23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 266
  • رقم الاستشارة : 807
27/01/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو من حضرتك مساعدتي في حل مشكلة غريبة أواجهها أنا وابني البالغ من العمر أربع سنوات. أنا سيدة حامل في الشهر الخامس، وأعاني أنا وطفلي من عادة غريبة وهي لعق الحوائط والطين. الأمر بدأ عندي منذ فترة الحمل، حيث شعرت برغبة مُلحّة في لعق الجدران وتناول الطين، لكنني لم أستطع السيطرة على نفسي. تفاجأت لاحقًا بأن طفلي بدأ يقلّدني في هذا السلوك، وأصبحنا نمارس هذا الفعل بشكل يومي تقريبًا، مما أشعرني بالخوف والقلق الشديدين. أخشى أن يؤثر هذا السلوك على صحتي وصحة طفلي وصحة الجنين أيضًا. لقد حاولت كثيرًا منعه من فعل ذلك، لكنه يصرّ ويزداد تمسكًا به، مما جعلني أشعر بالعجز أمام هذه المشكلة. أسئلتي لحضرتك: - هل هذا السلوك يمكن أن يكون له أساس وراثي أو نفسي؟ - هل لهذا السلوك خطورة على الصحة الجسدية أو النفسية بالنسبة لي ولطفلي؟ - ما الخطوات التربوية والنفسية التي يمكنني اتباعها للتخلص من هذا السلوك لي ولطفلي معًا؟ - هل تنصحينني بالتوجه إلى طبيب مختص؟ وإن كان كذلك، ما التخصص المطلوب؟ وهل أحتاج إلى إجراء تحاليل معينة؟ أرجو من حضرتك الرد بالتفصيل لتوجيهي للطريق الصحيح، فأنا قلقة جدًا على صحة طفلي وجنيني ولا أعلم كيف أتصرف.

الإجابة 27/01/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

أهلا بك عزيزتى الأم الصغيرة، بارك الله لك في طفلك وأتم لك حملك على كل خير ورزقك الذرية الصالحة المعافاة.

أولاً: هذا السلوك رغم غرابته واندهاش البعض منه، إلا أنه يحدث مع كثير من الناس وخاصة الأطفال والنساء الحوامل.. ويُعرف في علم النفس باسم Pica Disorder أو اضطراب القَطَا ويعني (اشتهاء مواد غير غذائية)، حيث يتمثل في الرغبة المستمرة في تناول أو لعق مواد غير غذائية كالطين، والطلاء، والجدران... وغيرها.

وفي الواقع له عدة أسباب، قد يكون بعضها وراثيًّا جينيًّا، منها:

1- نقص العناصر الغذائية: مثل الحديد أو الزنك في الجسم، وهو ما يرتبط غالبًا بفقر الدم.

2- اضطرابات نفسية: فالقلق والتوتر قد يدفعان الشخص للقيام بسلوكيات غير مألوفة مثل ذلك السلوك.

3- كذلك التقليد والسلوك المكتسب: أي قد يكون الطفل يقلّد والدته، ما يجعل السلوك مُعززًا لديه.

4- الاضطراب الحسي أو العاطفي: حيث يبحث الطفل أو الأم عن الراحة من خلال هذا السلوك.

ثانيًا: وبالفعل هذا سلوك ضار، وقد يسبب مشاكل صحية خطيرة، مثل: التسمم بالرصاص، أو المواد الكيميائية الموجودة في الطلاء، كذلك ربما الإصابة بالطفيليات والعدوى، خاصة عند تناول الطين، وقد يتسبب فيما هو أخطر، ألا وهو انسداد الأمعاء أو اضطرابات هضمية.

ثالثًا: وبالنسبة لخطوات العلاج التربوي والنفسي فهي كالآتي:

1- يجب التوجه فورًا إلى طبيب متخصص لإجراء التحاليل اللازمة (مثل تحليل نسبة الحديد والزنك)، للتأكد من عدم وجود نقص غذائي أو فقر دم.

2- تعزيز السلوك الإيجابي:

استخدمي نظام (الثواب) أو المكافآت لتشجيع الطفل عندما يمتنع عن لعق الحوائط والطين.

على سبيل المثال: "إذا لم تلعق الحائط اليوم، فسنقرأ قصة معًا أو نلعب لعبتك المفضلة".

3- من الضرورى أن توفري أنشطة بديلة للطفل تُشغل يديه وفمه، مثل الألعاب التي تُعزز المهارات الحركية أو الأطعمة الصحية التي يمكن قضمها.

4- اعملي على تقليل وصول طفلك إلى المواد.. فحاولي تغطية الحوائط بطبقة من الطلاء غير السام وصعبة الوصول، أما الطين، فتأكدي من تقليل تواجده حول الطفل.

* كما أنه لا بد من تعديل سلوكك كأم، لكي تجعلي خطوات علاج نفسك قدوة لطفلك.. ولذلك يجب أن تكوني شفافة معه بشأن خطورة هذا السلوك.

استبدلي بهذه العادة ممارسات أخرى مريحة نفسيًّا، مثل ممارسة التأمل، أو استخدام بدائل آمنة إذا كانت لديك رغبة ملحّة، كقضم مكعبات الثلج.

* هذا وفي حال إذا حاولتِ ولم تصلي إلى نتيجة مرضية، فيمكنك اللجوء لطبيب أمراض باطنية أو تغذية، للتأكد من وجود نقص في العناصر الغذائية الأساسية، مثل الحديد والزنك، أو وجود مشاكل مرتبطة بفقر الدم.. وهو الذي سيوجهك إلى التحاليل المطلوبة المناسبة.

ثم التواصل مع معالج نفسي متخصص لمساعدتكما على كسر هذه العادة من خلال العلاج السلوكي المعرفي CBT أو (Cognitive Behavioral Therapy)، الذي يساعد في التعرف على المسببات النفسية للسلوك والعمل على معالجتها.

* كما أوصيك عزيزتي الأم بضرورة الحفاظ على جنينك فهو أمانة كلفك الله تعالي بها، وذلك عن طريق الاهتمام الجيد بصحة الجسد، فلقد قال الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، وهذا السلوك غالبًا ما يضر بالجسد ويُعتبر من إلقاء النفس في التهلكة.

ثم احرصي على التربية الصالحة، وكما علمنا النبي ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".. وهذا يشير إلى ضرورة أن تُصلح الأم من نفسها لتكون قدوةً صالحة لطفلها.

▪ وأخيرا، همسة لك عزيزتي الأم:

اطمئني، هذه العادة قابلة للعلاج إذا ما تم الجمع بين التدخل الطبي والتربوي والنفسي بشكل سليم.

كوني صبورةً وثابتةً في الخطوات العلاجية، واطلبي الدعم من أفراد أسرتك ومن متخصصين عند الحاجة.