22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 17/02/2025

طليقة اخوي انخطبت بعد العدة عطول واللي سمعناه انها وافقت.. امي ارتفع عندها الضغط.. واخوي معصب.. الله يسامحها البيت كله متكهرب احنا ما اهتمينا لها بكيفها... لكن عالاقل تحترم اخوي تقعد اربع سنوات بعدين تتزوج مو على طول بعد العدة .. كيف اهدي امي واخوي كثير معصبين ومصدومين ومضايقين....

الإجابة 17/02/2025

أهلا ومرحبا بك أخي الكريم على البوابة الالكترونية للاستشارات.. يبدو لي من كلماتك أن هناك حالة من الاحتقان الشديد الممتزج بالغضب عندكم في البيت حتى أنك وصفت الأمر بوصف بالغ القسوة "مكهرب" بما يوحي من صدمة الصعق، فلماذا يا أخي الفاضل؟ ما الذي أوصل الأجواء لديكم في البيت لهذا الحد من الصدمة حتى يرتفع الضغط عند الوالدة (حفظها الله)؟ ولماذا يثور أخوك إلى هذا الحد؟ ألم يطلقها بإرادته الحرة ثم تركها طيلة فترة العدة دون أن يراجعها أو يهتم بها فلِم الثورة الآن؟

 

قبل أن تجيب هذا السؤال بما كتبته في الاستشارة أريدك أن تستغفر الله عدة مرات وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم حتى تهدأ قليلا.

 

ليست مذنبة

 

والآن سأسألك السؤال بصيغة أخرى: ما الخطأ أو الذنب أو الجريمة التي ارتكبتها طليقة أخيك حتى أنك تدعو الله أن يسامحها عليها؟

 

يا أخي الكريم، أريدك أن تكون متسقًا مع نفسك كيف أنكم ما اهتممتم بها وكيف أنك تقول هي حرة "بكيفها"، في الوقت الذي يثور فيه أخوك ويصدم ويرتفع ضغط الوالدة وتتعصب إلى الحد الذي أرسلت استشارة كي نفكر في طريقة لتهدئة الوضع.. دعنا إذن نتحدث بصراحة، وأرجو أن يتسع صدرك لهذه الصراحة فالخط المستقيم هو أقصر طريق بين أي نقطتين.

 

طليقة أخيك لم ترتكب ذنبًا أو إثمًا، وإنما هي تطلقت وقضت عدتها ثم جاءها خاطب، وسواء وافقت أو رفضت فهي حياتها الشخصية التي لم تعد تخص أخاك في شيء.

 

والآن دعنا لنرى كلام الله في هذه القضية فليس بعد كلام الله كلام.. الله سبحانه وتعالى يقول: )يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ) [الطلاق: 1]، يقول ابن كثير في تفسيره عن هذه الآية: وقوله (وأحصوا العدة) أي: احفظوها واعرفوا ابتداءها وانتهاءها; لئلا تطول العدة على المرأة فتمتنع من الأزواج. (واتقوا الله ربكم) أي: في ذلك.. أي أنه ينبغي إحصاء العدة بدقة حتى لا نحرم المرأة حقها في الزواج (لا أن تنتظر أربع سنوات كما ذكرت في سؤالك، وأظنك لم تكن جادًّا في ذكر هذه المدة) وهذا ما فهمه كثير من الصحابيات فتزوجن بمجرد انتهاء العدة بلا لوم أو نظرة انتقاص.

 

إذن طليقة أخيك ليست مذنبة ولا مبتدعة ولا لوم عليها على الإطلاق أن تقبل أو ترفض من يتقدم لخطبتها، وهذه القضية لا بد أن تكون واضحة في ذهنك بلا غبش حتى تستطيع مناقشة أخيك ووالدتك.

 

تحليل المشكلة

 

يا أخي الفاضل، أخوك غاضب لأمر من اثنين، فإما أنه كان يرغب في الزواج منها مرة أخرى، ولم يكن يتصور أن تخطب بهذه السرعة، لعله أراد أن يهدأ بعض الشيء ثم يعود ليتقدم لها، أو لعله أراد أن يعاقبها أو يخيفها ثم يعود ويسامحها ويتقدم مرة أخرى ففوجئ بسيناريو لم يكن في الحسبان.

 

الأمر الآخر أنه لم يكن يرغب فيها ولا يرغب في الزواج منها مرة أخرى، وكان يتصور أنها ستجلس في بيت أسرتها حزينة وربما يتزوج هو فتزداد هي تعاسة، ففوجئ أنها تخطب بمجرد انقضاء العدة وكأنها هي من وجهت له صفعة أو إهانة كأنه لم يكن يمثل لها شيئًا حتى تشعر ببعض الحزن والرغبة في الانتظار عله يتقدم لها مرة أخرى (هكذا يتصور) فشعر بجرح في كبريائه كرجل.

 

وأنت عليك أن تضعه أمام مرآة نفسه وتسأله سؤالا محددًا: يا أخي لِم أنت غاضب؟ ولا تتصور أنه سيجيبك بالحقيقة أيًّا كانت، لذلك فلا تنتظر إجابته، ولكن قل له اسأل نفسك وأجب عليها.. ولكن مع مراعاة أن تكون هادئًا حنونًا وأنت تسأله هذا السؤال، ولو أنه لا يزال يريدها فلربما يكون لديه فرصة فهناك احتمال أن تكون قد رفضت الخاطب فعليكم التأكد أولا.

 

بالنسبة للوالدة (شفاها الله) فهي غاضبة بالتبعية لغضب أخيك سواء كان ما زال يرغب فيها، وتعلم أنه يقول إنها لم تعد تعني له شيئًا على سبيل الجدل أو لأنها شعرت أن كبرياء أخيك قد أهين وربما هي الغيرة التي تحدث كثيرًا بين الحماة والكنة والمشاعر الإنسانية المعقدة التي جعلت من سعادة طليقة ابنها حزنًا وغضبًا في قلبها هي.. ولا حل لهذه المشاعر إلا بتقوى الله والدعاء أن يذهب غيظ القلوب وألا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا.

 

دورك في الحل

 

دورك يا أخي الكريم حتى يهدأ البيت أن تذكرهم بكلام الله عز وجل وأحكامه (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) [الأحزاب: 36] وتطالبهم بالذكر والاستغفار حتى تهدأ نفوسهم، وهذا حل إيماني عظيم، ويمكن بعد ذلك أن تحاورهم حوارًا عقلانيًّا معرفيًّا فهو يفيد إذا جاء بعد الحل الإيماني.

 

وكحل عملي بإمكانك إذا شعرت أن أخاك لا يزال يريدها أن توسط طرفًا كي يعرف ردها على الخطبة، فإن وافقت فهو قدر الله الذي عليه تقبله، وإن كانت شائعة أو أنها لا تزال تفكر فهي فرصة أخيك في التقدم مرة أخرى، فعليه بتنحية كبريائه قليلا ويخطو بجدية، إما إن كان لا يريدها حقا فعليه ألا يتتبع أخبارها ويمضي في حياته قُدمًا، وثق أن الزمن جزء من العلاج.. أصلح الله أحوال أسرتك ورزقكم الاحتكام لشرع الله وشفى الوالدة وأراح قلب أخيك، وتابعنا بما حدث.