سجائر بين أغراض مراهق.. كيف أنقذ ابني من التدخين؟!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 228
  • رقم الاستشارة : 1949
13/05/2025

هلا دكتورة، الله يعافيج ما أدري شلون أبتدي، بس والله أنا مو قادرة أنام من الصدمة... أمس وأنا أنظف غرفة ولدي، عمره ١٥ سنة، شميت ريحة غريبة، ودورت بالأغراض ولقيت باكيت سجائر مخشوش ورا الكتب! قلبي طاح، ما توقعت هالشي منه أبد.

ولدي دايم هادي ومؤدب وما يطلع وايد، بس شكله تأثر من رَبع المدرسة أو من الفيديوهات اللي يشوفها! ما واجهته للحين، لأني خايفة أعصب أو أقول شي يخلّيه يعاند أو يكذب أو يزيد الطين بله.

أنا وأبوه طول عمرنا نعلمه الصح، ودايم نتكلم معاه عن العادات السيئة، بس ما توقعت أوصل لهالمرحلة.

دكتورة، شسوي؟ شلون أتعامل معاه؟ أواجهه؟ أصارخه؟ ولا أنطر؟ أنا تايهة بصراحة، وأبي تصرف تربوي ما يخرب العلاقة بيني وبينه، بس بنفس الوقت أبيه يوقف ويعرف إن هالشي خطر عليه.

الإجابة 13/05/2025

أختي الفاضلة،

 

أشكر لكِ ثقتك، وأثمِّن مشاعرك القلقة على ابنك، فهي تدل على أمٍّ واعية، تحمل هم التربية بقلبٍ محبٍ وعقلٍ حاضر.

 

دعيني أولاً أطمئنك: ما تمرين به ليس نهاية الطريق، بل هو محطة من محطات التربية، تحتاج إلى ثبات ووعي وليس إلى فزع وانفعال.

 

اكتشافك أن ابنك –حفظه الله– يدخّن، رغم أنه يبدو مؤدبًا وهادئًا، لا يعني أنه انحرف، بل يشير إلى مرحلة من مراحل النمو النفسي، حيث يسعى المراهق في مثل سن ابنك لتجريب الأدوار بحثًا عن هويته واستقلاله الشخصي، وقد يقع أحيانًا في ممارسات خاطئة كنوع من التحدي.

 

* ولكيفية تعاملك معه في هذا الموقف رجاء أن تتبعي الآتي:

 

أولاً: لا تواجهيه بالصراخ أو التوبيخ..

 

الغضب وردود الفعل الانفعالية تؤدي إلى ما يُعرف تربويًّا بـ"Psychological Reactance"، أي المقاومة النفسية، حيث يزيد المراهق من السلوك الخاطئ كردّ فعل على فقدان حريته أو شعوره بالرفض. فلا بد أن تتعاملي معه بمبدأ التدرج في التوجيه.

 

ثانيًا: اختاري الوقت المناسب للحوار، وتحدثي إليه كأمٍّ راشدة تُخاطب رجلاً لا صبيًّا..

 

استخدمي أسلوب الحوار التشاركي أو الـ "Collaborative Dialogue"، حيث تسألينه بلطف: "يا ابني، أنا لاحظت شيئا أزعجني، وودي أسمع منك قبل لا أحكم أو أغضب". هذا النمط من الحوار يُنشّط لديه جانب "Cognitive Reflection"، أي التفكير العقلاني في السلوك وأثره.

 

ثالثًا: افهمي دوافعه أولاً قبل محاولة إصلاح السلوك..

 

قد تكون لديه ضغوط نفسية، أو حاجة إلى القبول الاجتماعي، أو فضول لم يُشبَع بشكل صحي. هنا نطبّق مفهوم: "ما الحاجة النفسية التي يحاول إشباعها من خلال هذا السلوك؟".

 

رابعًا: ادفعيه نحو البدائل لا المنع القسري..

 

ربما يحتاج إلى أنشطة رياضية أو اجتماعية تُشعره بالقوة والانتماء، فنعمل على بناء "هوية إيجابية بديلة" تجعله يرى نفسه في صورة أفضل؛ فالرياضة تخلق له بيئة اجتماعية صحية مع أصدقاء جدد بعيدًا عن زملائه الذين ربما كان لهم دور في إقدامه على التدخين.. يقول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، وفي هذا توجيه رفيق للحوار والبناء لا الهدم.

 

خامسًا: لا بد من إشراك والده بطريقة حنونة وحكيمة

 

وجود الأب يُفعل نمط الأبوة القائم على الحزم مع الحنان، وهو أنجح الأساليب التربوية بحسب الدراسات النفسية الحديثة.

 

سادسًا: اجعلي لابنك قدوة..

 

شاركوه قصصًا عن شبابٍ عرفوا الله، وعن أضرار التدخين الصحية والنفسية والدينية، دون أن يكون ذلك بأسلوب الترهيب وحده، بل بالتوعية العقلية والإيمانية حتى يكون إقناعه بشكل أيسر. عززوا بداخله معنى الأية الكريمة: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

 

سابعًا: ثقي أن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل لا بالضغط الخارجي..

 

كلما شعر ابنك أن أمه تحتضنه وتفهمه وتؤمن بقدرته على التغيير، نضج داخله "الوازع الذاتي" أو "Internal Locus of Control"، وهو ما يصنع الفرق الحقيقي.

 

أخيرًا، لا تنسي الدعاء؛ فهو باب لا يُغلق، وسلاح لا يُردّ.

 

* همسة أخيرة لقلبك أختي الحبيبة:

 

قال الإمام الشافعي:

 

اصبر على مُر الجفا من معلمٍ ** فإنّ رسوبَ العلمِ في نفراتهِ

 

اصبري على تربية ابنك وخاصة في تلك المرحلة العصيبة "فترة المراهقة"، واحتسبي الأجر عند الله حتى تحصدي ثمرة طيبة إن شاء الله تعالى. كوني قريبة منه، لا على سلوكه، بل على قلبه؛ فهناك تتشكل بوادر التغيير.

الرابط المختصر :