الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
265 - رقم الاستشارة : 608
07/01/2025
سلام عليكم أنا امرأة متزوجة زوجي تزوج علي بأخرى وأنا ليس لي أولاد هو له ثمانية أولاد من زوجته المتوفية هم تقريبا كلهم متزوجون ولهم أولاد لكنه يتركني دائما ويسافر لزوجته الثانية لقد ظلمني كثيىرا بهذا الزواج خاصة إني أحس بالوحدة لأني من غير أولاد والفترة الأخيرة أصبح لا يترك لي مصروف.ولا يكلمني بالتلفون وعندما قلت له لماذا لا تكلمني قال لى أنت التي يجب عليك أن تكلمينني.. أريد أن أقول لك قد لا يوجد امرأة في العالم أحبت زوجها في الدنيا مثلى لقد كان كالملك في بيته وكل الناس يشهدون بهذا أما الآن بعد زواجه بأخرى لم اعد احتمله خاصة إني أحس بالخيانة منه أتدرين أختي انه ذاهب ليتزوج وأنا احضر له ملابسه واكله وأوصيه أن يلبس جيدا كي لا يمرض كلما أتذكر كم كنت مخدوعة فيه وكم كنت ساذجة أبكي بحرقة تصوري أن هذا الأمر فات علية تقريبا أربع سنوات ولم انس الأمر وكأنه حدث البارحة لم أتقبل هذا الزواج ولن أتقبله ما حييت أريد أن أعرفك على نفسي أنا أختك من الجزائر عمري 51سنة تزوجت 42 سنة بهذا الرجل بعدما توفيت زوجته أما هو وقتها فكان فالثانية والخمسين من عمره.. الثلاث سنوات الأولي كنت معه في أحسن حال رغم المشاكل العائلية وهذا شيء طبيعي لان أي أبناء تدخل حياتهم امرأة غير والدتهم لا يتقبلون الأمر بسهولة.. المهم التغير بدء عندما دخلت هذه المرأة حياتنا سافر زوجي إلى منطقة أخرى ليغير الجو مع بعض أصدقاءه والتي اكتشفت أنها كذبة بل ذهب لوحده مكث هناك 10أيام .. بعد هذا السفر لاحظت عليه التغير دائما شارد ولا يتكلم إلى أن جاء اليوم الذي قال لي انه تزوج بأخرى ومنذ ذلك اليوم انقلبت حياتي إلى جحيم صدقيني أختي لم أتقبل الأمر حاولت أن أنسى الأمر وأعيش حياتي لكني لم استطع النسيان خاصة أني من غير أولاد عندما يذهب أحس كأني أرملة بلا زوج ولا ولد علما إني معلمة قرآن ولازلت أتعلم فانا أدرس إجازة للقراءات وهذا هو الشيء الذي بقي لى وأحاول أن انجح فيه لأني وبصراحة أحس أني فشلت في حياتي الزوجية . أريد أن أخبرك أن زوجي هو أكبر اخوته ماتت امه بعد ولادته بشهور وكان لأبيه زوجتين غيرها وكانت علاقته بوالده سيئة للغاية وهو في حالة قطيعة مع إخوته.. أما عن مقدار تدينه لست ادري ما أقول ؟ إذا سمعته يتكلم مع الناس تظنينه إماما لكن هو يثور لأتفه الأسباب يكذب ويتفوه بالكلام الفاحش.. الشيء الغريب إنه يحفظ القران كاملا ويراجعه دائما يحب الأفلام التي فيها أشياء لا ترضي الله حتى علاقته بأولاده غير جيدة فهو دائما في خصام معهم حتى في المسجد غير مرغوب فيه حتى أنه أصبح لا يصلي معظم الأوقات في المسجد عندما أتكلم معه يقول لا يتحمل رؤيتهم هو يشتكي من كل المجتمع وناقم على كل الناس صدقيني إني ادعو الله أن يخرجه من قلبي كي اتحرر من هذا الهم والألم وانطلق في حياتي حرة أريد أن أتحرر من هذا الأسر حتى إنني أفكر جديا في الطلاق حتى أتخلص من هذه المأساة التي أعيش فيها أمينة.. الجزائر
أختي الغالية، أشعر بما تعانين منه ومدى المرارة والألم والإحباط والضغط الذي تعيشينه، حتى إنني أشعر إنك تكادين تصلين لمرحلة الاحتراق النفسي، ولكني أريدك أن تهدئي حتى نستطيع الوصول لحل يفكك هذا التأزم الذي تعيشينه.. والآن خذي نفسًا عميقًا عدة مرات واقرئي كلماتي بروية.
