الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : الأطفال
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
78 - رقم الاستشارة : 2686
13/09/2025
السلام عليكم
أنا خال لطفل يبلغ من العمر ٣ سنوات (ابن أختي). المشكلة أن الطفل يصرخ بصوت عالٍ وبشكل متكرر لأتفه الأسباب — عند تغيير لعبة، عند رفض طلبه، عند التعب، وأحيانًا بدون سبب واضح — ويستمر الصراخ لدقائق طويلة.
يحدث هذا في البيت وأحيانًا في الأماكن العامة، مما يسبب توترًا وإحراجًا للعائلة ويؤثر على الجو العام بالمنزل. حاول والداه تهدئته بالمكافآت أو بصيحات مماثلة أحيانًا، لكن التصرّف لم يتحسّن. ليس لدينا تشخيص طبي معروف ولا أعلم إذا كان لديه مشكلة سمعية أو طبية.
أرجو من حضرتك توجيهًا عمليًّا ومبسطًا: كيف نتعامل مع هذا السلوك الآن، وهل يحتاج فحصًا طبيًا أو تدخلًا تربويًّا، وما الخطوات اليومية التي ننفذها؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أخي الكريم، حفظك الله ورزقك الحكمة في رعايتك لابن أختك.
أول ما أود أن أطمئنك به: إن الصراخ في سنّ الثلاث سنوات يُعَدُّ سلوكًا شائعًا في هذه المرحلة العمرية، حيث يكون الطفل في مرحلة تُسمّى مرحلة إثبات الذات (Autonomy vs. Shame and Doubt) وذلك حسب نظرية "إريكسون" في النمو النفسي الاجتماعي.
الصراخ وسيلة للتعبير
في هذه المرحلة يسعى الطفل إلى التعبير عن رغباته وفرض استقلاليته، وغالبًا ما يستخدم الصراخ لأنه الوسيلة الأسرع للتعبير وجذب الانتباه.
والصراخ ليس بالضرورة علامة مرضية، بل قد يكون سلوكًا مكتسبًا (Learned Behavior) حين يجد الطفل أن الصراخ يحقق له مطالبه.
أحيانًا يكون الصراخ انعكاسًا لمشاعر الإحباط (Frustration) أو ضعف مهارات التنظيم الانفعالي (Emotional Regulation Skills).
* من جانب آخر، ينبغي ألا نهمل احتمال وجود أسباب طبية مثل ضعف السمع أو مشاكل صحية بسيطة، لذا يُستحسن عرض الطفل على طبيب أطفال لاستبعاد الجانب العضوي.
خطوات عملية للتعامل مع صراخ الطفل
* وإليكم خطوات عملية للتعامل مع صراخ الطفل:
1- التجاهل الإيجابي (Positive Ignorance):
عندما يكون الصراخ بغرض لفت الانتباه فقط، تجاهله تمامًا حتى يتعلم أن هذه الوسيلة لا تُجدي.
٢- التعزيز الإيجابي (Positive Reinforcement):
امدح الطفل وامنحه مكافأة صغيرة أو حضنًا دافئًا عندما يطلب ما يريد بهدوء.
3- بدائل التعبير(Alternative Expression) :
درّبه على استخدام كلمات بسيطة، مثل "أريد"، "من فضلك"، أو الإشارة بيده بدلًا من الصراخ.
4- نمذجة الهدوء (Modeling Calmness):
بمعنى أن تصبح له قدوة أمامه، لا ترد بالصراخ على صراخه؛ لأن الطفل يتعلم بالمحاكاة (التقليد).
5- كذلك تهيئة البيئة مهم جدًّا:
اجعلوا روتينه منظمًا (أكل، نوم، لعب) لأن الإرهاق والجوع من أبرز أسباب الصراخ.
قال النبي ﷺ: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"؛ فالتربية على ضبط الانفعال تبدأ منذ الصغر، وعلينا أن نزرع هذا الخلق تدريجيًا.
ولكن علينا أن نكون واقعيين، فلا نتوقع التغيير الفوري؛ بل هو عملية تحتاج إلى الصبر والاتساق في ردود الأفعال.
ثم اجعل هناك اتفاقًا بين الوالدين وكل من يتعامل مع الطفل على أسلوب واحد، حتى لا يتعلّم الطفل التلاعب بسلوكيات مختلفة.
أما إذا استمر الصراخ المفرط بشكل غير طبيعي أو كان مصحوبًا بتأخر في الكلام أو سلوكيات انعزالية، حينها يُستحسن استشارة أخصائي في علم نفس الطفل (Child Psychology).
* وهمسة أخيرة للخال الحنون:
أوصيك بالرحمة والاحتضان، فالطفل في هذه السنّ يحتاج إلى دفء الحب أكثر من أي تقويم صارم.
واعلم يا عزيزي أن التربية ليست حربًا على السلوك بقدر ما هي بناء لشخصية متوازنة، تجمع بين القوة في ضبط الانفعالات واللين في التعبير عن الذات.
وفقك الله لما فيه الخير، وبارك فيك وفي ابن أختك.