22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 25/01/2025

اتهمني بالسرقة وعمل لي حظر.. هل أطلب الخلع؟ أنا يا سيدتي متزوجة منذ نحو خمسة عشر عاما في قرية صغيرة من قرى الصعيد.. كنت أعمل منذ تخرجي في شركة في المركز التابع له قريتنا بمرتب جيد جدا وكنت أضع جميع راتبي في البيت عن طيب خاطر وكان تقريبا يكفي جميع احتياجاتنا فزوجي يا سيدتي لم يمتلك يوما عملا ثابتا وعندما حلت جائحة كورونا فقدت عملي مع حالة الإغلاق.. لكنني لم أيأس وبحثت عن عمل آخر ولكن براتب أقل بكثير وأخذت أشجع زوجي للبحث عن عمل ذو قيمة فمصروفاتنا قد زادت مع إنجاب الأولاد وراتبي قد انخفض لما يقارب النصف.. ولأنني بنت أصول بعت مصاغي الذهبي كله وأعطيته إياه ليشتري سيارة أجرة يعمل عليها في عاصمة المحافظة وهو ما كان لكن أحواله تغيرت كثيرا بعد ما امتلك السيارة وعرفت أنه تعرف على سيدة أخرى ويتواصل معها في أوقات مريبة وقرأت رسائل تطالبه فيها باللقاء وأخبرني أحدهم أنه متزوج منها زواجا عرفيا وعندما واجهته انهال علي بالصراخ والشتائم حتى وصل الأمر للضرب المبرح وخرجت لبيت أهلي غاضبة بأولادي الثلاثة لكنني وبصراحة لم أكن أشعر بالارتياح هناك مع إخوتي الذكور وزوجاتهم وأولادهم فكنت أشعر إنني بأولادي كالضيف الثقيل.. باع هو سيارة الأجرة بعدها وسافر لأحد الدول الخليجية ولكنني أعرف أنه لا يزال على تواصل معها وهي دائمة التعليق عنده على وسائل التواصل الاجتماعي.. المهم وحتى لا أطيل عليك قام بعض الأقارب بالتوسط للصلح وأعادوني لببيت العائلة وكان من ضمن بنود الصلح أن يرسل لي مبلغا شهريا كنفقة للبيت ولكنه وبعد عدة شهور قليلة عاد ليسألني عن راتبي حتى يتملص من النفقة فكنت أقول له لم أقبض بعد.. هناك تأخير وأشياء من هذا القبيل حتى يتبقى لي بعض المال لكن والدته بحثت خلفي وعرفت إنني أقبض راتبي في موعده وأخبرته وهنا ثار علي بشدة واتهمني إنني امرأة غير أصيلة مقارنا بيني وبين زوجة أخيه الآخر الذي تعطي فيزا الراتب لزوجها ولا يعطيها إلا مصروفا وقت الحاجة كالأطفال.. ولم يرسل لي هذا الشهر شيئا.. قدرا كان هناك صديق له قد اقترض منه مبلغا صغيرا من المال عندما باع السيارة الأجرة (التي هي من مصاغي وثمن شبكتي).. هذا الصديق أعاد لي المال لإرجاعه لزوجي وعندما أخبرت زوجي طالبني بحفظه مع والدته ولكنني رفضت وقلت له إنني سأقتطع منه مقدار ما كان يرسله لي فهاج وماج واتهمني بالسرقة وعمل لي حظر من كل مواقع التواصل الاجتماعي وأسرته هي الأخرى قامت بمقاطعتي ولا يردون علي السلام ويقولون لأولادي أنني سرقت أباهم.. الآن هو ينتوي العودة والاستقرار في مصر دون أن يبلغني وأسرتي تقول لي بعد أن اتهمك بالسرقة وقام بحظرك لا يمكن أن يعود وأنت في البيت ويصرون علي أن أقوم برفع دعوى خلع حتى إنني جهزت كل أوراق الدعوى ولكن شيء في داخلي يجعلني أشعر بالقلق لذلك كتبت إليكم فهل أقوم برفع الدعوى بعدما ما حكيته وإن لم أفعل فكيف تستمر الحياة مع هذا الرجل؟

الإجابة 25/01/2025

أهلا وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة على صفحة استشارات المجتمع...

إذا كنت تنتوين رفع دعوى قضائية فالأولى أن تكون دعوى نفقة وليست دعوى خلع وما حاجتك أصلا للخلع، فلو هو لا يريدك ويريد أن يحظرك من حياته كلها فليوقع الطلاق منفردًا؛ فِلمَ تخسرين حقوقك الشرعية وتتنازلين عنها؟ كما أنك أم حاضنة فلِمَ تتركين مسكن الحضانة وتأخذي أولادك حيث بيت أسرتك وأنت لا تشعرين بالارتياح هناك ولا الخصوصية؟ إلا أنني أرى أن المسار القانوني هو آخر المسارات التي عليك أن تقتحميها فهي كما يقال (سكة اللي يروح ما يرجعش)، فما رأيك أن تسيري في (سكة السلامة)؟

تبدأ سكة السلامة بتحليل ما حدث طيلة الخمسة عشر عاما الماضية حتى نكتشف فيم أخطأنا وما كان مقدار الخطأ وكيف أخطأ الطرف الآخر وإلى أي حد تمادى.. دعينا لنعود عدة خطوات للوراء وننظر.