في رأيي أن لديك مشكلتين وليست مشكلة واحدة.. المشكلة الأولى هي مشكلة مع نفسك وذاتك، وهي الأهم والأخطر والتي لو استطعت حلها ستتضاءل جدًّا المشكلة الثانية.
المشكلة الثانية هي مشكلتك مع زوجك وإهماله لك بعد زواجه.
ونحن سنسير في المسارين معا إن شاء الله تعالى.
المسار الأول هو نظرتك لنفسك وحياتك، وهي نظرة سلبية للغاية حتى إنك قلت إنك تعيشين في مأساة.. لماذا؟
لأن الله لم يرزقك أولاد
لأن زوجك تزوج عليك
لأن زوجك أهملك
هذه أمور صعبة ولا شك ولا أقلل من ذلك.. لكن متى كانت الحياة سهلة ألم يقل الله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ (البلد: 4).
أم المؤمنين عائشة لم تنجب طفلا (تخيلي إن كانت هي من أنجبت إبراهيم ورعته عامين ثم ذبل أمام عينيها حتى توفي.. ألم يكن الأمر أكثر صعوبة).
أم المؤمنين عائشة تزوج عليها النبي صلى الله عليه وسلم مرارًا وكانت تغار بشدة لدرجة أن تضع قدميها في وسط الأعشاب البرية متمنية أن تلدغها عقرب ونحوه حتى تتخلص من ألم الغيرة.
ففي حياتها جوانب تشبهك إلى حد ما؛ فهل قالت عن حياتها إنها مأساة؟!
كانت حياتها حافلة مليئة بالحيوية والزخم.. نشر علم.. مشاركة سياسية.. فتوى.. حياة اجتماعية.
تخيلي لو كنت زوجة سعيدة جدًّا يعشقها زوجها ولديك أولاد وبنات وأصابك المرض وأقمت في المستشفى وابتلاك الله ـ والحياة لا تخلو من الابتلاءـ بالألم الشديد هل كان ذلك ابتلاء أفضل؟
تقولين ولكن الكثيرات لديهن الزوج والأبناء ويتمتعن بالصحة والعافية ويعشن حياة سعيدة.. أقول لك صدقيني هناك دائما أمور لا تعرفينها في حياة الآخرين، وأن أصدق قاعدة في هذا الصدد أن مجموع كل إنسان في هذه الحياة يساوى مجموع كل إنسان.
أعرف أنك تعرفين الكثير مما ذكرت، وأنك لم تبحثي عندي عن الوعظ الديني، ولكن كان يجب أن أذكرك بهذا لأن الذكرى تنفع المؤمنين ولأن الشيطان يعدنا الفقر.. الفقر في كل شيء.. الفقر النفسي والفقر العاطفي والفقر الروحاني، وبيدك أنت وحدك أن تستجيبي لخواطره ووساوسه السلبية فتتحول الحياة إلى فقر حقيقي وعلى كافة المستويات.. أو تستعيذي بالله.
