الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : تربوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
289 - رقم الاستشارة : 635
10/01/2025
أنا فتاة أعيش في الكويت، عمري 16 عامًا، مشكلتي هي شعوري الدائم بالمقارنة مع الآخرين، سواء في المدرسة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، أرى زميلاتي يظهرن دائمًا بمظهر مثالي، وكأنهن لا يعانين من أي مشكلات، كل واحدة منهن تبدو أجمل أو أكثر نجاحًا أو لديها أصدقاء أكثر، هذا يجعلني أشعر بالنقص والتوتر، وأحيانًا أفكر: لماذا أنا لست مثلهن؟ أصبحت أقلق كثيرًا بشأن رأي الآخرين بي، حتى أنني أصبحت أتجنب بعض المناسبات الاجتماعية لأنني لا أشعر أنني جيدة بما يكفي، حاولت الحديث مع أمي، لكنها تقول لي إنني أبالغ، وهذا يجعلني أكثر إحباطًا، كيف يمكنني التخلص من هذا الشعور الذي يرهقني ويجعلني أشعر بعدم الرضا عن نفسي؟
ابنتي الجميلة،
أعجبني أسلوبك الرقيق والراقي في التعبير عن مشاعركِ، ما تمرين به هو أمر شائع جدًّا بين مَن هم أقرانك وفي مثل مرحلتك العمرية من الجنسين، وخاصة في العصر الحالي الذي تسيطر فيه مواقع التواصل الاجتماعي على حياتنا وتؤثر في طريقة نظرتنا لأنفسنا.
ولذلك سوف أوضح إليكِ بعض النقاط التي قد تساعدك في إدراك واقعك، متبوعة بنصائح عملية لاجتياز محنتك النفسية بإذن الله تعالي وأتمنى أن تعييها باقتناع وتتبعي نصائحي:
أولاً: لا بد من إدراك حقيقة مواقع التواصل الاجتماعي..
فإن ما ترينه على مواقع التواصل ليس الواقع الكامل، فمن رأيي دائما أنه عالم شبه افتراضي، وكثير من الأشخاص يعرضون فقط الجانب الإيجابي أو المثالي من حياتهم، بل إن هناك تطبيقات وبرامج تظهر أفضل الصور للأشخاص أو ربما غيرت من ملامحه تمامًا، بينما يُخفي كل شخص تحدياته وصراعاته النفسية والعائلية والمجتمعية؛ فالصورة المثالية التي تشاهدينها قد تكون بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
الأمر الثاني: هو ضرورة تعزيز ثقتكِ بنفسكِ..
ركزي على نقاط قوتكِ وإنجازاتكِ الشخصية، فكري في ما هي الأمور التي تجيدينها؟ ما الصفات التي تجعلكِ مميزة؟ حاولي تدوينها يوميًّا، وحتما ستجدين أنكِ تمتلكين أشياء رائعة تُميزكِ عن غيرك.
ثالثا: أنت تحتاجين إلي ديمومة الامتنان لما لديكِ وما أنعم الله تعالي به عليك من نعم..
خصصي وقتًا يوميًّا هادئًا تكونين فيه صافية الذهن لتتذكري الأشياء التي تشعرين بالامتنان تجاهها في حياتكِ، سواء كانت عائلتكِ، أصدقاءكِ، صحتكِ، أو حتى لحظات بسيطة تجعلكِ سعيدة، هذه الطريقة ستساعدكِ على تقدير ما لديكِ من نِعم من المولى - عز وجل - بدلاً من مقارنة نفسكِ بالآخرين.
الأمر الرابع: هو أنه ينبغي عليكِ أن تبتعدي تمامًا عن المقارنة..
فتذكري أن كل شخص لديه رحلته الخاصة، ظروفه وملامحة الجميلة المختلفة، بدلاً من مقارنة نفسكِ بالآخرين، قارني نفسكِ بنفسكِ فقط، واسألي: كيف يمكنني أن أكون أفضل مما كنت عليه بالأمس؟ ذلك لتعتادي على تطوير ذاتك دائما للأفضل.
الأمر الخامس: وهو الأهم ألا وهو التواصل مع والدتكِ أو شخص تثقين به تمام الثقة، كإحدى قريباتك أو معلمتك الحكيمة..
فأحيانًا قد لا يدرك الأهل عمق المشاعر التي نمر بها، حاولي التحدث مع والدتكِ مجددًا بأسلوب هادئ ومحدد وأنتِ محتضناها قائلة: "أحتاج إلى دعمكِ يا أمي في هذا الأمر لأنه يؤثر على نفسيتي"، وإذا شعرتِ أنكِ لا تجدين تفهمًا كافيًا، يمكنكِ البحث عن مرشدة نفسية متخصصة تساعدكِ على تنظيم مشاعركِ ومعاملاتك.
سادسًا: عليكِ بتحديد أهداف صغيرة لكي تستطيعي تحقيقها..
فبدلاً من التركيز على ما ينقصكِ، ضعي أهدافًا بسيطة واسعي لتحقيقها، قد يكون الهدف تعلم مهارة جديدة، قراءة كتاب، ممارسة رياضة، أو حتى تحسين علاقتكِ مع أحد أفراد الأسرة، مع الالتزام بقراءة وِرد يومي من القرآن الكريم، ويا حبذا أن تقرري حفظ ذلك الورد يوميًّا.
الأمر السابع والضرورى: هو الابتعاد المؤقت عن مواقع التواصل الاجتماعي..
جربي أن تقضي وقتًا أقل على مواقع التواصل، وبدلاً من ذلك، استثمري وقتكِ في أنشطة تُسعدكِ وتطور من شخصيتكِ، أو الزيارات العائلة وصلة الأرحام ومساعدة والدتك في أعمال المنزل مع وضع جدول مناسب لاستذكار دروسك، محتسبة كل أعمالك لله تعالى أولا لتؤجري عليها ثم سوف تلاحظين فرقًا كبيرًا في مزاجكِ ونظرتكِ لنفسكِ إن شاء الله تعالى.
النقطة الثامنة: ومن رأيي أنها الأهم على الإطلاق بعد أداء الفرائض والعبادات ورضا الله تعالى عن العبد، هو الاعتناء بصحتكِ النفسية والجسدية:
احرصي على تناول الطعام الصحي، شرب الماء بكميات مناسبة، ممارسة الرياضة، والنوم الجيد.. هذه العادات البسيطة تؤثر إيجابيًّا على حالتكِ المزاجية وتزيد من ثقتكِ بنفسكِ.
ونصيحة أخيرة لابنتي الحبيبة:
تذكري يا ابنتي: أنكِ فريدة كما أنتِ؛ فالجمال الحقيقي يكمن في شخصيتكِ، أخلاقكِ، وإنسانيتكِ، فلا تدعي المقارنات تُبعدكِ عن حقيقة أنكِ تستحقين الحب والقبول من المحيطين بك كما أنتِ، أنتِ في مرحلة بناء الذات، وهذه المشاعر جزء طبيعي من نموكِ، لكن الأهم هو أن تعلمي أنكِ تمتلكين القوة للتغلب عليها.
أدعو الله أن يمنحكِ السكينة والرضا عن نفسكِ، وأن يوفقكِ في بناء حياة مليئة بالثقة والإيجابية.