أخطأت يا أختي الكريمة وأنت تحملين نفسك ما لا يطاق فألزمت نفسك بالنفقة على الأسرة وليس مجرد المساعدة والدعم، فانقلبت الآية وتشوهت المفاهيم {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34).

أخطأت عندما تجنبت الحوار الصريح المهذب بما تشعرين به من مشقة ولجأت إلى أسلوب ملتو فيه شبهة كذب وخداع وأنت تنكرين حصولك على الراتب.

ترتب أيضًا على انشغالك بلقمة العيش وإدارة شئون البيت والأطفال أن حدثت فجوة بينك وبين زوجك استطاعت هذه المرأة التسلل إليها.. بالطبع لا ألومك وحدك على هذه النتيجة فما قمت به كان نتاج الإحساس بالمسئولية التي وللأسف الشديد لا يشعر بها زوجك.

يبدو لي زوجك كرجل مشوش الفكر لديه اختلاط في المفاهيم، وللأسف الشديد فإن ظروف المجتمع الاقتصادية صنعت نوعية من الرجال فقدوا قدرًا كبيرًا من شعورهم بالرجولة والنخوة أو ربما ليست الأحوال الاقتصادية فحسب؛ فالأحوال الاقتصادية السيئة تثمر الفقر لكنها لا تفقد النخوة إلا إذا صاحبتها تغيرات اجتماعية وأفكار معرفية فيتحول الزواج من سكن ومودة ورحمة لمشروع اقتصادي مربح يبحث فيه الرجل عن الاستثمار من خلال زوجة صاحبة راتب وتبحث له أمه عن هذه الزوجة حتى إذا وجدوها تم استغلالها لآخر رمق حتى أنها تصبح زوجة غير أصيلة لو تركت لنفسها الفتات وتصبح زوجة غير أصيلة لأنها تنفق الراتب بيدها في البيت على حسب ما تراه من أولويات، فهناك أخرى تسلم كل شيء وليس لها الحق في إبداء رأيها في شيء، وهكذا ترتفع المزايدات.

أصبح هناك مجموعة جديدة من المفاهيم مثل "زوجة أصيلة" و"زوجة غير أصيلة" بناء على المعيار الاقتصادي، ولو أن هناك زوجة أصيلة لكن هناك أخرى تبذل أكثر تتحول الأصيلة لغير أصيلة لأن هناك من هو أفضل منها وهكذا في دائرة بائسة تعيشها كثير من النساء خاصة في الريف.

بالتأكيد لا يُفهم من كلامي رفضي للمشاركة الاقتصادية بين الزوجين، ولكن هذا يتم بناء على قواعد الحب والسكن كيف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول عن خديجة رضي الله عنها (وواستني بمالها)، ولاحظي الرسول يقول مالها وليس ما يحدث، فأنت ومالك وما تملكين ملك لزوجك!

 أعتذر منك لو أطلت في الاستطراد فهناك مفاهيم ينبغي أن تصحح وصورة الرجل العاطل الذي يعمل بشكل موسمي حسب مزاجه ويعتمد على زوجته هذه صورة منكرة وتتعارض مع روح التشريع ونصه، وعليه فأنت بحاجة لدعم خارجي من أحد الشيوخ ذوي المكانة في بلدتكم (لا تُدخلي أهلك فهم ذهبوا مباشرة إلى الخلع)، ابقي في بيتك لا تخرجين منه {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (الطلاق: 1).

وعندما يعود إلى البيت يأتي هذا الشيخ ويتحدث معه ويقول له: إن زوجتك عاقلة رفضت أن تُدخل أهلها في هذه المرحلة لأنهم غاضبون بشدة واختارتني أنا كوسيط، ثم يبدأ في تصحيح أفكاره ومنها فكرة السرقة ويذكره بهذا الحديث المتفق عليه أنه (دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك")، ويتفق معه على وجوب النفقة عليك وأنك تكملين ما نقص فلا يرفع يده تماما، ويذكره بالله أن يحسن عشرتك.

وأتوقع أن يستجيب ولو إحراجًا من الشيخ، وهنا يأتي دورك في تقليل النقد والعتاب ومحاولة مد جسور جديدة بينك وبينه حتى لو كانت جسورًا بسيطة فسوف تقوى ويشتد عودها.. أكثري من الكلمات الإيجابية مثل إنني أعرف أنك تستطيع.. لديك قدرات كبيرة لا تستغلها، ولا تخجلي من أن تقولي أنك تحبينه وأن هذا السبب الأساسي في تمسكك به.. لا داعي أن أقول له وهو العائد من السفر إنه بحاجة لاهتمامك الفائق بمظهرك وملابسك وعطورك حتى لا يشعر أن الحياة الزوجية هي مجرد عبء ومسئوليات.

وأخيرًا لا تتحدثي عن هذه السيدة في هذه المرحلة ولا تتجسسي على هاتفه ولا تنتقدي أهله حتى لو لا يردون عليك السلام، فنحن لا نريد اشتباكات فرعية.. وفقك الله ورعاك وتابعينا بأخبارك.

وراجعي أيضًا هذه الاستشارة:

- حائرة بين أهلي وزوجي