23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 22/01/2025

السلام عليكم.. جاءت أم صديقة لي تشتكي لي من أن زوج ابنتها الذي يعاملهم بمنتهى الغرور والتعالي، على الرغم من تقارب المستوى الفكري والمالي، والصديقة تغض الطرف عن هذه المعاملة بحجة أن هذا طبعه، مما له أثر نفسي سيئ جدا على الأهل عامة والأم خاصة اللي كانت بتحكي لي المواقف وهي متأثرة وبتبكي. فزيارات ابنتها قليلة جدا لبيت أهلها، ولو ذهبت يبقى بعد محايلة منهم له. ولما يروح يأخذها يظل في الشارع حتى تنزل هي، ولو هما راحوا يزوروها، أول ما يفتح الباب ويلاقيهم، مفيش واجب استقبال ويترك الشقة وينزل. ناهيك عن الاتصالات القليلة جدا لأهلها، والمعاملة دي عكسها تماما لأهل زوجها. والأم بين نارين، نار إن الأيام بتعدي وبتكون عاوزة تسمع صوت بنتها أو تشوفها ونار إنها ترى المعاملة السيئة جدا من الزوج اللي بتستغرب جدا لمعاملته هذه، واستغرابها الأكثر من موقف ابنتها التي تبرر كل تصرفاته وتدافع عنها بكلمة «هذا طبعه»! وهو ما بيردش عليهم أساسا، قلة ذوق كده عيني عينك، يعنى ممكن يسيبهم بيتكلموا وينزل وما يردش، وده من أيام الخطوبة!! وكانوا بيقولوا يمكن الزواج يغيره، وفاتت سنة. والغريب إن علاقته مع أهله وأصحابه كويسة جدا جدا، وعلاقته بزوجته كويسة جدا، والزوجة لا تود أهلها خالص، وزيارات قليلة جدا، وعلى استعجال. وكان والده توفى قبل زواجه بأسبوع والزواج تأجل، وهو كان مرتبط بأبوه جدا، وكان بيتزوج علشان خاطره. فماذا تفعل هذه الأم إزاء هذه المواقف من ابنتها وزوج ابنتها؟!!

الإجابة 22/01/2025

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد...

فأشكر لك سيدتي هذه الثقة بنا، وأسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا أهلاً لها وعلى قدرها.

وأكاد أستنتج من ثنايا حديثك وبين سطورك أن هناك موقفًا ما أو مشكلة ما أو خطأ ما وقع فيه أهل هذه الزوجة مع زوجها، وربما استحت والدتها أن تحكيه لك، أو أنها –كالعادة– تحكي من الموضوع ما يبرئها ولا يظهر خطأها لجلب التعاطف؛ لذا فإنه يجب –إن استطعت وكانت علاقتك بالأسرة تسمح بهذا– أن تستمعي للطرف الآخر، أي هذه الزوجة، التي يبدو جليًّا أنها تناصر زوجها في موقفه، وتوافقه عليه، بدليل حسن علاقتهما، وتعاملها هي أيضًا الجاف مع أهلها.

هناك سر في الأمر بالتأكيد، فقد ذكرتِ أن الرجل علاقته ممتازة بزوجته، وبينهما تفاهم وود، وأنه يتعامل مع الجميع بشكل منفتح وطبيعي، إلا عائلة زوجته، وتشاركه زوجته في هذه المعاملة، وهذا يعني أن بينهما اتفاقًا على هذا، وقد يكون هذا بناء على موقف معين حدث –كما قلت– لم تخبرك به أم الزوجة، وقد ينجلي الأمر لو تحدثت مع ابنتها.

على أية حال، لا يهمنا كثيرًا الموقف الذي حدث، فهو قد حدث وانتهى، لكن ما يهمنا هو كيف نعالج الواقع الحالي، ونحاول تحسين هذه العلاقة، وفي هذا الصدد أقترح عليك الآتي:

بداية، الصراحة والشفافية أقصر الطرق وأفضلها لضبط العلاقات الإنسانية، فانصحي هذه السيدة (أم الزوجة) –إن كانت لا تدري– أن تحاول معرفة الأسباب الحقيقية لهذا الجفاء من ابنتها، فإن تجاوبت معها فبها ونعمة، وإن لم تتجاوب لسبب ما –ربما يكون خوفًا من زوجها– أن تتحدث مباشرة إلى الزوج بشيء من الود والحديث الناعم لمعرفة هذه الأسباب، ومن ثم تفهَم أصل المشكلة، ثم يبدأ تلافي هذه الأسباب، فقد لا يعدو الأمر مجرد سوء تفاهم، أو حديث مكذوب (أو صحيح) وصله من أحد النمامين، فإما يتم نفيه إن كان مكذوبًا، أو الاعتراف به والاعتذار عنه وتكفيره إن كان صحيحًا.

أما إن كانت تدري، فالأمر أيسر، فتذهب مباشرة إلى الخطوة الأخيرة وهي الحديث مع الزوج مباشرة.

وعليها أن تصبر على ما يمكن أن تجده من صدود في بداية الحوار، وتحتسب هذا عند الله عز وجل، وتستحضر نية (البادئ بالسلام والصلح)، لتنال ثواب وأجر هذا.

مع اعتبار احتمالية أن يكون السبب فرد ما من العائلة (أو أكثر) قد ارتكب أو يرتكب سلوكًا معينًا لا يقبله ولا يجبه الزوج، فيحاول تجنب التعامل معه والاحتكاك به.

وسنصل في النهاية إلى إحدى نتائج ثلاث:

إما أن يتجاوب الرجل ويتحدث بشفافية ويخبر عما يجعله يسلك هذا السلوك، ويفتح هذا بابًا للتفاهم وينتهي الخلاف ويتم تطبيع العلاقة.

وإما أن يتجاوب أيضًا ويتحدث بشفافية، ولكن ندخل في دفاعات وتبريرات وجدالات لا نخرج منها بحل، وتظل الأمور على ما هي عليه أو تسوء.

وإما ألا يحدث تجاوب منه، ويظل يرفع شعار (الطبع) وأنه ليس هناك شيء محدد يدفعه لهذا التعامل.

فإن كانت الثانية أو الثالثة، فيجب ألا نطيل الجدال حتى لا تسوء الأمور أكثر مما هي عليه، ونحافظ على الشعرة الموجودة، والشكل الرسمي القائم، ودوام العلاقة الطيبة بين الزوجين، حتى يأذن الله بغير ذلك، مع توجيه النصح للزوجة بحسن الصلة بعائلتها وبر أبويها مهما كان الأمر، بما لا يغضب زوجها أو يجور على حقه، فلهما حق لا ينكر مهما كانا، (وصاحبهما في الدنيا معروفًا)، ونصح أمها بألا تحاول الضغط على ابنتها حفاظًا على بيتها، وعدم تحريضها على زوجها، واستثمار المناسبات الاجتماعية السعيدة والحزينة للتقرب له وتأليف قلبه.

وأولًا وأخيرًا، التوجه بالدعاء لله -عز وجل- أن يفتح بينهم وبينه، وأن يشرح صدره، ويؤلف بين قلوبهم وقلبه، إنه على ما يشاء قدير.