22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 262
  • رقم الاستشارة : 626
09/01/2025

أنا مدرسة وزوجي أيضا مدرس، وعايشين في بيت واحد مع أهل زوجي، مشكلتي تتمثل في حماتي وأهل زوجي، طريقتهم وأسلوبهم مختلف فى التربية عن طريقتي، خاصة في طريقة الكلام والتعامل، وخايفة على أولادي منهم، خاصة إنهم عايشين كلهم فى بيت واحد، وأولادي مختلطين بأقارب والدهم بشكل مباشر. مفيش عندهم نظام، وطريقة كلامهم وأكلهم وأسلوبهم دون المستوى، وبيستخدموا ألفاظ خارجة وبيعتبروها عادي. زوجي بيقول لي دول أهلي ومش هقدر أغيرهم، وموقفه إلى حد كبير سلبي. بحاول علاقتي بيهم تكون كويسة، لكن مش مندمجة معاهم، وبحاول أتجنب مخالطتهم على قدر المستطاع! أعمل إيه؟؟

الإجابة 09/01/2025

أختي الفاضلة، مرحبًا بك، ونشكرك على ثقتك بنا، وبعد...

فلا شك أن السُّكنى في بيت أهل الزوج -أو أهل الزوجة- لها مشكلاتها التي تقابل الزوجين وأولادهما، وتفرض عليهم قيودًا معينة، وحياة معينة، نظرًا لما قد يكون من اختلاف الثقافات، والخلفيات التربوية والاجتماعية، ومفهوم كل طرف للحياة والدين بشكل عام، وما ينتجه هذا الاختلاف من مواقف واحتكاكات ونزاعات.

لذا؛ لا ننصح به إلا في حال الاضطرار، حيث يجب أن يكون لكل أسرة استقلالها، ومحضنها الخاص الذي تستطيع من خلاله أن تربي أبناءها وفق القيم المعتمدة لديها، والتي ترغب أن تنشِّئ أطفالها عليها، بعيدًا عن تأثيرات الأهل السلبية.

وأول ما أنصحك بك –أختي الكريمة- هو محاولة الخروج من منزل العائلة والبحث عن سكن مستقل ولو كان مستواه أقل من الحالي، في سبيل الراحة النفسية التي لا تقدر بمال ولا متاع، والبعد عن أصل هذه المشكلات.

فإن كنتم مضطرين للبقاء في هذا المنزل لضيق ذات اليد، أو لحاجة أهل الزوج لقربه منهم ورعايته لهم، فلا بأس، وعلينا أن نتعامل مع الأمر الواقع، بشكل يجنبنا سلبياته، مع الأخذ في الاعتبار أنه حتى لو كان السكن مستقلًّا، فإنك لن تستطيعي أن تمنعي اختلاط أبنائك بأهل زوجك تمامًا، فلا شك أنه ستحدث زيارات متبادلة، وهذا من حقهم وحق أولادك وزوجك أيضًا، ومن الواجبات التي لا يمكن إهمالها.

إذن، كيف نعالج هذا الأمر؟ وكيف نقود هذه العلاقة إلى بر الأمان دون أضغان ومشكلات وقطيعة؟

أولاً؛ إياك ولوم الزوج وعتابه والضغط عليه وتحميله المسؤولية وحده، وتذكري أن المرء لا يختار أهله، وحتى إن لم يكن راضيًا عن سلوكهم ومعاشهم، فإنه لا ينفصل عنهم ولا يتبرأ منهم، وتذكري أنك قد رضيت بالسكن في هذا المنزل وعلى هذا الوضع من البداية، والتعايش مع هذا الواقع مسؤوليتكما المشتركة، تتحملانها سويًّا، وليس هو وحده. ثم تأتي الخطوة الأولى على الطريق من ناحيتك، وهي أن تحاولي تحسين علاقتك بأهل زوجك وتصفيتها إن كان بها شوائب، أو تقويتها وإدامة الود إن كانت علاقة طيبة، وذلك عن طريق الكلمة الطيبة التي هي صدقة، والمجاملات الرقيقة في المناسبات وغيرها، وكذلك الهدايا البسيطة غير المتكلفة من حين لآخر، خاصة مع الأم والأخوات، وتجنبي تمامًا الوقوع معهن في غيبة أو نميمة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»، مع استحضار نية إرضاء زوجك وطاعته، فبرُّ أهله من أفضل ما ترضينه به.

