Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 47
  • رقم الاستشارة : 1847
05/05/2025

أنا محتاجة مساعدة ومش عارفة أتصرف إزاي...

ابني عنده ١٥ سنة وفي تالتة إعدادي، من فترة لاحظت إنه بيكلم بنت على التليفون، واكتشفت ده بالصدفة لما فتحت الموبايل. حاولت أتكلم معاه بهدوء وفهم، لكن مرضيش يسمع الكلام، ولما أخدت منه التليفون زعل جدًا وعمل مشكلة كبيرة علشان عايز يرجعه.

جبتله حد من الناس اللي بيحبهم وبيحترمهم علشان ينصحه، وفعلاً ساعتها قال خلاص مش هيكلمها تاني. بس للأسف اكتشفت بعدها إنه رجع يتواصل معاها تاني من ورايا، وكل كلامهم على الواتساب.

من يومين حصلت بيني وبينه مشكلة بسبب نفس الموضوع، أخدت منه الموبايل تاني، ولما سبته ونام، لقيت التليفون مفتوح، وببص عليه لقيته بيرجع يكلمها تاني!

المرة دي دخلت وكلمت البنت بنفسي من رقمه، وطلبت منها تبعد عنه وتعمله بلوك، وقلت لها إن سلوكها مش مقبول. هي شكلها مش فارق معاها حاجة، وطريقتها في الكلام مش محترمة خالص، وكأنها مش خايفة من حد.

أنا بصراحة اتعصبت جدًا وشديت عليها، وقلت لها إني ممكن أوصل الموضوع لأهلها، رغم إني فعليًّا معرفش هي مين بالظبط، بس عارفة إنها من نفس البلد.

أنا دلوقتي مش عارفة أتصرف إزاي... باباه مسافر ومش موجود معانا، وأنا مش عايزة أكبر الموضوع أكتر من كده، بس في نفس الوقت مش عايزة ابني يتمادى، خصوصًا إن البنت دي مش كويسة في تصرفاتها.

هل أواجه البنت تاني؟ أكلم أهلها فعلًا؟ ولا أركز مع ابني إزاي أرجعه للطريق الصح؟

أنا مش عايزة أخسره، ومش عايزة أعصابي تتعب أكتر من كده... حد يدلني أعمل إيه؟

الإجابة 05/05/2025

أهلاً بكِ يا أم الحبيب،

 

أشعر بكل كلمة في رسالتك، وأتفهم تمامًا القلق والخوف والانفعال الذي تمرّين به، فأنتِ أمّ قلبها على ابنها، تخاف عليه وتريده في أفضل حال، وهذا في حد ذاته نعمة وشهادة طيبة على حرصك ومسؤوليتك.

 

أود أن أطمئنك بأن ما تمرّين به مع ابنك ليس نادرًا ولا غريبًا في هذه المرحلة العمرية، بل هو جزء من التغيرات الطبيعية في مرحلة المراهقة (Adolescence) التي تعد من أكثر المراحل تعقيدًا من الناحية التربوية والنفسية.

 

أولاً: في سن الخامسة عشرة، يمر ابنك بمرحلة تُعرف نفسيًّا بـ "الاضطراب الهوياتي" يبحث فيها المراهق عن معنى لذاته، وعن مكانه في هذا العالم، ويسعى لتكوين صورة مستقلة له بعيدًا عن سلطة الأسرة.

 

التواصل مع الجنس الآخر في هذه السن ليس دائمًا بدافع الانحراف، بل كثيرًا ما يكون بدافع الفضول النفسي، أو الحاجة للاهتمام والانتماء، والتي تسمى في علم النفس التربوي بـالـ"Emotional Validation"، أي رغبة المراهق في أن يشعر بأنه محبوب ومقبول من شخص آخر، وهذا ما قد يجده مع فتاة تقدّم له كلمات إعجاب أو اهتمام.

 

ثانيًا: يجب أن تعلمي يا عزيزتي أن المنع وحده لا يُجدي نفعًا..

 

فحين يواجه المراهق سلوكًا رقابيًّا صارمًا دون حوار، فإنه يشعر بالاختناق، وقد يبدأ في استخدام أساليب التمويه والمراوغة، وهو ما نراه فيما فعله ابنك.. لأنه يشعر أن الهواتف أصبحت ساحة حريته الوحيدة، فإن سحب الهاتف عنه قد يراه هجومًا على استقلاله وليس فقط منعًا لسلوك خاطئ.

