الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
52 - رقم الاستشارة : 899
05/02/2025
معكم أختكم/ أم خديجة من لبنان، رزقني الله ببنات وأعمل على تربيتهنّ تربية حسنة قدر المستطاع، غير أن إحدى بناتي تتحدث إليّ كثيرا في قضايا جدلية تتعلق ببعض الأمور الخاصة بالالتزام والحجاب الشرعي وخلافه فكيف أتعامل معها من منطلق دعوي؛ لأكون سببًا في هدايتها؟
الأم الكريمة، صاحبة الهِمّة والإرادة القوية..
الحمد لله أن هداكِ لحُسن تربية البنات، وأيقِني ابتداء بثواب تربية البنات، وأنّكِ إذا خلصت نيّتك، وأحسنتِ التربية للبنات وأخذتِ بالأسباب، إذا حدث كل ذلك، كنتِ برحمة الله ومشيئته مع رسول الله يوم القيامة.
أختي السائلة الكريمة:
اعلمي بأنّ النقاش والحوار مع ابنتك في مثل هذه القضايا يتطلب حكمة وحنكة منك كأم، خاصة إذا كان الهدف هو تربيتها على الالتزام مع الحفاظ على علاقة إيجابية مبنية على الحوار والتفاهم، ولذا أنصحك ببعض الأمور عند النقاش معها، على النحو التالي:
1. تقبل النقاش واحترام الرأي: فاستمعي إلى ابنتك بهدوء واحترام، دون إصدار أحكام فورية، وأشعريها بأنك تقدّرين اهتمامها بالبحث والنقاش، فهذا مؤشر إيجابي على وعيها ورغبتها في الفهم، وحفّزيها وشجعيها ولا تصطدمي معها ابتداء.
2. التحلي بالصبر والتدرج في الإقناع: فقد لا يتقبل الشباب القضايا الدينية دفعة واحدة، ولذا أنصحكِ باستخدام أسلوب التدرج في الإقناع، وركّزي على الأولويات، مثل غرس حب الله ومفهوم العبادة قبل الأحكام الشرعية التفصيليّة.
3. تقديم القدوة الحسنة: فإنّ التزام الأم وسلوكها الدعوي دون فرض أو تضييق يُعد أكبر مصدر تأثير على الأبناء والبنات، واجعلي التزامك بالحجاب والعبادات جزءًا من حياتك الطبيعية والمبهجة، وليس مجرد تقيد بقوانين صارمة أو سببا لتعقيد الحياة وحرمان الأهل من البهجة والسعادة.
4. تعزيز الفهم بدلًا من الأوامر: فبدلاً من الاكتفاء بالقول: "هذا واجب شرعي"، أو "هذا أمر إلهي وواجب" وهكذا.. وضحي الحكمة من الأحكام الشرعية بطريقة مبسطة ومقنعة، واستخدمي قصصًا قرآنية أو مواقف من السيرة لتوضيح المعاني الجميلة للأوامر الإلهية.
5. الاستعانة بمصادر موثوقة: فيمكنك أن تقدمي لها كتبًا أو محاضرات دعوية تناسب عقلها وترد على تساؤلاتها، بأسلوب ميسّر، وأنصحكِ بكتاب "القول الطيب" للإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب "شيخ الأزهر".
6. فتح قنوات مع قدوة شبابية: شجعيها على متابعة داعيات أو شخصيات نسائية ملتزمة ومحبوبة لدى الفتيات في واقعنا المعاصر، بما يتناسب مع بيئتكم التربوية والدينية والاجتماعية.
7. الحوار وليس الجدال: فإذا شعرت أن النقاش يتحول إلى جدال عقيم، أنهيه بلطف وأكدي أن النقاش لا بد أن يكون مبنيًا على الاحترام، ولا تتصارعي معها، أو تتخيلي أنها عدوّة لكِ؛ بل هي ابنتك وحبيبتك وتطلبين لها كل الخير وإن اختلفت وجهات النظر.
واسمحي لي أختي الكريمة: لم تذكري لنا سنّ أو عمر ابنتك؛ وهذا أمر مهم للغاية؛ فكل مرحلة سنية وعمرية لها خصوصياتها ووسائل العلاج والتربية فيها.
8. الدعاء والاستعانة بالله: فلا تهملي الدعاء الصادق بأن يهدي الله ابنتك ويشرح صدرها للحق، فهذا سلاح الأم المؤمنة الحريصة على أبنائها وبناتها.
وأسأل الله تعالى لك ولبناتك صلاح الحال وحسن المآل، كما أسأله سبحانه أن يفتح قلوب بناتنا للخير والهداية والصلاح.