Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. مسعود صبري
  • القسم : فقهية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 108
  • رقم الاستشارة : 1257
10/03/2025

أنا مسلم ومؤمن بكل الأديان والرسل، لكن المشكلة اللي أنا بشوفها معتقدات وتفسيرات لبعض الشيوخ لا تتناسب مع أخلاق الإنسان وقصدي هنا الإنسان وليس مسلم أو مسيحي.

فالمعروف خالق الشيء يكون دائما أكثر إبداعا وتفكيرا من المخلوق.. فكيف بالله سبحانه وتعالى خالق الإنسان.. وطبيعة الإنسان تميل للخير.. أشاهد بعض المسلمين يستحلون دم المدنيين من الأديان الأخرى ويقولون إنهم كفرة ويجب أن يقتلوا.. في أي شرع أو دين إنسان يقتل إنسان.. أو كيف أرافق أو أتخذ شخصا صديقا لي علشان هو مسلم فقط.. وإذا كان مسيحي لا يجوز.. لماذا؟ ولماذا المسلمين دايما بيفكروا بالدين ليه مش المفروض نقول إنا بكلم فلان لأنه كويس سواء مسلم أو مسيحي.. الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو اللي بيحاسب مش إنسان يحاسب إنسان آخر إذا لم يرتكب جريمة في حق إنسان آخر.

أنا متفق أن لو حصل اعتداء على المسلمين يجب أن ندافع بس ندافع ونقتل المعتدي وليس الأبرياء.. ومع الأسف أني لقيت أشخاصا مسلمين وشيوخا يعتقدون أني مخطئ أو أعتقد في مبادئ خاطئة؛ ولذلك في بعض الأحيان أتساءل لماذا يجب أن ينشر الدين بالإكراه أو أن أي شخص غير مسلم يجب أن ينضم إلينا أو يقتل أو يدفع جزية..

هل هذا حكم إنسان على إنسان آخر لماذا لا نتعامل بأخلاق محبة في الإنسان الآخر؛ وبذلك نكون يوجد محبة وتآلف ليس من المعقول إننا نحاسب بعضنا ولذلك أنا مستاء لما أشاهده، وكل ما أحاول التقرب للدين وأناقش بعض الإخوة الأكثر إدراكا أشاهد عقول تتكلم من منطلق العرف وليس العقل والأخلاق، وآسف إذا كانت رسالتي طويلة وشكرًا جزيلاً.

الإجابة 10/03/2025

أخي..

 

أحب أن أقولك لك أولا: إني أحبك في الله..

 

وأكبر فيك فهمك الجيد للإسلام، والذي ابتعد عنه كثير من الناس..

 

واعلم أن الحق يعرف بذاته ولا يعرف بالرجال، ولكني أتعجب من نقلك عن شيوخ مثل هذا الكلام، وكأنك لا تسمع إلا لهم، ولا أدري: ألا تشاهد الفضائيات وتستمع إلى وجهات نظر أخرى، كتلك التي تؤمن بها؟

 

وعلى كل، فإني أحب أن أقول لك بعض المقررات حتى يطمئن قلبك:

 

1- الإسلام لا يُكره أحدًا على الدخول فيه، والآيات ناطقة بهذا، مثل قوله تعالى: "لا إكراه في الدين"، وقوله: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، وأن جهاد المسلمين غالبه جهاد دفع، كما توافق عليه أنت، وأن جهاد الطلب كان لظروف موجودة في العصور السابقة؛ لأن الناس كانوا يمنعون المسلمين من عرض الدين، وليس الإكراه، ولكن لسنا بحاجة الآن إلى جهاد الطلب، وأن الجهاد ليس قتالا فحسب، فهناك الجهاد الثقافي والفكري، والجهاد الاقتصادي، والجهاد السياسي والدبلوماسي، والجهاد الإعلامي وغير ذلك من أنواع الجهاد.

 

2- أن القرآن الكريم أوضح علاقة المسلم بغيره، كما قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين". وأن الرسول والمسلمين كانوا يتعاملون مع غير المسلمين بيعا وشراء، ويتجاورون في المسكن، بل أباح الإسلام الزواج من أهل الكتاب، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يزور أهل الكتاب ويتعامل معهم، بل كلما دعاه أحد إلى بيته، ذهب إليه، حتى دعته المرأة اليهودية، ووضعت له السم في الطعام. وأن بعض الصحابة تزوجوا من الروم وصاهروهم دون نكير من أحد.

 

3- أن القول بأن العلاقة بيننا وبين غيرها هي إما الإسلام وإما القتل، فكلام غير صحيح، والحديث الذي يستندون إليه من قول النبي صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم"، فإن العلماء يقولون: يجب النظر في سبب ورود الحديث، والحديث خاص بمشركي مكة، أولئك الذين لم يؤمنوا بالله ورسوله، ولم يكتفوا بهذا، بل ظلوا يحاربون الرسول ويطاردونه أعوامًا عديدة، حتى بعد أن ترك لهم الديار كلها، ولم يقل الرسول هذا في اليهود ولا النصارى آنذاك.

 

4- أن رسالة الإسلام هي رسالة الرحمة للناس جميعا، كما قال تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، والعالمين يقصد بها الإنس والجن، كل الناس جميعا، مؤمنهم وكافرهم.

 

5- أن الله تعالى وهو الذي خلق الناس ما أجبرهم على الإيمان به، بل قال: "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن". "ولو شاء الله لهدى الناس جميعا"، فالدنيا يجب أن يكون فيها إيمان وكفر، ولكن على كل إنسان أن يختار لنفسه دون إجبار، إما الإيمان وإما الكفر، والله تعالى هو الذي يحاسب العباد.

 

6- أن الجزية كانت جزءًا من علاقة غير المسلمين بالدولة الإسلامية لارتباطها بظرف سياسي دولي آنذاك، فلم يكن أهل الكتاب يشاركون في الدفاع عن البلد الذي يعيشون فيه، وهذا يعني أنه واجب على المسلمين حمايتهم، ولهذا، فكانوا يدفعون بدلا عن هذه الحماية، لا لأنهم غير مسلمين، بل لأنهم غير مسلمين وغير مشتركين في الدفاع عن الوطن، ولما شعر أحد خلفاء المسلمين بعدم قدرته على حماية أهل الكتاب أعاد لهم الجزية مرة أخرى، بل أسقطها عمر عن كبار السن الذين لا يستطيعون الكسب، وجعل لهم راتبا من مال المسلمين.

 

7- أن الإسلام بعقيدته هو الدين الأوحد الذي يقبل جميع طوائف الناس فيه، يعيشون تحت ظله كمواطنين، أما الدين، فأمر يعود للحرية الشخصية، ولا يجوز الإجبار عليه.

 

الأخ الفاضل:

 

أحسب أنه يجب عليك أن تطمئن لفهمك، فما تفهمه أنت صحيح، وقد رأيت في كلامك ميزانا معقولا، من أننا لا نقاتل مخالفينا في العقيدة، ولكننا ندافع عن أرضنا إن اعتدي علينا، لا من باب العقيدة، ولكن من باب دفع الظلم، ولو كان من مسلمين.. حفظك الله ووفقك، وثبتك على الحق. آمين

الرابط المختصر :