الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
228 - رقم الاستشارة : 838
30/01/2025
السلام عليكم ورحمة الله أرجو أن تساعدوني على اتخاذ قرار.. أنا رجل مصري أعمل في الكويت منذ أكثر من خمسة عشر عاما في وظيفة مستقرة وأنا بفضل الله مرتاح في عملي وأحصل على راتب جيد.. تزوجت بعد عملي في الكويت بعام واحد من قريبة لي ولكن ظروف عملي لا تسمح لي باستقدامها فكنت أقضي معها عطلة لمدة شهر كل عام وأنجبنا في هذه السنوات أربعة من الأبناء وكنت أعوضها عن غيابي بإرسال الكثير من الأموال التي جعلتها وأولادي يعيشون في مستوى اقتصادي أكثر من ممتاز وعندما انزل في العطلة أشتري لهم الهدايا الثمينة بل أشتري الهدايا للأقارب والجيران والأصدقاء واترك لها حرية توزيعها كما تريد.. أنا وحتى هذه اللحظة أسكن زوجتي وأولادي في شقة بالإيجار فما معي من مدخرات على مدار خمسة عشر عاما لا يرقى أن أشتري شقة تمليك فزوجتي مبذرة جدا ومهما أرسل لها من مال تنفقه ودائما تطلب المزيد متعللة بارتفاع الأسعار واحتياجات الأبناء وأنا يعلم الله أعيش حياة متقشفة جدا حتى أستطيع تدبير الأموال المطلوبة مني وادخار هامش بسيط لتحقيق حلمي في الاستقرار في شقة تمليك لائقة.. المهم حتى لا أطيل عليكم حدثت لي صدمة عمري منذ بضعة أيام عندما جاءتني رسالة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي التي أستخدمها من حساب مزيف من سيدة تدعي أن زوجها يقيم علاقة شائنة مع زوجتي وذكرت لي تفاصيل دقيقة عن حياتنا وكيف يتقابلا في بيتي وأين يكون الأولاد في هذا التوقيت كما أنها تدعي أن زوجتي زارته أيضا في بيته المتطرف على أطراف المدينة وهناك من شاهدها وأخبرها وأن ذلك حدث بعد أن شعرت زوجتي أن الجيران يشعرون بشيء مريب يحدث في شقتها كما تدعي أن زوجتي تقدم له الهدايا من المال الذي أرسله كنفقة لأولادي واختتمت رسالتها أنها لا تستطيع مواجهة زوجها الذي يصغر زوجتي بسبع سنوات حتى لا تخرب بيتها وهو رجل وتسامحه وتطالبني أنا بأن أبعد زوجتي عن زوجها بأي طريقة وتقولي لي في ختام رسالتها أنها تشعر بالشفقة علي ولا تريد أن أظل الزوج المغفل في هذه القصة.. الآن ومنذ جاءتني هذه الرسالة وأنا أشعر بغليان الدماء في رأسي ولا أكاد أتناول أي طعام فجوفي يحترق ولست أدري ما هو التصرف الصحيح لذلك أرسلت لكم هذه الاستشارة فهل أطلق هذه الزوجة؟ أم أعود وأتحرى الأمر من الجيران؟ أم أطلب من أخي أن يراقبها؟ أفكر في تقديم استقالتي والعودة لكن لا عمل لي في مصر وقد اعتاد أبنائي الحياة المرفهة.. إنني أكاد أجن فبعض أولادي يشبهونني فهل أجري للآخرين تحليل إثبات نسب ولو هذه المرأة كاذبة فكيف عرفت بالكثير من التفاصيل عن حياتي أنا زوجتي ترتدي السابغ من الثياب ولكنها ترقق حديثها وتتعطر وقد حدثت أكثر من مشكلة بيننا بسبب هذا الأمر لكني لم أكن أتصور أن تهدر شرفي على هذا النحو.. كانت كثيرا ما تشكو لي من حرمانها مني فهل تكون حقا قد ضعفت لكنها هي من كانت ترفض أن أعود للوطن وكانت تربط عودتي بشراء الشقة التمليك.. سامحوني على كلامي المضطرب فحالتي النفسية في الحضيض أبو محمد.. الكويت
أهلاً وسهلاً ومرحبا بك أخي الكريم على بوابة استشارات المجتمع، في البداية يجب أن أخبرك أني أقدر مشاعرك المضطربة، فما وصلك لا شك آلمك وبشدة، وأثمّن لك طلب الاستشارة قبل أن تسلك سلوكًا مندفعًا ثم تعود للندم عليه.