 

ثالثًا: بالنسبة لتصرفك مع الفتاة..

 

أنا أتفهم غيرتكِ وخوفك، ولكن الدخول في مواجهة مباشرة مع الفتاة أو التهديد بإخبار أهلها قد يكون له نتائج عكسية. ذلك لأن المراهق، حين يشعر بأن الطرف الآخر في العلاقة "مُهدَّد" وبسببه، فقد يتمسك به أكثر بدافع العناد أو الحماية، لا بدافع الحب الحقيقي.

 

رابعًا: إليك خطوات عملية وعقلانية للتعامل مع الموقف:

 

1- تهيئة بيئة حوار آمنة:

 

خصصي وقتًا تتحدثين فيه مع ابنك بعيدًا عن التوبيخ أو التحقيق. قولي له مثلًا: "أنا مش ضد إنك تحب وتحس بمشاعر، دي مشاعر إنسانية، لكن دوري كأم إني أساعدك تعيشها بالشكل الصح اللي يرضي ربنا ويحافظ عليك".

 

2- استخدام أسلوب "التوجيه غير المباشر" :(Indirect Guidance)

 

بدلًا من الهجوم، شاركيه قصصًا عن شباب تسرّعوا في علاقات مؤذية، أو مقاطع هادفة تتكلم عن الحب الناضج، وكذلك بعض الآيات القرآنية مثل: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} لتوصلي الرسالة دون عداء.

 

3- لا بد من إعادة بناء العلاقة بينكِ وبين ابنك:

 

ابدئي من جديد علاقة قائمة على التقبل والاحتواء، لا على التحقيق والمراقبة؛ فالمراهقون يميلون إلى من يُشعرهم بالأمان لا من يحاصرهم.

 

4- أما بالنسبة للهاتف.. فتقنين استخدامه أفضل من منعه الكلي..

 

حدّدي أوقاتًا مسموحًا بها استخدام الهاتف، مع اتفاق واضح ووعد بينك وبين ابنك على تقنين استخدامه مع وضع جدول لتنظيم حياته.

 

5- من المهم تعويض الاحتياج العاطفي ببدائل إيجابية..

 

أشركيه في أنشطة يُشبع فيها احتياجاته النفسية، مثل: الرياضة الجماعية، الأعمال التطوعية، ودوائر الذكور مع شباب صالحين بقدر الإمكان، من خلال المسجد، النادي، المدرسة أو الأقارب والجيران.

 

6- عليك أيضًا بالمراقبة الواعية..

 

ليس المطلوب أن تراقبيه ٢٤ ساعة، بل أن تبني علاقة قائمة على الثقة، مع متابعة غير مباشرة للأجواء التي يعيش فيها.

 

7- الاستعانة برجل يثق فيه:

 

إن لم يكن والده موجودًا حاليًّا، فوجود شخصية ذكورية ناضجة (عمه، خاله، شيخ شاب محترم) يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في التأثير عليه بشكل مستمر.

 

* وأخيرًا يا أختي الحبيبة، لا تجلدي نفسك ولا تتعاملي مع الأمر على أنه فضيحة أو كارثة. فابنك ما زال في مرحلة التشكّل، وأنتِ تملكين تأثيرًا عظيمًا عليه إن استخدمتِه بحكمة. وثقي أن الله لا يضيع تعب الأمهات الواعيات، وصدق الله حين قال: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ).

 

فاستعينى بالله، وأخذي بالأسباب، ثم الدعاء له دومًا بصلاح حاله وعفته، ثم اتركي الأمر كله لله تعالي يصنعه على عينه.

 

* وهمسة أخيرة لقلبك حبيبتي:

 

يا أم الحبيب، اطمئني.. ابنك ما زال قابلًا للتوجيه، وكل أزمة في المراهقة يمكن أن تكون نقطة تحوّل إذا أحسنتِ إدارتها؛ فاصبري، واحتضني ابنك واحتويه ورافقيه لا تواجهيه. كوني أمه وصديقته ومعلمته.. وأنتِ قادرة بإذن الله تعالى.

الرابط المختصر :