الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : تربوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
248 - رقم الاستشارة : 672
12/01/2025
أريد التحدث إليك دكتورة لكي أسترح نفسيا.. أنا بنت سعودية عمري ٣٠ سنة، كنت أشتغل في شركة تقنية، والحمد لله كنت ناجحة في شغلي، طموحي كان كبير وأحس إن الدنيا مفتوحة قدامي، قبل سنتين، كنت راجعة من دوام طويل وصار لي حادث سيارة غيّر كل حياتي، فقدت القدرة على المشي وصرت أستخدم كرسي متحرك، في البداية حاولت أتقبل الوضع، بس مع الوقت صار الموضوع ثقيل عليّ، صديقاتي صاروا يبعدون، أو يمكن أنا اللي بعدت عنهم، لأني ما صرت أقدر أروح معهم مثل أول، حتى زواجي اللي كنا نخطط له أنا وخطيبي تأجل، والحين ما عاد أشوف إنه بيتم أصلاً. كل مرة أشوف صديقاتي في سنّي يعيشون حياتهم الطبيعية أو يتزوجون، أحس بغصّة في قلبي، صرت أقول لنفسي: 'ليش أنا؟ وش اللي سويته عشان أستحق كل هذا؟ هل حياتي انتهت؟ مرات أحاول أتماسك، بس داخلي فيه ألم كبير ما أقدر أشرحه لأحد، أحس أني بعيدة عن كل شيء كنت أحلم فيه.
حبيبتي، شفاك الله وعافاك ورد إليك صحتك أفضل مما كانت عليه..
من المهم أن تعرفي أن ما تمرين به هو أمر طبيعي في مثل هذه الظروف، ولكن الخطوة الأولى للتعافي تبدأ من تقبلك لنفسك ووضعك الجديد، علم النفس يؤكد أن التقبل هو بداية الطريق للتعامل مع الأزمات، وهو ما يُسمى بـ"المرونة النفسية" أو(Psychological Resilience) .
لا تنكري مشاعرك السلبية، بل عبّري عنها بطريقة صحية مثلما فعلت وراسلتني أو مع شخص تثقين به...
من الجيد إعادة تعريف معنى الحياة والنجاح؛ فالحياة لا تنحصر في صورة واحدة من الإنجازات أو العلاقات، فالنجاح الحقيقي حبيبتي هو قدرتك على تجاوز المحن واستثمارها في بناء ذاتك، فقد يكون العجز الجسدي دافعًا لإطلاق قدرات أخرى...
ثم تذكري قول النبي ﷺ: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه".
فابحثي عن العزاء في الإيمان، فالرضا بقضاء الله وقدره هو مفتاح السكينة..
قال الله تعالى: ﴿وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ شَرٌّۭ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ فقد يكون في هذه المحنة خيرٌ خفي لا تدركينه الآن، ولكنه سيظهر لاحقًا...
وفي نفس الوقت اعملي على تطوير ذاتك واكتشاف مواهبك تبعًا لميولك...
استثمري وقتك في تطوير مهاراتك أو تعلم أشياء جديدة تناسب وضعك الحالي، فهناك نماذج عديدة لأشخاص نجحوا رغم إعاقتهم، مثل هيلين كيلر التي أصبحت رمزًا للتغلب على التحديات.
كوني قوية وواجهي المجتمع بثقة، ولا تهتمي لنظرات الآخرين، ولا حتى إن تركك خطيبك، فإن كتب الله تعالى لكما الزواج فسوف يتم حتى مع الإعاقة، فكم من مخطوبين لم يكن لهم نصيب في الزواج من بعضهما ففسخوا الخطبة! وكم من معاقات ومعاقين تزوجوا أفضل الزيجات، والزواج في حد ذاته أصلا ليس هو أعظم الإنجازات للشخص.. القوة الحقيقية –غاليتي- تأتي من داخلك، كوني واثقة أن قيمتك لا تُقاس بمظهرك أو ظروفك، بل بما تحملينه من أخلاق وإيمان وعزيمة، فلقد قال ﷺ: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
وأخيرًا حبيبتي الغالية.. اعلمي أن حياتك لم تنتهِ، بل بدأت مرحلة جديدة مليئة بالفرص والتحديات التي ستظهر قوتك وصبرك، استعيني بالله، وابحثي عن الدعم النفسي والاجتماعي المناسب، ولا تنسي أنكِ بنظر الله جميلة وقوية بما تحملينه من صبر وإيمان.