أخي الكريم، جاءتك رسالة من حساب مزيف تتهم زوجتك تهمة أخلاقية شنيعة وتطعن في شرفها وشرفك هكذا دون دليل أو بينة إلا بعض معلومات عن زوجتك وعائلتك، فماذا يعني هذا في رأيك؟ كل ما يعنيه أن كاتب الرسالة أو كاتبة الرسالة (الله تعالى أعلى وأعلم) يعرفكما عن قرب واستغل ما يعرفه من معلومات عن زوجتك وأولادك للتشويش على عقلك، قد تتساءل وما الدافع الذي يدفعه لهذا السلوك؟ أقول لك يا أخي إنه الحقد الأسود يفعل ذلك وأكثر.. الغيرة القاتلة قد تجرد الإنسان من إنسانيته.. العبث وعدم الاهتمام بالدين والشرع يجعل التلاعب بالأعراض سائغًا...
قد يكون من أرسل الرسالة امرأة فعلا.. امرأة قريبة رأت ما تعيشه زوجتك من ترف في وقت تعاني هي من شظف العيش فكررت كسرها بل وتحطيم عائلتها كلها، وقد يكون رجلاً حاول الاقتراب من زوجتك فصدته فقرر الانتقام منها وإيذاءها، هذه كلها احتمالات قائمة فلماذا لم تفكر بها؟
ما الدليل يا أخي على هذه الجريمة؟ أين الشهود الأربعة الذين رأوا رأي العين سفك دماء الفضيلة؟ أي كلام خلاف الشهود الأربعة يعد قذفًا لامرأة محصنة (امرأتك التي يجب عليك الدفاع عنها)، لو كانت الحدود مطبقة لنال كل منهم ثمانين جلدة جراء هذا الافتراء {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النور: 23).
هذه مسألة يجب أن تحسم في عقلك.. لا تسمح لأي كلمات عابثة أن تهز ثقتك في زوجتك وتجعلك تخسر عائلتك وهو هدف شيطاني بل هو على رأس أولويات الشيطان (إنَّ إبليسَ يضعُ عرشَه على الماءِ، ثم يبعثُ سراياه، فأدناهم منه منزلةً أعظمَهم فتنةً، يجيءُ أحدُهم فيقولُ: فعلتُ كذا وكذا، فيقولُ ما صنعتَ شيئًا، ويجيءُ أحدُهم فيقولُ: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينَه وبين أهلِه، فيُدْنِيه منه، ويقولُ: نعم أنتَ!) (رواه مسلم).
أخي أبو محمد، هذه الرسالة الشريرة التي جاءتك تحمل في طياتها خيرًا لو تأملتها فهي ستجعلك تراجع حياتك وتكتشف الثغرات التي قد يتسلل منها الشر والأذى، فأنت يا أخي الكريم تعيش مع أسرتك شهرًا واحدًا كل عام غالبا ما تقضونه كعطلة ونزهات، فأين أنت من أسرتك؟
يا أخي الكريم، الزوج والأب ليس ماكينة صراف آلي.. نعم النفقة أولى واجباتك ولكنها ليست الواجب الوحيد.. زوجتك أعربت لك عن احتياجها لك وهذا دليل على صدقها وشفافيتها معك، فماذا فعلت أنت؟ أين أنت من هذه المعادلة ألا تشعر بالاحتياج لزوجتك أنت أيضًا؟ أولادك بعضهم في سن المراهقة وهو أكثر الأعمار احتياجا لدور الأب سواء كانوا أولادًا أو بنات فأين أنت منهم؟
أنت تعيش في شظف من العيش حتى تعيش زوجتك وأولادك في ترف وتعتقد أنك بذلك زوج وأب مثالي تضحي لأجل سعادتهم وهذا تفكير مغلوط.. أنتم أسرة واحدة جسد واحد تتقاسمون معًا رغد العيش وشظفه وآن الأوان أن تتزن المعادلة المختلة؛ لذلك أدعوك بشكل واضح وصريح أن تترك عملك في الكويت طالما لن تستطيع استقدام أسرتك وأن تسوي أوضاعك وتحصل على مكافأتك إن كان لك مكافأة وتحزم أمتعتك وتعود لمصر.
