الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
87 - رقم الاستشارة : 894
05/02/2025
أنا عايزة أسأل سؤال ويا ريت حد يجاوبني أنا زوجي متزوج واحدة قبلي وعنده منها بنتين المهم خدت بناتها ومشيت وبعدين اتجوزني أنا دلوقتي سؤالي ليه لسه على ذمته يا ترى ليه ميطلقهاش السؤال ده مش لاقيه ليه إجابة أبدا وعايزة يطلقها بادعي ليل نهار يطلقها كده أنا بعمل حرام أو هو اللي معلق أم البنات المسكينة يعني هي معلقة بس على ذمته مش زوجته علشان ضميري يوجعني عليها أختي بتقولي دعائك حرام و أنا بقول لا مش حرام كده كده هما مخلصين مع بعض
أختي الكريمة أهلا وسهلا ومرحبا بك على بوابة استشارات المجتمع...
عزيزتي، وأنا أريد أن أسألك سؤالا ما جدوى هذا السؤال؟ ما دلالته؟ لمذا تمعنين في التفكير في هذا السؤال؟ أريدك أن تسألي نفسك هذا السؤال بصدق تقولين إن ضميرك يؤلمك عليها فهل هذا حقيقي؟ هل أنت مثالية لهذا الحد الذي يجعل قلبك يتألم من أجل زوجة زوجك التي تصفينها بالمسكينة؟
غاليتي، لا أريد أن أتهمك، ولكن أريد أن تعيدي السؤال تارة أخرى وتبحثي عميقًا داخل ثنايا قلبك وروحك عن الجواب الحقيقي.
تشفقين عليها حتى إنك تدعين ليل نهار أن يطلقها هل هذا حقيقي؟ أم أنه القشرة الخارجية التي تزين مشاعرك الحقيقية تجاهها وتجاه علاقته بها؟
أسألك سؤالا آخر وأريد منك أن تتريثي في الإجابة عليه: هل تغارين منها؟ تقولين إنها معلقة وأن زوجك ليس على علاقة بها، لكني مصرة على السؤال: هل تغارين منها؟ سوف تجيبنني بالنفي، وأقول لك هل أنت متأكدة؟
اسمحي لي غاليتي بسؤال آخر: هل أنت خائفة؟ ستقولين لي: ممَ أخاف؟ أقول لك من احتمال أن يعود إليها ويستأنف علاقته بها خاصة أن لديها بنتين.
أو تخافين لأن معنى عدم طلاقه لها حتى هذه اللحظة أن جزءًا من نفسه لا يزال يريدها أو حتى يغار عليها ويغار أن يتركها فتتزوج بآخر، أو خائفة أن مع طول الوقت يتدخل بعض الوسطاء للصلح، أو خائفة أنها مع الوقت تحسبها بشكل عملي وترى أن مصلحتها ومصلحة بناتها مع الصلح.
كثيرة هي المخاوف التي قد تعبث بعقلك وقلبك بشكل واع أو شكل لا واع.. وأريد أن أحدثك غاليتي عن حيل العقل اللاواعي حتى تفهميها وتستطيعي تسليط الضوء عليها لتتحرري منها.
أنت بصورة واعية تعلمين أن طلبك من زوجك أن يطلق زوجته الأولى حرام شرعًا (لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح فإنما لها ما قدر لها)، وبالتالي فأنت لا تطلبين منه مباشرة أن يطلقها، وبصورة واعية ترفضين أن تكوني المرأة التي تسعى في طلاق الزوجة الأخرى خاصة وهي الزوجة الأولى، ولكنك ترغبين وبشدة في أن تطلق وتبتعد عن مجالك ومجال زوجك.
هنا يتدخل العقل اللا واعي ليريح نفسيتك ويهدئ مخاوفك.. كيف؟ يجعلك أولا تنكرين شعورك، فعندما أسألك هل تغارين؟ تقولين لا وعندما أسألك هل تخافين؟ تقولين لي لا.. هذه حيلة نفسية دفاعية شهيرة يقوم بها العقل اللاواعي تسمّى "الإنكار".
ولكن الأمر لا يتوقف مع العقل اللاواعي على هذه الحيلة فأنت تريدين طلاقها بالفعل، ولكن عقلك الواعي يحذرك من أن تطلبي من زوجك طلاقها، ولأنك إنسانة متدينة كما هو واضح من سؤالك يقدم لك عقلك اللاواعي حيلة نفسية أخرى تساعدك على فعل ما يخفف عنك شعور الاحتقان الذي تعانين منه ويجعلك تفعلين فعلاً ملموسًا حتى يتم طلاقها فتتجهين بالدعاء لله عز وجل أن يقوم زوجك بتطليقها، ولأنك تعرفين أن هذا من الاعتداء في الدعاء غير أنه لا يستجاب لك لأنه (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم).