ثم اعلمي أن تسعة أعشار حسن الخلق في «التغافل»، فلا تقفي عند كل كلمة أو فعل، مع الوضع في الاعتبار دواعي الغيرة التي قد تثور بينك وبينهم، فكوني أكبر من التصرفات الصغيرة التي قد تحدث منهم، وتجاهليها وارتفعي عنها، ولا تكثري من التعليق والرد والشكوى، فتعظمين وتكبرين في عيونهم وعين زوجك، ويكون لك قدرك واحترامك عندهم، ومع الوقت تكونين المرجع لهم في الأزمات وتصبحين مسموعة الكلمة فيهم، وهذا بالطبع سيحل جزءًا كبيرًا من المشكلة الواقعة الآن.

هذا التغافل طبعًا يكون مع الأمور التي يمكن التغافل عنها، من كلمات وأفعال وتصرفات النساء والصبيان المعتادة، لكن بطبيعة الحال لا يجوز التغافل عن الأمور التي يحدث بها تجاوز للشرع والعرف من أي طرف، خاصة أحكام المخالطة والتعامل بين الرجال والنساء داخل المنزل من محارم غيرهم.

أختي العزيزة، حاولي أن تُجَنِّبي زوجك -على قدر المستطاع- في أي مشكلة قد تحدث بينك وبين أهله، فلا تُدخليه ولا تحكي له إلا إذا هم فعلوا، فإن هذا يضعه في حرج شديد، ونتائجه سيئة.

تجنبي النقد المباشر لما ترينه من أخطاء وتجاوزات، وإن أردت النصح لهم فبآدابه، بعد أن ترسخي أساسا في قلوبهم لقبوله والبناء عليه، بما ذكرناه آنفًا من الإحسان والبر. نأتي للأبناء وكيفية وقايتهم مما يسمعونه من كلام خارج، أو مما يرونه من عادات سيئة، من أهل والدهم، فأفضل وسيلة لذلك هو غرس القيم الفاضلة والعادات السليمة والخلق الحسن فيهم من خلالك أنت وزوجك في بيتكم، وتربيتهم على ذلك، وبيان خطأ ما يسمعونه أو يرونه من عادات سلبية، وتعليل ذلك لهم بأن من يفعلها لا يعلم الصواب من الخطأ، ولكننا يجب أن نحترمه لكبر سنه مع توجيهه بلطف وأدب وليس على الملأ؛ لأن الدين يأمرنا بتوقير الكبير واحترامه.

ولا بأس أن نجعل التوجيه للإصلاح يأتي من خلالهم هم لهؤلاء الأقارب بشكل غير مباشر، ونحكي لهم ما فعله الحسن والحسين رضي الله عنهما مع الرجل الذي رأياه لا يحسن الوضوء، فعلماه الصواب من خلال تمثيلية لطيفة بطريقة غير مباشرة حتى لا يحرجاه، فتعلم الرجل منهما وأثنى على صنيعهما.

إذن، فالحماية والوقاية تأتي من الداخل أولاً، وعن طريقك أنت وزوجك، دون أن تُشعِرا الأطفال بانتقاص لهؤلاء الأهل أو احتقار لهم، وهي معادلة صعبة لا شك، لكنها ضرورية. ولو فعلت ما أشرت عليك به في البداية، فستنفتح أمامك أبواب قلوبهم للنصيحة وإصلاح سلوكهم تدريجيًّا، مع تنبيههم بأن هذا ليس من قبيل النقد للنقد، أو الكبر أو التعالي، ولكن لأنك تحبينهم وتعتبرينهم قدوة لأطفالك، هذا طبعا كما أشرت في الأمور التي تستحق، وليست في الأمور التي قد نتغافل ونتجاوز عنها، مع تنبيه أبنائنا بيننا وبينهم لما نريد.

وفقك الله ورعاك، وتابعينا بأخبارك.