الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
19 - رقم الاستشارة : 1241
11/03/2025
ما حكم الأذكار التي تقال بين صلاة كل ركعتين من ركعات التراويح ، هل هي بدعة منهي عنها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالأمر هنا مبني على السعة، وإن كان لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم الفعل، لكن لم يرد عنه النهي، فهو من المباحات، وقد فعله كثير من السلف ومنعه عدد منهم، ولا داعي لإقامة المعارك حول هذه المسائل، فكلها معارك في غير ميدان، وتشغل الناس عن الخشوع في الصلاة.
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر -رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر رحمه الله-:
ليس هناك نص يَمنَع من الذكر أو الدعاء أو قراءة القرآن في الفصل بين كل ركعتين من التراويح أو كل أربع منها مثلاً، وهو داخل تحت الأمر العام بالذِّكْر في كل حال.
وكوْن السلف الذين يُؤخذ عنهم التشريع لم يفعلوه لا يَدل على منْعه، إلى جانب أن النقل عنهم في منع الذكر المذكور غير موثوق به. وهذا الفاصل يُشبِه ما كان يفعله أهل مكة من قيامهم بالطواف حول البيت سبعًا بعد كل ترويحتين؛ الأمر الذي جعل أهل المدينة يزيدون عدد التراويح على العشرين، تعويضًا عن هذا الطواف، وهو أسلوب تنظيمي يَعرِفون به عدد ما صَلُّوه، إلى جانب ما فيه من تنشيط للمصلين، فلا مانع مطلقًا، وبهذا لا يدخل تحت اسم البدعة؛ فالنصوص العامة تَشهد له، فضلاً عن عدم معارضتها له، ولئن يُسمَّى بدعة فهو على نسق قول عمر ـ رضي الله عنه: نِعْمَتِ البدعةُ هذه، عندما رأى تجمُّع المسلمين لصلاة التراويح خلْف أُبي بن كعب.
وجاء في فتاوى دار الإفتاء:
ويستحب الجلوس بين صلاة كل أربع ركعات بقدرها، وكذا بين الترويحة الخامسة والوتر، وهذا هو المتوارث عن السلف كما صلى أبي بن كعب بالصحابة، وروي عن أبي حنيفة -واسم التراويح ينبئ عن هذا- إذ المستحب فقط هو الانتظار ولم يؤْثر عن السلف شيء معين يلزم ذكره في حال الانتظار، وأهل كل بلد مخيرون وقت جلوسهم هذا بين قراءة القرآن والتسبيح وصلاة أربع ركعات فرادى والتهليل والتكبير أو ينتظرون سكوتًا ولا يلزمهم شيء معين، وأما دعاء الإمام والمأمومين جميعًا عقيب الصلاة فلم ينقل هذا أحد عن النبي ﷺ ولكن نقل عنه أنه أمر معاذًا أن يقول دبر كل صلاة: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، وعلى هذا لا يعتبر الدعاء الجماعي سنة ولا هو بدعة لأن له أصلاً في الدين وإن كان الأولى في ذلك الاتباع.
أما المانعون فدليلهم ما ذهب إليه ابن الحاج المالكي في المدخل: وينبغي له أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح، ومن رفع أصواتهم بذلك والمشي على صوت واحد، فإن ذلك كله من البدع، وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتين من صلاة التروايح: الصلاة يرحمكم الله، فإنه محدث أيضًا، والحدث في الدين ممنوع، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، ثم الخلفاء بعده، ثم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك فيسعنا ما وسعهم.
والله تعالى أعلى وأعلم