23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 250
  • رقم الاستشارة : 694
15/01/2025

أنا أم لفتاة ١٥ عام، نقيم في بلد غير بلدنا، ابنتي هي زهرة بيتي وأقرب أبنائي إلى قلبي، كانت دائمًا متفوقة في دراستها ومحبوبة من الجميع، لكنني لاحظت في الفترة الأخيرة أنها أصبحت شاردة الذهن كثيرًا، تمسك بهاتفها لساعات طويلة، وتبدو عليها علامات التوتر. عندما حاولت التحدث معها، كانت تجيبني بإجابات مقتضبة، مما أثار قلقي. ذات يوم، بينما كنت أرتب غرفتها، وجدت رسالة على مكتبها من شاب يبدو أنه في الجامعة، تحدث فيها عن مشاعره نحوها، وعن خطط لقائهما سرًا، شعرتُ بصدمة عميقة؛ كيف لابنتي التي ربيتها على القيم والأخلاق أن تخفي عني أمرًا كهذا؟ لم أتمالك نفسي وواجهتها فورًا، لكنها أنكرت في البداية ثم اعترفت بأنها تعرفت عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أخبرتني أنها تشعر بالاهتمام والاحتواء معه، وأنه وعدها بالزواج في المستقبل. شعرتُ بكم هائل من المشاعر المتضاربة؛ الغضب، الحزن، والخوف. لم أكن أعرف كيف أتصرف، فابنتي في مرحلة حرجة، وأخشى أن تتخذ قرارًا يدمر مستقبلها، أحتاج إلى مشورة حكيمة توجهني في هذه الأزمة.

الإجابة 15/01/2025

أختي الكريمة..

 

أولًا، أقدّر مشاعرك كأمٍّ تواجه هذه الأزمة، وهذا القلق والخوف على ابنتك طبيعي.. لكن، دعيني أؤكد أن رد الفعل الأولي هو مفتاح الحل، لذلك لا بد من التعامل مع الموقف بحكمة وهدوء لتجنب زيادة الفجوة بينك وبين ابنتك...

 

ابنتك سيدتي في سن المراهقة، وهي مرحلة حساسة تشهد تغيرات نفسية وفسيولوجية كبيرة؛ فالمراهقون يبحثون عن الاستقلالية والشعور بالاهتمام، وقد يندفعون نحو علاقات عاطفية ظنًا منهم أنها تمنحهم هذا الاحتواء...

 

يجب عليكِ بناء حوار صادق مع ابنتك بدلًا من اللوم المباشر، اجلسي معها في جلسة هادئة بعيدًا عن التوتر، ابدئي الحوار بالتعبير عن حبك لها وقلقك على مستقبلها، استخدمي عبارات مثل: "أنا قلقة عليك لأنك أهم ما أملك في هذه الحياة"، بدلاً من "كيف تخونين ثقتي فيكِ؟" فهذا الأسلوب يفتح قلبها للحوار بدلاً من أن يدفعها للمقاومة...

 

ثقيفها من خلال حوارك معها، بدلاً من التوبيخ، اشرحي لها أن هذه العلاقة قد تكون مجرد اندفاع عاطفي غير مبني على أسس سليمة، ركزي على تعزيز وعيها بأهمية التفكير في مستقبلها الدراسي والأخلاقي، واربطي ذلك بالقيم الإسلامية التي تحث على الحفاظ على العفة والابتعاد عن العلاقات غير الشرعية...

 

علميها بدون تجريح لحيائها بأن الله تعالي نهانا عن مجرد الاقتراب من أي طريق يؤدي إلى الوقوع في الخطأ، واستشهدي لها بقول الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}.

 

وضحي لها أن الزواج هو الإطار الشرعي للعلاقات، وأن العلاقة الحالية ليست إلا وهمًا قد يؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية لها.

 

لا تهملي مشاعرها أو تسفهيها، بل استمعي إليها وبيّني أنكِ تتفهمين حاجتها للشعور بالحب والاهتمام، لكن ذكريها أن هذا الشعور يجب أن يكون في إطار شرعي يرضي الله.

 

وحافظي على متابعة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة ذكية وغير مباشرة.. ومن الضروري تقنين استخدام هاتفها وحصره في الاحتياجات الضرورية...

 

ثم خصصي وقتًا أكبر لتقضيه معها في أنشطة مفيدة وممتعة تعزز علاقتكما.. وينبغي عليك أن تشركيها معك في أمور المنزل لتتعلم وتساعدك، فأنت من وفرتِ لها وقتًا من الفراغ والخصوصية الكاملة، جعلها تشعر بالانفصال الوجداني عنكم والاستقلالية الذاتية.. فالأمر الصحي والجيد لها أن تجعليها تعتمد على نفسها في ترتيب غرفتها ومساعدتك في كل الشؤون المنزلية قدر المستطاع...

 

إذا شعرتِ أن المشكلة أكبر من قدرتك على التعامل معها، فيجب أن تُهدديها بأنك سوف تُعلمي والدها أو عمها، وإن لم تستجب أعلميه بالفعل، ولكن اطلبي منه التحلي بالهدوء والحكمة ممتزجة بنوع من الحزم، فقد تحتاج ابنتك لبعض الحزم والشدة من والدها، ولكن أستحلفكم أن تحذروا العنف والإيذاء البدني لها...

 

وإن أردت التعامل معها على أسس علمية وطرق سليمة للإقناع والاحتواء، فلا تترددي في اللجوء إلى مستشارة نفسية أو تربوية متخصصة تكون من أهل الثقة في البلد الذي تقيمون فيه، يمكنها توجيهكما بشكل أفضل.

 

▪ وأخيرًا همسة إليك حبيبتي:

 

تذكري أن ابنتك ليست عدوًا، بل تحتاج إلى توجيهك واحتوائك.

 

كوني لها القدوة في الالتزام بالقيم الدينية والخلق الحسن، أكثري من الدعاء لها بالهداية والصلاح، فالله تعالى هو الموفق والمصلح.