هنا يبرز دور عقلك اللا واعي وهو يستخدم حيلة نفسية لا شعورية جديدة هي "الإعلاء والتسامي"؛ فعقلك اللاواعي يصور لك الغيرة والخوف شفقة على الزوجة المسكينة المعلقة وهو دافع راق لا يصدم شعورك الديني ويجعلك تقومين بالدعاء عليها وأنت تتوهمين أنك تدعين لها لأنك موجوعة عليها...
أما أختك -وأراها هي الأخرى ذات حس إيماني مرهف- فهي تقول لك ما تمليه عليها فطرتها فهي ليست واقعة تحت تأثير الحيل الدفاعية النفسية مثلك، وسوف يرد عليك المستشار الشرعي لبوابة استشارات المجتمع ليوضح لك حكم الدعاء الذي تدعينه، ولكني أريد أن أقدم لك ثلاث نصائح تساعدك على التصالح مع الوضع الذي تعيشينه فأرجو أن يتسع صدرك لها:
1ـ توقفي عن طرح هذا السؤال فهو لا يخصك ولن يفيدك، وثقي أنها لو هي أرادت الطلاق فسوف تستميت في طلبه.. هذا السؤال شائك وسيؤلم روحك وسيجعل زواجه الأول حائلاً دون سعادتك فتوقفي عن طرحه لمصلحتك ولحماية صحتك النفسية...
في البداية سيظل يلح عليك، لكن إن أصررت على رفضه وتجاهله فسيبدأ هذا الإلحاح يقل بصورة تدريجية.. كلما ألح عليك السؤال استعيذي بالله (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ).
2ـ وجهي كل طاقتك في الدعاء لك ولزوجك بصلاح الحال وأن يؤلف الله بين قلوبكما وأن يبعد عنكما الفتن وأن يصلح لكما الأحوال.. ادعي الله عز وجل ألا يجعل في قلبك غلا للذين آمنوا، ادعي الله أن يذهب عنك الغيرة وأن يرزقك سلامة الصدر وأن يريح قلبك.. أكثري من الدعاء في السجود وبعد التشهد الأخير.. أكثري من الدعاء وقت السحر وفي آخر ساعة من ساعات الجمعة، أكثري من الدعاء كلما شعرت بغصة في قلبك.
3ـ ابذلي جهدك في حسن التبعل لزوجك.. ابذلي جهدك لإسعاده وإرضائه وتعاملي معه كأنه لا زوجة له غيرك، وهذه حقيقة، ولكن من الممكن أن تتغير فلا تغضبي وقتها ولا تحزني ولا تتغيري معه، وهذه النصيحة اعتبريها خطوة استباقية حتى إذا ما حدثت لا تقعين تحت تأثير الصدمة، ويمكنك وقتها الاطلاع على استشارة تزوج وتركني للاحتراق.. أتقني مهارة المسافات الآمنة.
وإذا قدر الله وحصل الطلاق بينه وبينها فيكون بعيدًا عنك ولا دخل لك فيه من قريب أو بعيد، وإياك والشماتة وقتها حتى في قلبك فهناك ابنتان بينهما.. أسعد الله قلبك وأبعد عنك القلق والوساوس، وتابعيني بأخبارك.
ويضيف الدكتور رجب أبو مليح المستشار الشرعي للموقع:
أما دعاؤك عليها بالطلاق فهذا حرام شرعًا ولا شك في هذا، وقد تقدم حديث المعصوم في هذه المسألة بما لا يدع مجالاً للشك. وأما واجبك نحوهما فهي أن تحثي زوجك على العدل بينكما؛ لأن من ظلم زوجته الأولى من الوراد أن يظلمك أيضًا أو يظلم أبناءه منك في المستقبل؛ لقول الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 71].
فعليك أن تبذلي الوسع قي النصح إن كان زوجك هو الذي يظلمها، وإن عجزت عن ذلك فيسعك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فليقل خيرا أو ليصمت".
أما إن كنت - لا قدر الله - سعيدة بهذا الظلم أو سببًا فيه وساعية إليه - ولا نظنك كذلك - فهذه مسألة أخرى تشكك في كمال الإيمان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".