22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 244
  • رقم الاستشارة : 667
12/01/2025

دكتورة من فضلك أنا في حيرة من أمري، فابنتي البالغة من العمر 15 عامًا، كانت دائمًا متفوقة في دراستها ومرحة بطبعها، ولكن منذ بضعة أشهر بدأت تظهر عليها تغيرات مقلقة؛ أصبحت منطوية على نفسها، ترفض الحديث معنا في المنزل، وتقضي وقتًا طويلًا في غرفتها، لاحظت أنها بدأت تهمل دراستها، وتبدو مكتئبة أو حزينة دون سبب واضح، حاولتُ الاقتراب منها، لكنها ترد عليّ بجفاء أو تتهرب من النقاش، كما أنني لاحظت أنها بدأت تكتب عبارات غريبة في دفتر مذكراتها عن عدم شعورها بالسعادة، وأحيانًا تلمّح بأنها لا تجد معنى للحياة، أشعر بالخوف الشديد على حالتها النفسية ولا أعرف كيف أساعدها أو أفهم السبب الحقيقي وراء هذا التغيير، ماذا أفعل؟

الإجابة 12/01/2025

من الرائع جدًّا غاليتي إدراكك للتغيرات التي طرأت علي ابنتك، فهذه أول وأهم خطوة في طريق الحل..

ما تصفينه يشير إلى وجود مشكلة داخلية تؤثر على نفسيتها، ويحتاج إلى تعاطف، صبر، وتوجيه حكيم...

 

وكذلك من المهم جدًّا فهم طبيعة المرحلة في هذا العمر الذي تمر به الفتاة بتغيرات جسدية وعاطفية كبيرة تؤثر على مشاعرها وسلوكها.. قد تشعر بالحيرة أو القلق بسبب الضغوط الاجتماعية أو الأكاديمية أو حتى مشاعرها تجاه نفسها.. هذا ما قد يدفعها إلى الانطواء والانعزال كوسيلة للتعامل مع هذه التغيرات..

 

قد قال الله تعالى: {وخُلق الإنسانُ ضعيفا}.. وهذا الضعف يظهر جليًا في سن المراهقة، حيث تكون العواطف في أشد حالاتها حساسية، وخاصة لدى الفتيات...

 

ولذلك وجب هنا الحذر والمرونة معا إلى جانب الفطنة في التعامل مع من هم في تلك المرحلة العمرية وما يتخللها من بعض الاكتئاب والانطواء.. وهنا يتبلور دور الأهل مع ابنتهم وخاصة الأم، وحتى تجتازي معها هذه الفترة بسلام إن شاء الله تعالي، فأتمني أن تتبعي معها النصائح التالية:

 

أولاً: لا بد وأن تتقربي إليها بلطف وبدون ضغط.. فأظهري لها محبتك وحرصك عليها دون إشعارها بأنها تحت المراقبة أو أنكِ قلقة بشكل مبالغ فيه..

 

النبي صلى الله عليه وسلم علمنا: "أن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله"..

اجلسي معها في أوقات هادئة، واسأليها برفق ولين عن مشاعرها وأفكارها دون إصدار أحكام..

 

ثانيا: تقولين: أنها تكتب مذكراتها، فيجب عليكِ احترام خصوصيتها، فلا تظهري لها أنكِ قرأتِها، وبدلًا من ذلك، استخدميها كدليل لفهم حالتها ومحاولة الحديث معها بأسلوب يفتح قلبها لكِ...

 

ثالثًا: أشعريها بقيمتها الذاتية، وعززي الأمان النفسي لديها، فغالبًا ما تشعر الفتيات في هذا العمر بعدم الثقة في أنفسهن أو يشعرن أنهن غير مفهومات، ذكّريها بأنها مميزة وأنكِ فخورة بها..

الكلمة الطيبة صدقة، والكلمات اللطيفة لها أثر كبير على نفسيتها، فلا تغفليها..

 

رابعا: اهتمي بمواهبها واهتماماتها، واسأليها عن الأمور التي تحبها، سواء كان الرسم، الموسيقى، الرياضة، أو غيرها، وشاركيها هذه الاهتمامات لتعيدي إليها الإحساس بالبهجة...

 

خامسا: من الضرورى والجيد البحث عن السبب الجذري لما آلت إليه نفسيا.. فحاولي مراقبة التأثيرات الخارجية، بأن تسألي نفسك:

 

-هل هناك ضغوط مدرسية أو تنمر تواجهه ابنتي؟!

 

-هل تعرضت لموقف صعب في حياتها، مثل خلاف مع صديقاتها؟

 

-هل تأثرت بمحتوى سلبي عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي؟

 

تحرّي السبب دون افتراضات مسبقة، امتثالا لقول الله عز وجل: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}...

 

سادسًا: قد تحتاج ابنتك زيارة إلي متخصصة نفسية، إذا - لا قدر الله - استمرت حالتها في التدهور.. الاكتئاب في هذا العمر قد يكون عابرًا أو علامة على احتياجها إلى دعم نفسي من متخصص، وحاشاني الله أن أتسبب في قلقك أكثر مما أنت عليه حاليًا، ولكن الحيطة هنا ضرورية أختي الكريمة.

 

وسابعا: إياكم أن تغفلوا دور الدين في تعزيز الروح المعنوية..

 

- شجعيها على الالتزام بالصلاة على وقتها والدعاء والمداومة على الذكر..

 

- اجعلي الصلاة وسيلة للتقرب إلى الله والراحة النفسية لك ولها، ويحبذ أن تصلي معها جماعة أو تقرئي معها القرآن الكريم، أقنعيها بذلك بكل هدوء.

 

- ذكريها بأهمية الحياة وأنها من نعم الله علينا.. شجعيها على التفاؤل والنظر إلى المستقبل بإيجابية، وذكّريها بأن الحياة مليئة بالفرص لتحقيق أحلامها بعون الله.

 

وهمسة أخيرة:

 

كوني لها صديقة قبل أن تكوني أمًا، وفّري لها بيئة مليئة بالحب والدعم والاحتواء، واعلمي أن التغيير يحتاج إلى وقت وصبر، فلا تيأسي، تذكري أن التحديات التي نواجهها مع أبنائنا هي جزء من رسالة التربية التي أوكلنا الله بها، فاحتسبي النية أولا وأخيرا لله تعالى...

 

أسأل الله أن يهدي ابنتكِ، وأن يمنحها السكينة والطمأنينة، ويجعلها قرة عين لكِ في الدنيا والآخرة.