22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 48
  • رقم الاستشارة : 832
29/01/2025

عزيزتي د. أميمة، أكتب إليك وقلبي يعتصره الألم والحزن. لدي ابنتان في مرحلة المراهقة، وهما في صراع دائم يصل أحيانًا إلى حد الضرب والصراخ اليومي. أشعر أن بيتي الذي كان يومًا مليئًا بالحب والوئام قد تحول إلى ساحة معركة. حاولت بكل ما أوتيت من قوة أن أكون وسيطة بينهما، لكن دون جدوى. أخشى أن تتفاقم الأمور أكثر، ولا أعرف كيف أتعامل مع هذا الوضع. أرجو منك تقديم النصح والإرشاد لمساعدتي في إعادة السلام إلى بيتنا.

الإجابة 29/01/2025

عزيزتي الأم المثقلة بالهموم،

 

كان الله بعونك على ما أنت فيه، أقدر مشاعركِ وأتفهم تمامًا التحديات التي تواجهينها، فمن أصعب المشاعر التي تثقل قلب الوالدين بالهم، هو شجار الأبناء الدائم وتحفز كل منهم للآخر وإيذاء بعضهم بعضًا، ومرحلة المراهقة تُعتبر من أكثر المراحل تعقيدًا في حياة الإنسان، حيث يمر المراهقون بتغيرات جسدية ونفسية تؤثر على سلوكهم وتفاعلاتهم مع الآخرين.

 

ولذلك من المهم أولا تفهم الأسباب المحتملة لهذا الصراع المستمر بين ابنتيكِ:

 

الأمر الأول ويتلخص في التغيرات الهرمونية(Hormonal Changes) ، والتي تذهب بالمراهق في هذه المرحلة إلى تقلبات مزاجية وسلوكيات غير مستقرة.

 

والأمر الثاني هو البحث عن الهوية أو الـ(Identity Formation)، حيث يسعى المراهقون في هذه الفترة إلى تحديد هويتهم الشخصية؛ ما قد يؤدي إلى صراعات مع الآخرين، خاصة مع الأشقاء.

 

أما الأمر الثالث فهو الرغبة في الاستقلالية (Desire for Independence)، وهنا فقد تتنافس ابنتاكِ على الاستقلالية والحرية؛ ما يزيد من حدة الخلافات بينهما.

 

وهنا سوف أقف معك عند بعض الطرق والأساليب التي قد تساعد في تقليل هذه الصراعات وتعزيز التفاهم بين ابنتيكِ، مع مراعاة أنك الأقدر كأم لكل منهما على تفهم طبيعتكم كأسرة وبيئة وميول بناتك:

 

1- ضرورة تعزيز التواصل الفعّال(Effective Communication) ، والذي طالما أكدت عليه للأباء والأمهات حين تعاملهم مع مراهقيهم.. شجعي ابنتيكِ على التعبير عن مشاعرهما ومخاوفهما بطريقة صحية، وبكل الحب والاحتواء.. يمكنكِ تخصيص وقت منتظم للحديث مع كل منهما على حدة، والاستماع إليهما دون إصدار أحكام.

 

2- ضعي حدود وقواعد واضحة للسلوك المقبول داخل المنزل، وتأكدي من أن الجميع يفهمها ومن الضرورى أن يلتزموا بها، مع ضرورة العدل بين الأبناء في كل شيء.

 

3- قومي بتشجيعهما على الأنشطة المشتركة(Encouraging Shared Activities) ، ثم حاولي تنظيم هذه الأنشطة حتى تتمكن كل من ابنتيكِ من المشاركة فيها معًا، مثل الطهي أو ممارسة الرياضة، وذلك لتعزيز الروابط بينهما.

 

4- دعمي أواصر المحبة بينهما بكلمات جميلة وطيبة، انقليها للأولى على لسان الثانية والعكس.. فالكذب هنا مباح بغرض إصلاح ذات البين.

 

5- عززي الروابط الأسرية بينهما وبين أفراد الأسرة والعائلة وذكريهما بقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وأولى بكم هنا الأخوة في النسب؛ ما يدعو إلى تعزيز المحبة والتفاهم بين الإخوة.

 

ثم أصِّلي فيهما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"، وهذا يحث على الإيثار وحسن التعامل بين الإخوة.

 

وأكدى لهما دائمًا على المعاني الطيبة المُصلحة في ديننا الحنيف، بدءًا بكظم الغيظ والعفو عن الناس إلى الثواب العظيم بسبب دعم الإخوة بعضهم لبعض وحب كل منهم للآخر.

 

6- ولا تَملّي يا أختي الكريمة من الدعاء لهما بالهداية والصلاح وإصلاح ذات بينهما وأن يؤلف الله تعالى بين قلبيهما.

 

▪ وهمسة أخيرة لأختي الحبيبة:

 

تذكري أن هذه المرحلة مؤقتة، وبالصبر والتوجيه السليم، ستتمكنين من مساعدة ابنتيكِ على تجاوز هذه التحديات وبناء علاقة قوية ومستدامة بينهما.

 

وطالما تبذلين معهما الجهد والنصح والتربية السليمة بالمال الحلال، فثقي أنه سيأتي اليوم الذي ستكون كل منهما بأبنائها سندًا للأخرى ولن يستطيعا جميعًا الاستغناء عن بعض إن شاء الله تعالى.