمتخصصين في الفقه إن لزم الأمر، واستخدم القيم الإسلامية في توجيه الأسر، مثل العدل، والرحمة، وحسن العشرة، وبر الوالدين، وركّز على تعزيز الاحترام والحوار والتراحم بين الأزواج والآباء والأبناء.
3) كن قدوة عملية قبل أن تكون ناصحًا: اجعل نفسك نموذجًا في تعاملك مع زوجتك وأولادك وأهلك؛ فالناس تتأثر بالأفعال أكثر من الأقوال، وأظهر الرحمة والصبر عند الاستشارات، ليشعر الناس أن الإسلام دين رحمة وليس تشددًا.
4) استخدم أساليب عصرية في الدعوة الأسرية: فيمكنك أن تُنشئ محتوى إعلاميًّا عبر وسائل التواصل (مقالات، فيديوهات قصيرة، استشارات مصورة) حول القيم الأسرية في الإسلام. نظّم ورش عمل ودورات تدريبية تربط بين العلم الحديث والمفاهيم الإسلامية في التربية والعلاقات الزوجية، ويمكنك العمل على تقديم حلول عملية بدلًا من النظريات فقط، فالناس تحتاج إلى "كيف"، لا مجرد "لماذا".
5) اجعل حل المشكلات الأسرية وسيلة لنشر تعاليم الإسلام: عند معالجة مشكلة أسرية، بيّن أن الإسلام سبق كل الأنظمة الحديثة في وضع الحلول، مثل: حسن العشرة بين الزوجين: قال ﷺ: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، التربية بالحوار وليس العنف: قال النبي ﷺ: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه"، العدل بين الأولاد: كما أوصى النبي ﷺ بضرورة التسوية بينهم.
6) كن مستشارًا يوجه للحلول لا للصدام: فتجنّب الدخول في القضايا الجدلية التي تؤدي إلى النزاع، وركّز على توجيه الناس إلى أصل المشكلة وكيفية حلها، ولا تفرض رأيك، بل قدّم خيارات مع توجيه حكيم، ليشعر المستشير أن الحل ينبع منه.
7) اربط الناس بالله في مشكلاتهم: فكثير من المشكلات الأسرية سببها البعد عن الدين، فذكّرهم دائمًا بأن التزامهم بالصلاة، والذكر، والاستغفار، يحل كثيرًا من الأزمات، بيّن لهم أثر الدعاء والتوكل في استقرار الأسرة، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2].
كيف تتجنب الإرهاق الدعوي؟
1) لا تستنزف نفسك في كل قضية، وخصص وقتًا للتجديد الروحي والعلمي.
2) استعن بفريق دعم من المختصين والدعاة، ولا تتحمل كل شيء وحدك.
3) ركّز على النوعية وليس الكمية، فإصلاح أسرة واحدة بإخلاص خير من مئات الاستشارات بلا تأثير.
وختامًا أخي المرشد الأسري والاجتماعي الكريم:
أنت داعية بأسلوبك، بنصحك، بابتسامتك، بحلك للمشكلات، فلا تستهن بتأثير كلمتك على قلوب الناس. وظّف علمك في نشر الرحمة والعدل، واجعل من كل استشارة فرصة لنشر القيم الإسلامية بأسلوب حكيم وعملي.