الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : تربوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
253 - رقم الاستشارة : 721
18/01/2025
السلام عليكم، أنا أب كويتي، وعندي ولد عمره 11 سنة، الصراحة مشكلتي معاه صارت أكبر همومي، من كان صغير، كان هادي وما يسبب أي مشاكل، لكن من سنة تقريبًا، لاحظت عليه تغيّرات كبيرة، صار عصبي وما يسمع الكلام ودايم يعاند، وحتى درجاته بالمدرسة تدهورت بشكل كبير.. كل ما حاولت أتكلم معاه أو أفهم منه شفيه، يرد ببرود أو يسكت، قبل كم يوم، اكتشفت أنه يضرب أخوه الصغير من غير سبب واضح، وصار يعاند أمه بشكل يخليها تبكي.. اللي زاد الطين بلة لما كلمت معلمه بالمدرسة، قال لي إنه دايم يتشاجر مع زملاءه، ومرة انطرد من الفصل بسبب تصرفاته، أنا ضايع وما أدري شنو الحل؟ شلون ولد كان هادي ويحب الناس يتحوّل لهالطريقة؟ وين الغلط؟ شنو أقدر أسوي علشان أساعده وأرجّع ابني اللي أعرفه؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أخي الكريم، أقدر مشاعرك كأب حريص على تربية ابنه تربية سليمة، ما تمر به أنت وابنك هو أمر صعب لكنه ليس مستحيل الحل، وبشيء من الصبر والحكمة ستتمكن بإذن الله من تجاوز هذه المشكلة.
▪ فلا بد أولاً فهم الأسباب المحتملة لمشكلته، حيث إن تحوّل الطفل من السلوك الهادئ إلى العدوانية والعناد قد يكون له أسباب نفسية أو بيئية، أو الاثنان معا، منها:
١- مرحلة النمو: طفلك أخي في مرحلة انتقالية (ما قبل المراهقة)، وهذه المرحلة غالبًا تكون مليئة بالتغيرات الجسدية والعاطفية التي تؤثر على سلوكه.
٢- الشعور بالإهمال أو الغيرة: قد يكون طفلك يشعر بعدم الاهتمام الكافي، خصوصًا إذا كان لديك أبناء آخرون.
٣- الضغط المدرسي أو الاجتماعي: قد يتعرض الطفل للتنمر أو ضغوط دراسية ولا يستطيع التعبير عن ذلك؛ ما يؤدي إلى تفريغ مشاعره السلبية في المنزل.
٤- النموذج السلوكي: أهم مؤثر سلوكي هو القدوة من المنزل، الأب الأم والإخوة الكبار، فإن كانوا جميعهم أو أحدهم عنيفًا وعصبيًّا فحتمًا سيستقي منهم، فانتبهوا واحذروا من عصبيتكم معه إن وجدت...
أيضا من النماذج السلوكية السلبية، تعرضه لسلوكيات غير صحية من زملائه وأقرانه أو حتى من مشاهداته على الإنترنت، فاننتبه.
أخي لقد طرحت عليك الاحتمالات التي قد تكون تسببت فيما آلت إليه سلوكيات ابنك من تغيرات سلبية، ولمحاولة تعديل تلك السلوكيات بعون الله تعالى.. إليك هذه الخطوات العملية التي يفضل أن تتبعها معه:
١- الاحتواء قبل العقاب:
قال الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾، فحاول أن تكون صبورًا ولينًا في التعامل مع ابنك، تجنّب الصراخ أو العقاب القاسي؛ لأنه قد يزيد من عدوانيته أو يعزز شعوره بالإهمال.
٢- فتح قنوات للتواصل معه:
خصص وقتًا يوميًّا للجلوس معه.. اسأله عن يومه بطريقة ودية، دون إصدار أحكام أو توجيه أسئلة مباشرة عن مشكلته.. اجعله يشعر أنك مهتم بمشاعره وأفكاره.
٣- تعزيز الثقة بالنفس:
غالبًا ما يرتبط السلوك العدواني بانخفاض الثقة بالنفس؛ فمن الجيد أن تمتدحه عندما تستحسن منه تصرفًا، وركِّز على نقاط قوته، استخدم الكلمات الطيبة لتحفيزه؛ فالكلمة الطيبة صدقة.
٤ -تقليل التوتر والضغوط:
وهي من النقاط المهمة التى لا بد أن تنتبه إليها، فقد يكون طفلك يشعر بالضغط بسبب الدراسة أو علاقاته الاجتماعية، وهنا من الضروري أن تساعده على تنظيم وقته، وقدّم له الدعم اللازم، ومعاونته في استذكار دروسه.. يمكنك أيضًا تسجيله في أنشطة رياضية أو فنية لتفريغ طاقته بطريقة إيجابية.
٥- تقوية وتعزيز الجانب الديني:
قال الله تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾، علمه قيمة الصلاة والأخلاق الحميدة بطريقة محببة وغير إلزامية، اجعله يراك قدوة في الالتزام بالدين، وشاركه قراءة قصص الصحابة والأطفال الصالحين.
٦- تعديل السلوك تدريجيًّا:
وذلك باستخدم أسلوب الثواب أو التعزيز الإيجابي أو الـ Positive reinforcement فعندما يتصرف بشكل جيد، كافئه بشيء يحبه، مثل وقت إضافي للعب أو هدية صغيرة.. ضع قواعد واضحة للسلوك غير المقبول، واشرح له عواقب التجاوز بأسلوب حازم وهادئ.
▪ وإذا شعرت أن المشكلة مستمرة -لا قدر الله- رغم جهودك، فقد يكون من المفيد استشارة مختص نفسي أو تربوي لمساعدة ابنك في فهم مشاعره وتعديل سلوكه.
▪ وتذكر يا عزيزى أن أمور تربية الأبناء على أسس سليمة لا تؤخذ غلابًا، ولا تعالج سلوكياتهم في يوم وليلة؛ فعليك مع العمل والبذل بالصبر والاحتساب..
وتذكر أيضا: أن تربية الأبناء مسؤولية عظيمة تحتاج إلى حكمة مع الصبر.. احتسب أجر تربيتك وصبرك عند الله، وكن على يقين بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
▪ وهمسة أخيرة:
قد تكون هذه الأزمة فرصة لتعميق علاقتك بابنك وفهم احتياجاته بشكل أفضل، بالصبر والدعاء والعمل الجاد، ستجد أن ابنك سيعود بإذن الله إلى السلوك الإيجابي الذي تعرفه عنه.
أسأل الله له الهداية وأن يحفظه الله تعالي ويبارك لك فيه هو وإخوته.