23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 259
  • رقم الاستشارة : 675
12/01/2025

أنا امرأة في الخامسة والعشرين من عمري، تزوجت في سن العشرين وأنجبت طفلة صغيرة.. بعد عامٍ واحدٍ من ولادتها، انفصلت عن زوجي بسبب خلافات لم أستطع تحملها، عدت إلى منزل والديّ مع ابنتي، حيث توليت رعايتها وحاولت أن أكون أمًّا وأبًا في آنٍ واحد.. مع مرور الوقت، رفض أهلي فكرة بقائي دون زواج، وأصروا على أن أتزوج مرة أخرى.. وافقت تحت ضغطهم، لكن زوجي الجديد اشترط ألا تعيش ابنتي معي، فاضطررت إلى تركها مع أهلي الذين يعاملونها بحب كبير، مما خفف عني شعوري بالذنب قليلاً. لكن مشكلتي هي أن ابنتي تعاني من غيابي، كلما زرتها تبكي بشدة وتتمسك بي، وترفض أن تفارقني. تحادثني عبر الهاتف وتطلب مني أن أعود، وأنا أشعر بالعجز والتمزق، زوجي يرفض تماماً فكرة أن تقيم معي، ووالديّ يصرّان على عدم طلاقي مرة أخرى، قائلين إنهم لن يتحملوا تربية الطفل الجديد أو حتى استمرار مسؤولية ابنتي.. أنا الآن حامل من زوجي الحالي، ومشتتة تماماً، أشعر بألمٍ لا يوصف بسبب بعدي عن ابنتي، ولكني مقيدة ولا أملك دعماً كافياً، أشعر أنني في صراع دائم بين مشاعري كأم وواقعي الذي لا أملك تغييره، لا أعرف ماذا أفعل؟!

الإجابة 12/01/2025

ابنتي العزيزة..

أعلم تمامًا أن وضعك الحالي صعبٌ ومؤلم، وأن مشاعرك كأمٍ تفيض بالحب والحنان تجاه ابنتك الصغيرة التي تحتاجك، وفي الوقت ذاته، أقدر ما تواجهينه من ضغوط وظروف معقدة تجعلك في حالة من التشتت بين واجبك تجاه ابنتك وبين التزاماتك في حياتك الجديدة...

ولكن كل هذا لا يُعفيكِ من كونك مخطئة في حق ابنتك، فإن كان هو اختيارك أنت لهذا الزوج الجديد أو كان اختيار أهلك فيبدو أنه اختيار خاطئ للمرة الثانية، فرغم أنه من حق أي مطلقة أو أرملة أن تتزوج من جديد، إلا أنها لا بد أن يكون اختيارها سليمًا وبنوع من التأني، حتى لا تفشل زيجتها مرة أخرى، وتحديدًا في ظل وجود أبناء، فهنا الاختيار يكون أدق، فلا بد وأن يكون الزوج الجديد شخصًا يرتضي وضعها وأن يوافق على وجود أبنائها معها؛ لأنهم مسؤوليتها هى أولا إن تخلى والدهم أو توفاه الله تعالى، فكما علمنا سيدنا محمد ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته..." وهذه نصيحة لكل من هم في مثل ظروفك من الجنسين.

وعمومًا حدث ما حدث ونحن الآن بصدد طرح حلول لمشكلة ابنتك..

فأولا ومن المهم أن تدركي أن مشاعر الحزن والتمزق التي تشعرين بها طبيعية جدًّا في ظل الظروف التي تمرين بها، وكذلك فإن ابنتك تتألم بسبب غيابك لأنها في عمرٍ تحتاج فيه إلى وجود أمها بشكل مستمر؛ فالأطفال في هذه المرحلة العمرية يبنون روابط عاطفية قوية مع الأم، وغيابها قد يسبب لهم شعورًا بعدم الأمان العاطفي للأسف...

لكن في الوقت نفسه، عليكِ أن تكوني قوية لأن استقرارك النفسي سينعكس إيجابًا على ابنتك، حتى لو كنتِ بعيدة عنها جسديًّا.

ثانيًا: الحل غالبًا يكمن هنا في محاولة تحقيق توازن بين دورك كأم ودورك كزوجة، يمكنك التحدث مع زوجك بهدوء وصراحة، وشرح أهمية أن تقضي ابنتك وقتًا أطول معك، ولو بشكلٍ متدرج، قد يكون من المفيد عرض حلول وسط عليه، مثل أن تزورك ابنتك لفترات محددة، خاصةً في عطلات نهاية الأسبوع، مع ضمان أن تكون علاقتها بجدّيها قوية...

كل حديثك مع زوجك يكون تمهيدًا لما بعد وضعك لطفلك الثاني، فإن كان هو الطفل الأول له فسوف يقدر مشاعرك كأم فيما بعد عندما يشعر بالأبوة كأب، أما إن لم يكن هذا المولود هو طفله الأول، فأيضًا وغالبًا سيتغير الوضع حينما توضحين له ضرورة وجمال وجود طفل أكبر من المولود ليلعب معه ويحتويه...

ابنتي.. الجئي إلى الله تعالى، وتذكري أن الله لا ينسى عباده الصالحين في مثل هذه المحن، طالما نحن في طريق الله، فعلينا أن نلجأ إلى الله بالدعاء والصلاة، وأنت في هذا الابتلاء النفسي وعن اضطرار، قال الله تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ (النمل: 62).. فأكثري من الدعاء ولا تملي بأن يوفقك الله ويهدي قلب زوجك وأهلك لما فيه الخير لكِ ولابنتك.

ثم اطلبي الدعم بدون تردد من أفراد تثقين بهم من عائلتك أو عائلته أو مجتمعكما معًا، فإذا كان هناك أحد الأفراد قادرًا على التأثير في زوجك، فاطلبي مساعدته ليكون صوتًا داعمًا لك...

ودائما حاولي بناء علاقة قوية مع ابنتك من خلال الاتصال المستمر وزيارات منتظمة، حتى لو كانت قصيرة...

كذلك، ازرعي في ابنتك الشعور بأنكِ تحبينها كثيرًا رغم غيابك عنها، فدورك كأم يتطلب منك أن توازني بين مشاعرك وواجباتك.

وهمسة أخيرة لابنتي الحائرة:

لا تجعلي شعورك بالعجز يسيطر عليك، الحياة مليئة بالتحديات، لكنك قادرة بإذن الله تعالى على التغلب عليها، تذكري أن الله معكِ ما دمتِ تلجئين إليه وتعملين بما يرضيه، اجعلي نيتك دائمًا خيرًا، وأكثري من الاستغفار والصلاة على النبي ﷺ، تجدي أن الله يفتح لك أبواب الفرج ويهديك إلى القرار الصحيح والمعيشة المستقرة السعيدة.