الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
18 - رقم الاستشارة : 1044
20/02/2025
أنا زوجة وأم، وبيتي هو دنيتي، بحاول بكل طاقتي أحافظ عليه من أي حاجة ممكن تبعد بيني وبين جوزي، لكن ساعات بحس إني ممكن أعمل حاجات من غير ما أخد بالي، وتكون سبب في فتور العلاقة بينا. مثلاً، ساعات بنام مع ولادي وجوزي بينام لوحده، بحس إنه عادي بس بسمع إن ده ممكن يخلّيه يتعود على بعدي، فبجد مش عارفة، هل ده فعلاً بيأثر؟
وكمان في الخلافات، ساعات بتفلت مني كلمة "طلقني"، وسمعت إن الكلمة دي لو اتكررت، ممكن تترسخ في دماغه كحل سهل لأي مشكلة، فهل ده حقيقي؟ وكمان، لما بكون متضايقة، ممكن صوتي يعلى شوية، وأنا عارفة إن الرجالة ما بتحبش ده، بس ساعات الانفعال بياخدني، فإزاي أقدر أعبّر عن ضيقي من غير ما أحس إني بكبت مشاعري؟
أما أهله، فإزاي ممكن أتعامل معاهم بحكمة من غير ما يحصل بيني وبين جوزي مشاكل؟ أنا مش عايزة أخسره بسبب أي سوء تفاهم. وأكتر حاجة محيراني، هل الراجل فعلًا ما بينساش الكذب حتى لو كان بسيط؟ وإزاي أقدر أبني بيني وبينه ثقة تخليه يحس معايا بالراحة والأمان؟ يا ريت أي حد عنده خبرة أو نصيحة يفيدني، لأن كل اللي نفسي فيه إني أحافظ على بيتي وأكون زوجة مثالية ليه.
ابنتي الحبيبة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على البوابة الالكترونية للاستشارات.. أسعدتني جدًّا رسالتك وأهدافك، ووضعك لبيتك وزوجك على رأس أولوياتك خاصة في هذا العصر، حيث تسود الندية والتوتر داخل البيوت، وأريد أن أبشرك أنك باجتهادك لرعاية زوجك وأولادك وبيتك لك مكانة كبيرة إن شاء الله.
فعن أسماء بنت يزيد الأنصارية (رضي الله عنها) أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك - واعلم نفسي لك الفداء - أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات ومقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرض، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد فى سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مرابطًا حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم فى الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: (هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه"؟ فالتفت النبي -صلى الله عليه وسلم- إليها ثم قال: "انصرفي أيتها المرأة، وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله"، فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارًا).
فحسن تبعلك بنيتي له أجر كبير، فاجتهدي قدر ما تستطيعين واحتسبي كل ما تقومين به من جهد، وإن شاء الله يكون ذلك طريقك إلى الجنة (إذا صلّت المرأة خمسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت).
إدارة حياتك
قبل أن أجيب عن تساؤلاتك كلها أريد أن أنبهك إلى ثلاثة أمور:
الأمر الأول: مع الأهمية الفائقة لعلاقتك بزوجك ورعايتك لأبنائك إلا أنه ينبغي أن تكون علاقتك بالله على رأس أولوياتك، ولا تعارض بين الأولويات، فأنت ترضين زوجك استجابة لأمر الله لك، ولكن قد يحدث تعارض ظاهري فزوجك يريدك والصلاة قد أقيمت.. الصلاة أولا والفروض أولا، ولكن في السنن فزوجك له الأولوية (لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يومًا من غير شهر رمضان إلا بإذنه).
الأمر الثاني: علاقتك بنفسك تأتي في المرتبة الثانية بعد علاقتك بالله عز وجل وقبل علاقتك بزوجك أو والديك، ولا يعني هذا بحال الأثرة أو الأنانية، وإنما يعني أن تجيدي التواصل مع نفسك وأن تعرفي ماذا تريدين وماذا تحبين وماذا ترفضين وأي الأوضاع مريح لك وأيها لا يريحك، ويعني أن تجيدي العناية بنفسك جسديًّا ونفسيًّا وأن تمنحيها الاهتمام الكافي، فلا تكوني الشمعة التي تحترق كي تضيء للآخرين، وإنما كوني كالأجهزة الذكية التي تشحن نفسها تلقائيًّا.
الأمر الثالث: استشعرت من كلماتك شيئًا من التوتر والقلق، ففي طيات أسئلتك لمست هذا.. وترددت كلمة "سمعت" أكثر من مرة، وكلها في سياق أن من تفعل كذا سوف تخسر زوجها أو زواجها.. هذا التوتر هو أكثر شيء يجعلك ترتبكين وتكثر أخطاؤك لأنك لن تكوني بطبيعتك العفوية، كما أنه يقلل من ثقتك بنفسك وهذا سينعكس ولا شك على مناحي حياتك، فاهدئي وتوكلي على الله.. ولا يعني هذا أبدا ألا تتعلمي من تجارب الآخرين وحكمتهم ولكن بهدوء وبعقل نقدي لكل ما يقال.. الآن سأجيب أسئلتك بترتيب كتابتها.