يا أختي الغالية، ما ذكرته لك سابقًا هو ما يطلق عليه قوة الأفكار؛ فبحسب طريقة تفكيرك تتغير مشاعرك ومن ثم يتغير سلوكك وتتغير حياتك كلها تبعًا لذلك؛ فعلينا دائما مراقبة أفكارنا بدقة لنقوم بعمل تعديلات معرفية عليها
والآن سأحدد لك في نقاط بعض التدريبات التي عليك أن تقومي بها حتى تتخلصي من هذه الأفكار العالقة:
- التزمي قبل الشروق وقبل الغروب بقول سبحان الله وبحمده 100 مرة.. اجلسي في مكان هادئ جميل تحبينه في بيتك وليت ذلك يكون بجوار نافذة تشرف على السماء واستشعري كل النعم التي أنعمها الله عليك وتذوقيها.. إسلامك.. حفظك للقرآن.. كونك معلمة للقرآن.. صحتك.. حتى البيت الذي تعيشين فيه اسبحي في بحر النعم وتنفسي الهواء بعمق واجعلي أشعة الشمس تدخل لجسدك (تعرضي لها إن استطعت في مكان آمن).
الفائدة من هذا التدريب مضاعفة.. طبعا ذكر مأثور تؤجرين عليه.. عبادة تفكر.. ستصلين معه لمقام الرضا ﴿فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ (طه: 130). صدقيني ستشعرين بعدها أن حياتك حلوة وفيها الكثير مما يستحق الحياة لأجله.. أيضا التنفس العميق والهواء النقي وأشعة الشمس ستجعل جسمك يفرز مجموعة من الهرمونات تسمى هرمونات السعادة.. هذا تدريب أفضل من اليوجا ألف مرة.
* قبل أن تنامي وبعد أذكار النوم تحدثي لنفسي وقولي لنفسك أنا قوية لأني مؤمنة والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. أنا قوية لأن ربي الله ولن يضيعني.. معية الله لي تعوضني الولد والزوج وكل زينة الحياة الدنيا.. اتجهي لله بكليتك وادعي أن يربط على قلبك كما ربط على قلب أم موسى لما كان فارغا بعد افتقادها لموسى.. ادعيه سيستجيب.
هناك تدريبات أخرى سأخبرك بها لاحقًا عندما تتابعينا بمدى ما حققته من نتائج.
الهدف من هذه التدريبات أنني أريدك أن تكوني قوية لا تحتاجين من هذه الحياة أحدًا سوى رب العالمين.. رددي على نفسك أنا قوية أنا سعيدة وفي زحام من النعم.. في هذه الحياة ما يستحق أن أفكر فيه غير الزوج والولد.. سأنجح بمشيئة الله فالإنسان يتحول لما يفكر فيه ويردده.. يتغير واقعه الحقيقي عندما تتغير صورته الذهنية عن نفسه.
هذا مسار مهم جدًّا عليك أن تهتمي به أختي أمينة أريدك أن تقومي بهذه التدريبات وتخبريني هل مشاعرك تتغير أم لا؟
بالنسبة للمسار الثاني "أنت وزوجك" دعينا نحلل العلاقة:
فمما ذكرته عن زوجك فيبدو لي أن ظروف نشأته أثرت فيه كثيرًا في تقديري (بناء على ما ذكرته وأتمنى أن تكوني دقيقة فيه) أنه إنسان لا يتمتع بقدر كبير من الذكاء العاطفي.. شخصية صدامية شديدة العملية ويهتم بمصلحته جدًّا وعلى الرغم من ذلك هو على قدر من التدين يصلي ويحفظ القرآن ويتابع حفظه، هو إنسان لا يمكن وصفه بالسيئ وإنما فيه وفيه كمعظم الناس.
في تقديري أيضا إن معاملته الحسنة لك في أول 3 سنوات كانت ناتجة من احتياجه لك بعد وفاة زوجته.. قلة الشغف بعد ذلك أمر طبيعي ومعتاد خاصة مع تأثير العمر عليه وعلى العلاقة الزوجية بينكما، وكان ذلك سبب آخر في انحسار مشاعره تجاهك فذهب يتلمس جديدًا في زواج ثان ومن ناحية ثانية يبعد عن الصدامات مع أهله في بلدكم، ويبدو أنه ارتاح بالفعل لأنه يقضي وقتًا طويلاً هناك، وإن كنت أعتقد أن هناك مشكلات بينه وبين الزوجة الثانية أيضا نظرًا لطبيعته الشخصية ولأن رغباته تزيد عن قدراته كثيرًا.
