22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 269
  • رقم الاستشارة : 731
19/01/2025

السلام عليكم دكتورة.. ابنتي ٨ سنوات، تتمتع بشخصية محبوبة، وهي خفيفة الظل، ودائمًا ما تثير البهجة في المنزل وبين الأقارب والمعارف، لكن المشكلة تكمن في أنها كثيرة الكلام، فهي تروي كل ما يحدث في المنزل بالتفصيل إلى كل من حولها، حتى الأمور التي لا تستدعي ذكرها، أخشى أن تنقل معلومات خاصة عن أسرتنا أو أن تتسبب في مواقف محرجة دون أن تدرك. رغم ثقتى بأنها لا تفعل ذلك بنية سيئة، لكنها لا تعرف حدود الحديث. لا أعرف كيف أوجهها بطريقة حكيمة دون أن أطفئ تلك الروح المرحة والذكية التي تتميز بها؟

الإجابة 19/01/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

في البداية حبيبتى أود أن أوضح لك أن صغيرتك اللطيفة، تحمل سمات شخصية اجتماعية ومبدعة، وهذا شيء إيجابي جدًّا، لكننا نحتاج إلى تعليمها التوازن بين التعبير عن النفس واحترام الخصوصية.

الأطفال في هذا العمر يكون لديهم ما يُعرف بـ"المرحلة الواقعية" (Concrete Operational Stage)، وهي مرحلة يكون فيها الطفل قادرًا على فهم العلاقات الاجتماعية لكنه لم يتقن تمامًا التمييز بين ما يمكن مشاركته وما يجب الاحتفاظ به لنفسه.

وبالنسبة للطفل الثرثار، فإن له دوافعه لهذه الثرثرة.. فقد تكون ثرثرة ابنتك نتيجة شعورها بالثقة أو رغبتها في جذب انتباه الآخرين، وهو أمر طبيعي تمامًا لطفلة بعمرها..

وهنا هي تحتاج إلى تعلم مهارات مثل ضبط النفس، والتمييز بين المعلومات العامة والخاصة؛ ولذلك سوف أوضح لك الطرق المُثلي للتعامل معها بشكل عملي:

1- تحدثي معها باستخدام أسلوب بسيط ومرح.. وأمثلة حياتية، كأن تقولي لها:

"هناك أشياء مثل الهدايا الخاصة التي نحتفظ بها لأنفسنا"، "كذلك هناك بعض الأحاديث التي لا نشاركها مع الآخرين."

2- أسلوب رواية القصص التربوية:

استخدمي قصصًا توضح أهمية حفظ الأسرار بأسلوب غير مباشر، مثل قصة النبي يوسف عليه السلام عندما أمره والده يعقوب عليه السلام بعدم إخبار إخوته برؤياه، كما علمنا من سورة يوسف إذ قال تعالى: ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ (يوسف: 5).

3- ضرورة تعزيز التفريق بين الخاص والعام:

علّميها قواعد بسيطة مثل: "ما يحدث داخل المنزل يبقى داخله"، مع التأكيد على أن هذا لحمايتها وحماية الأسرة وليس منعًا للتعبير عن النفس.

4- مكافأة السلوك الإيجابي:

إذا لاحظتِ أن صغيرتك بدأت تحترم الخصوصية، فامتدحيها بعبارات لطيفة مثل: "أحببتُ كيف كنتِ ذكية اليوم في اختيار الكلمات!" فهذا يعزز الشعور بالفخر الذاتي لديها وسوف تستحسنه كثيرًا.

5- التوجيه بدون عقاب:

إذا أباحت ابنتك بمعلومات خاصة خارج أسرتكم لا تعنّفيها، والأهم لا تؤذيها بدنيًّا، ولكن ناقشيها منفردة قائلة: "ما رأيكِ لو احتفظنا بهذا الأمر بيننا كنوع من المفاجآت الخاصة؟".

* عزيزتى الأم..

قال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (الإسراء: 53)، هذه الآية تعلمنا اختيار الكلمات بحكمة والتحدث بما ينفع، فليتك تعاملين بها صغيرتك، وتعلمينها إياها.

كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت"، والحديث هنا يشير إلى أهمية ضبط النفس في الكلام، وهذا ما تحتاج صغيرتك أن ترسخيه بداخلها.

كذلك علميها ذلك الدرس الرائع عن الأمانة، وذلك من خلال قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا حدَّث الرجلُ الحديثَ ثم التفت فهي أمانة"؛ فهو حديث طيب يعلم الطفل قيمة حفظ الأسرار واحترام الآخرين.

▪ وهمسة أخيرة لأختي:

لتتذكرى أن ابنتكِ غاليتي لديها شخصية مميزة تحتاج فقط إلى قليل من التوجيه بأسلوب يتماشى مع عمرها، استمري في تعزيز حبها للحديث بأسلوب نافع، وستجدينها مع الوقت تتعلم التوازن إن شاء الله تعالى.