النوم مع الأولاد
يرى خبراء العلاقات الزوجية أن وجود الزوجة والزوج معًا في فراش واحد يمنحهما مشاعر دافئة جميلة ويرفع من رصيدهما المشترك في بنك الحب ويقوم بخلق حالة من الإشباع العاطفي ويحسن من عملية التواصل ويقلل جدًّا من فجوات الفراغ العاطفي، وبالتالي فالأصل أن تنامي مع زوجك في نفس الفراش، فاحرصي على ذلك، ولكن إذا غلبك النوم ونمت بشكل غير مقصود في غرفة الأولاد فلا داعي للهلع، وبمجرد أن تنتبهي عودي لغرفتك هكذا بكل بساطة.
ما أريد أن أنبهك إليه أن تنتبهي لذلك وقت الغضب، فلا تهجري فراش زوجك وقتها أبدًا حتى لو كانت الأمور بينكما ليست على ما يرام، وفي الحديث (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح).
طلب الطلاق
ابنتي الغالية، أريدك أن تكوني شخصية هادئة متزنة تفكر في الكلمة قبل أن تنطقها خاصة في أوقات الغضب، وكم من بيت تحطم بسبب كلمة غير مقصودة، والطلاق أمر عظيم وليس ورقة تهديد أو أداة ضغط وبالتأكيد ليس لعبة، فإياك إياك إياك من الاستهانة بهذه الكلمة فـ (أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة)، واقرئي هذه الاستشارة لكي تدركي أن الزوج قد يأخذ الحديث بالفعل على محمل الجد وقد يستجيب لك في لحظات الغضب طلب الطلاق وسياسة حافة الهاوية.
ارتفاع الصوت
غاليتي، لا يوجد رجل سوي يحب أن ترفع زوجته صوتها بحضرته حتى لو كانت تصرخ على الأولاد.. أتعرفين حتى لو كانت ملكة جمال الكون يشعر وقتها أنها امرأة عاطلة من الجمال والأنوثة.. الصوت حبيبتي وما أدراك ما الصوت وما تأثيره على الرجل؛ لذلك قال الله سبحانه وتعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب: 32].. زوجك بحاجة لصوتك الرقيق الناعم المدلل لا للصوت المرتفع الذي يشبه صوت الرجال.. تشعرين بالغضب حقك.. لا تريدين أن تكبتي مشاعرك هذا سلوك صحي.. لكن بالصوت المرتفع لا.. وثقي أنك لن تأخذي حقك أبدًا بالصوت المرتفع..
عليك تعلم مهارات ضبط النفس والتحكم في الانفعالات.. اهمسي في سرك 10 مرات، تصلين فيها على النبي أو تستغفرين فيها الله قبل أن تتكلمي، فهذه أبسط طريقة تساعدك على التحكم في الانفعال.
أهل الزوج
استشعرت من كلماتك أنه ربما يكون سبب ارتفاع صوتك ومشاعر الغضب التي تعانين منها هو أهل الزوج، لو كان الأمر كذلك فاكتبي لنا بالتفصيل عما تعانينه مع أهل زوجك، وإن شاء الله نلهمك أفكارًا تساعدك على الحل.. لكن بوجه عام فإن احترامك لأهل زوجك هو جزء من احترامك لزوجك ومشاعرك الطيبة نحوهم هو أمر تابع لمشاعر المحبة نحوه وإياك والدخول معهم في منافسة على قلب زوجك، فلكل منكم مساحته الخاصة.
غاليتي، أريدك أن تكوني نقية فلا تستجيبي لتلك المعارك التافهة الصغيرة التي يحب كثير من النساء خوضها، أريدك أن تكوني من أفضل الناس، وقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: (كل مخموم القلب صدوق اللسان) قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: (هو النقي، التقي، لا إثم عليه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد).
وأنا أريدك هكذا مع الجميع ومع زوجك وأهله، نقية تقية لا تحملين في قلبك حسدًا، وثقي أنك أنت أول من يستفيد من هذا، فمشاعرك الرائقة هذه ستصل لقلوبهم بمنتهى اليسر وستجعل لك مكانة خاصة في قلوبهم.
الكذب والثقة
بالتأكيد الكذب يهدم رابط الثقة بين الزوجين، والكذب آفة من أسوأ الآفات، والكذبة الصغيرة من توابعها الكذبة الأكبر، وهكذا وفي الحديث (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقًا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا)، فلا تستهيني بالكذبة الصغيرة أبدًا، وإن شعرت بالاضطرار فعليك بالمعاريض ففيها مندوحة عن الكذب، وهو أن تأتي بكلمة تحمل أكثر من معنى مثلا، ويكون هذا لضرورة شديدة، وإلا فما أجمل الوضوح والصراحة والشفافية بين الزوجين.. وأريد أن أقول لك إن الزوج عندما يكتشف الكذبة الصغيرة فقد يتشكك في كثير من الأمور ويتوهم أن هناك كذبات أكبر فلِمَ تفتحين عليك أبواب الشك؟
تريدين بناء الثقة فاحرصي على الصدق والوضوح، وابتعدي عن الكذب والكلام الملتوي.
غاليتي، خذي بكل الأسباب واستعيني بالله وتوكلي عليه وسيري في حياتك الزوجية بثقة، واعلمي أن الحياة عامة والحياة الزوجية خاصة لا بد أن يتخللها بعض المنغصات، فكوني قوية واثبتي، كتب الله لك الخير، وأسعد كل أيامك، ولا تترددي في الكتابة لنا مرة أخرى.