23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 253
  • رقم الاستشارة : 748
20/01/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دكتورة ليتك تساعدينا في حل مشكلة أخي الصغير، فأنا أحبه جدا لأن الفارق العمري بيننا كالأم وابنها وليس أخ وأخته، أخي يبلغ من العمر ٩ سنوات، يعاني من مشكلة مستمرة تزعجنا جميعًا في البيت. منذ حوالي عامين، لاحظت أنه يقرقض أظافره باستمرار، خاصة عندما يكون متوترًا أو يشعر بالقلق. في البداية، كنا نعتقد أنها عادة بسيطة ستختفي مع الوقت، ولكن الأمر تطور وأصبح يشمل قضم الجلد المحيط بالأظافر أيضًا، هذا لم يؤثر فقط على مظهر يديه بل تسبب له في التهابات جلدية متكررة وألم شديد. عندما سألته لماذا يفعل ذلك، كان دائمًا يجيب بأنه لا يستطيع التوقف، وكأنه أمر خارج عن إرادته. لاحظت أنه يقرقض أظافره أثناء مشاهدة التلفاز، وأثناء المذاكرة، وحتى عندما يكون في المدرسة. بدأ زملاؤه يلاحظون ذلك، وأصبح موضوعًا للتعليقات، مما جعله يشعر بالحرج، للأسف، هذا لم يدفعه للتوقف بل زاد من توتره، وكأن الدائرة مغلقة. حاولنا توجيهه بأساليب مختلفة، كالعقاب أحيانًا والتجاهل أحيانًا أخرى، ولكنه لم يستجب. كما نصحنا الطبيب باستخدام منتجات موضعية ذات طعم مر على أظافره، لكنها لم تعطِ نتيجة ملموسة. الآن، أخشى أن هذه العادة قد تؤثر على ثقته بنفسه ومستقبله، وأرغب في حل جذري ومفيد لهذه المشكلة.

الإجابة 20/01/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

أولاً: كان الله بعونكم ابنتي الحبيبة، فهذه بالفعل معاناة لأي أسرة يعاني فرد من أفرادها من هذه العادة المؤذية.. كما أحييكِ لحرصك على علاج أخيك وحبك ودعمك له.

ثانيًا: فإن عادة "قضم الأظافر" أو ما يُعرف بـ Onychophagia تُعد إحدى العادات العصبية (Nervous Habits) الشائعة لدى الأطفال والمراهقين، وغالبًا ما تكون رد فعل تلقائيًّا للتوتر أو القلق بالفعل، وهذه العادة قد تكون وسيلة للتنفيس عن مشاعر داخلية مكبوتة أو محاولة للسيطرة على الضغوط النفسية.

وعادة قضم الأظافر تُفسَّر ضمن نظرية Self-Soothing Behaviors، حيث يلجأ الطفل إلى هذه العادة لتهدئة نفسه، كما أن هذه المشكلة قد تكون مرتبطة بعوامل وراثية أو بيئية، مثل الضغوط المدرسية أو المشاكل العائلية.

▪ وحتى نحاول علاجه وفق علم النفس التربوي، فينبغي عليكم أولاً أن تتعرفوا على السبب الجذري لممارسة أخيك لعادة قضم الأظافر، وذلك يكون من خلال إجراء حوار هادئ وصادق معه لفهم المواقف أو المشاعر التي تحفزه على قضم أظافره، ويتطلب ذلك استخدام أسئلة مفتوحة، مثل: ماذا تشعر عندما تقضم أظافرك؟ أو هل هناك شيء يزعجك في المدرسة أو المنزل؟

ثم لا بد من تعزيز الوعي لديه بهذه العادة بتدريبه على ملاحظة العادة وقتما يهم بفعلها والانتباه لذلك والتوقف عنها فور انتباهه، وهذا يحتاج إلى توجيهه لكيفية تبديل سلوكه هذا بسلوك آخر صحي، مثلًا يمكن أن يُمسك كرة مطاطية صغيرة عند الشعور بالرغبة في قضم أظافره، أو كأن يبعد بتفكيره في أمر آخر أو موقف يستحسنه، والأفضل أن ينصرف عن ممارساتها بالاستغفار بعدد كبير من المرات.

▪ من خطوات العلاج أيضًا.. تعليمه وتعويده على تقنيات الاسترخاء:

فنظرًا لأن قضم الأظافر مرتبط بالتوتر، يمكن تعليم الطفل تقنيات مثل Deep Breathing وهو ما يعني التنفس العميق.. أو تدريبه على تمارين الاسترخاء العضلي التدريجي (ويمكنكم البحث عن هذه التمارين عبر الإنترنت ليتعلم كيف يمارسها بإتقان).

▪ أيضا من الضروري تعزيز ثقته بنفسه:

ركزوا على الجوانب الإيجابية في شخصية الطفل، وأشعروه أنه محبوب ومقبول كما هو، ضعوا نظام مكافآت صغيرًا عند كل يوم يمر دون قضم أظافره، لتشجيعه على تحسين سلوكه.

▪ إذا -لا قدر الله- استمرت عادة قضم الأظافر مع طفلكم، وأصبحت تؤثر عليه بشكل كبير، فمن المفيد استشارة إخصائي نفسي للتدخل المباشر، ووقتها سبحتاج إلى عدة جلسات نفسية، وبإذن الله تعالى سوف تختفي تلك العادة تدريجيًّا ثم تنتهي.

▪ وأتمنى ألا نغفل تأصيل الوازع الديني بداخل أطفالنا وحثهم على الصلاة وبالتالي ضرورة الوضوء، وخاصة مع حال أخيك، وترسيخ فكرة الاهتمام بالصحة والنظافة الشخصية لأنها أمور واجبة أمرنا الله تعالى بها، وهو ما يتفق مع قول النبي ﷺ: "الطهور شطر الإيمان".. وأن النظافة من الإيمان.

على أن يكون توجيه الطفل دائما بحب واحتواء ولطف بالإشارة إلى أن عادة قضم الأظافر قد تُسبب الأذى وتُنافي العناية التي أمرنا الله بها تجاه أجسامنا، بالحفاظ على أمانة البدن.. كما يُمكن استحضار قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، وذلك لتوضيح أهمية التوقف عن أي عادة تُلحق الأذى بالجسد.

* وأخيرًا، همسة أمل لابنتي الحبيبة:

كونك أختًا كبرى يمنحك دورًا مميزًا في دعمه.. تحلي بالصبر والحب، ولا تنسي أن لكل مشكلة حلًا - بإذن الله تعالى - إذا اجتمعت الحكمة مع الجهد.

طفلكم يحتاج إلى من يفهمه ويقف بجانبه، ومع تعاون الأسرة سيشعر بالأمان، مما يساعده على التخلص من عادته تدريجيًّا إن شاء الله تعالى.