آن الأوان للم شمل عائلتك يا أخي الكريم، وأنا أعلم أنه ستواجهك الكثير من المشاكل عند العودة وكلها يمكن إدارتها بالصبر والحوار يكفي أن تغلق منافذ الشيطان من رأسك، فأنت بتواجدك ومتابعتك لتفاصيل حياة أسرتك وإشباع احتياجاتهم النفسية والعاطفية تحقق معاني السكن والأمان.
أعلم أنك لا تمتلك عملا في مصر ولا تمتلك شقة ولكن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق فتوكل عليه يكفيك ما أهمك، يمكنك أن تبدأ مشروعًا صغيرًا بما معك من مدخرات قليلة في مجال عمل أنت تعرف تفاصيله أو تتشارك مع آخر في مشروع أو تبحث عن عمل في مجال تخصصك حتى لو كان براتب محدود وتعيش مع عائلتك بما كتبه الله لك، ولكن بعد أن تتحدث معهم وتشرح لهم الوضع الجديد حتى لا يثقلوا عليك وبالطبع فيجب أن تتحدث مع زوجتك حديثًا طويلا حتى تقف معك على نفس الأرضية.. لا تذكر شيئًا عن الرسالة الشريرة التي جاءتك فهي جارحة وتهدم الثقة بينكما، ولكن قل لها إنك راجعت نفسك فإذا السنوات تمر وأسرتكم ممزقة وأنك بحاجتها وأولادك بحاجتك وكل هذه المبررات (الحقيقية والواقعية).
أيضا عليكم أن تراجعوا أسلوب نفقتكم فلقد تم إنفاق الكثير من الأموال على أمور تعد من الترف والكماليات، بينما الأساسيات كامتلاك الشقة لم يتحقق، وإن استمر الوضع على هذا النحو فلن يتحقق.
أخي الكريم، نعود لجوهر مشكلتك إياك أن تطلق زوجتك وتخرب أسرتك بسبب كلام مرسل بلا دليل، وإياك أن تقول هذا الكلام لأخيك ليبحث وراءها فهذا أمر لا يجوز ولا يمت للمروءة، ولا تذهب وتسأل جيرانك فتثير البلبلة وتقوم أنت بالتشهير بأسرتك.. هذا الكلام لم يتم تناقله كما وصف صاحب الرسالة الشريرة وإلا لوصلك أو وصل لأخيك فلا تفتح أنت بوابات جهنم على عائلتك.
إياك يا أخي أن تشك في نسب أولادك إليك وتسعى لإجراء تحليل لإثبات النسب؛ فالشيطان يوسع في دائرة وساوسه حتى يحيل حياتك جحيمًا لا يطاق، وعندما تأتيك مثل هذه الوساوس استعذ بالله {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الأعراف: 200).
كن حازمًا في غلق أبواب الشر، لا تسمح لزوجتك بوضع العطور.. لا تتساهل معها إذا شعرت أنها تتكسر في الكلام.. كن حريصًا في معرفة أين تخرج وإلى أين تذهب ومع من تتحدث ولكن بالمعروف ودون مغالاة، أدعوك للغيرة المحمودة وليس للشك المرضي، والفارق شاسع بينهما.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنح قلبك الطمأنينة وينزع عن عقلك الوساوس ويحفظ لك عائلتك، وتابعنا بأخبارك دائمًا.