رضيعي يبصق في وجوهنا.. ما الحل؟!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : الأطفال
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 185
  • رقم الاستشارة : 2327
10/08/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أنا أم لطفل يبلغ من العمر 11 شهرًا، لاحظت منذ أن كان في عمر 7 أشهر تقريبًا أنه بدأ يقوم بتصرف يزعجني كثيرًا، وهو أنه يبصق في وجه أي شخص يحاول مداعبته أو التفاعل معه.

في البداية، كان الأمر نادرًا ومضحكًا للبعض، لكن مع الوقت أصبح عادة واضحة لديه، وخصوصًا عندما يكون في حالة انزعاج أو حتى أثناء اللعب.

سبب المشكلة –كما أظن– أن عمّه علّمه هذا التصرف على سبيل المزاح عندما كان أصغر، وكان يضحك كلما فعلها، فارتبط في ذهن طفلي أن البصق تصرف مرح يجذب انتباه الآخرين. الآن، صرت ألاحظ أن هذا السلوك يتكرر بشكل يومي تقريبًا، سواء في البيت مع والده أو إخوته، أو مع أي ضيف يحاول اللعب معه.

أنا بصراحة أشعر بالاستياء والخجل، وأخاف أن يكبر وهو مستمر على هذا الفعل، فيصبح عادة سيئة تزعج الناس وتحرجنا أمام الآخرين.

لا أعرف كيف أتعامل معه وهو في هذا العمر الصغير، ولا كيف أوقف هذا السلوك قبل أن يترسخ في شخصيته.

أرجو من حضرتك يا د. أميمة أن ترشديني إلى الطريقة الصحيحة للتعامل معه، وهل أتعامل معه بالتجاهل أم أبدأ في توجيهه من الآن، وكيف أعدل هذا السلوك دون أن أؤذيه نفسيًا أو أفقد حناني معه.

الإجابة 10/08/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أختي الكريمة، بدايةً أُقدّر غيرتكِ وحرصكِ على تنشئة طفلكِ على الأخلاق الحسنة والسلوكيات المهذبة منذ نعومة أظفاره، وهذا الحرص بحد ذاته خطوة عظيمة نحو التربية السليمة التي أوصانا بها الله تعالى ورسوله ﷺ. فقد قال ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".

 

ما يقوم به طفلكِ الآن يُصنَّف ضمن مرحلة التقليد الحسي الحركي Sensorimotor Imitation، وهي مرحلة طبيعية لدى الرضع، حيث يقوم الطفل بتكرار السلوكيات التي تجذب انتباه من حوله أو التي تُقابَل برد فعل قوي، سواء بالضحك أو التعجب.

 

لكن من المهم أن نعي أن الاستمرار في تعزيز هذا السلوك –حتى ولو كان على سبيل المزاح– يؤدي إلى ما يسمى التعزيز الإيجابي للسلوك غير المرغوب، أي أن الطفل يربط الفعل باستقبال رد فعل مُشجِّع، فيكرر السلوك بلا وعي.

 

وهنا لا بد من اتباع خطوات التعامل الحكيم مع الموقف:

 

1- عند قيام الطفل بالبصق، حاولي قدر الإمكان أن تبدي ملامح حيادية، وألّا تضحكي أو تبدي اهتمامًا زائدًا، بمعنى أن تتجاهلي فعلته، حتى لا يتلقى تعزيزًا غير مباشر.

 

2- ظهري أمامه سلوكيات لطيفة للتواصل مثل التلويح باليد أو التقبيل أو الابتسامة، وكرريها أثناء اللعب؛ فالعقل الطفولي يتعلم بالمحاكاة.. وهذا ما يعرف بالنمذجة السلوكية الإيجابية أو Positive Behavioral Modeling.

 

3- كما يجب أن تقومي بالتصحيح اللطيف الفوري، فور حدوث السلوك.. بمعنى أنه يمكنكِ أن تنظري إليه نظرة حازمة لكن هادئة، وتستخدمي نبرة صوت منخفضة قائلة: "لا يا حبيبي، هذا لا يليق"، مع الإشارة برأسك بالنفي، ثم مباشرةً قدمي له بديلًا سلوكيًّا إيجابيًّا.

 

4- كذلك من الضرورى ضبط بيئة التعلم، سواء عن طريق والده أو توجيهك بشكل مباشر إن أتيح لك ذلك.. تحدثي مع عمّه ومن حوله بهدوء وأدب، واطلبي منهم التعاون في التوقف عن المزاح بهذا الفعل معه، حتى لا يتعرض الطفل لرسائل مختلطة ومتناقضة  Mixed Messages.

 

5- اعملي كذلك على التحفيز الإيجابي للسلوك المرغوب.. فعندما يتواصل مع الآخرين بطريقة مهذبة أو يبتسم أو يلوح، امدحيه فورًا بعبارات تشجيع، مثل: "أحسنت يا بطل" أو "ما أجملك وأنت تبتسم".

 

* وأخيرًا، اعلمي يا عزيزتي: أن التربية في هذا العمر تقوم على التكرار والقدوة والبيئة الداعمة، وليس على العقاب أو الشدة؛ فالرسول ﷺ لم يكن فاحشًا ولا غليظًا، بل كان ألين الناس مع الصغار، كما ورد في حديث أنس رضي الله عنه: "ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال من رسول الله ﷺ".

 

* همسة أخيرة:

 

ثابري على الصبر والهدوء، فبفضل الله ومع الاتساق في ردود سيتلاشى هذا السلوك تدريجيًّا قبل أن يصبح عادة. بارك الله لك في رضيعك وأقر عينك به.

الرابط المختصر :