ما ينبغي أن يشغلنا ليس زوجك ولا زواجه فهذا أمر لا يمكن تغييره ولا يفيد تحليله كثيرا، وإنما المشكلة تتلخص في اعتمادك العاطفي عليه في الوقت الذي لا يشبع احتياجك هذا، ومن ثم أنت من تعانين ولا بد من كسر هذه الدائرة!
لا يمكن كسر هذه الدائرة إلا بنجاحك في المسار الأول أن تكوني سعيدة وقوية دون أن تعتمدي عليه في ذلك ومن ثم تتعاملين معه من منطلقات جديدة.
أريدك عندما يأتي لزيارتك هذه المرة أن تبهريه بأمرين:
ابتسامتك وقوتك وثقتك في نفسك وهدوئك.. لا تبالغي أبدًا في إظهار الاشتياق له.. كوني دافئة في استقباله لكن دون أن تشعريه أنه محور الكون.
الأمر الثاني الذي أريدك أن تبهريه به هو مظهر جميل جدًّا (فوق المعتاد)، وأنصحك بزيارة الطبيبة النسائية وعلاج أي مشكلات عالقة.. بالطبع زيارة صالون التجميل للبحث عن إطلالة جديدة بقدر ما تسمح به ظروفك المادية فهو بمقدار ما سيشعر باحتياجه لك بمقدار ما سيعطيك، إنها فلسفة المنفعة، ولا ضرر من استخدامها لصالحك.
لا أريده أن يجد منك عتابًا أو نكدًا، استقبليه بترحاب دون لوم.. احكي له عن أشيائك الجميلة التي قمت بها.. عن مدح طالباتك لك.. عن مشاريعك المستقبلية.. أريده أن يراك سعيدة قوية وسينجذب لك.. نوعية زوجك لا يتعاطف مع المرأة المسكينة الضعيفة
في هذا الجو الحيوي المبهج ونمط الحياة المختلف ثقي أن ذلك سيدفعه دفعًا للتعلق بك.
وحتى تأتي زيارته القادمة حاولي تكوين شبكات علاقات اجتماعية حولك، تواصلي مع أسرتك ولو بالهاتف وتناولي معهم أحاديث دافئة ودية.
ـ وثقي علاقتك بالأخوات في المسجد وطالباتك المتميزات، لو هناك ندوات أو أنشطة في المسجد احضريها ـ ابدئي في قراءة التفسير أو الاستماع للتفسيرـ سيغير ذلك من رؤيتك للحياة.
أخيرا.. أريدك أن تتجاهلي فكرة وجود امرأة أخرى في حياته فكأنما هو يسافر لعمل.. كلما حاول الشيطان أن يؤلم قلبك استعيذي بالله عز وجل وقومي اغتسلي أو اخرجي قليلا أو قومي بإجراء مكالمة هاتفية أو تصفحي الشبكة العنكبوتية.. المهم لا تستسلمي للتفكير في هذا الموضوع ولو ظل موضوع زواجه ملحا على ذهنك قولي لنفسك بصوت عال هو شرع الله عز وجل وأنا أقبله في وقت لا يقبله أحد ولا أبغي إلا الأجر من رب العالمين والثواب والأجر على قدر المشقة، قولي لنفسك سأستثمر وقت غيابه كي أصبح شخصية أفضل كي أحصل على العلم.. كي أعبد الله أكثر.
ـ تواصلي مع نفسك كثيرًا وذكريها بالغاية من خلق الإنسان وأن زواج زوجك ما هو إلا عقبة يريد الشيطان بها أن يوقف ازدهار حياتك حتى تظلي أسيرة الحزن.
أسعد الله أيامك.. وفي انتظار أخبارك الحلوة.