الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
283 - رقم الاستشارة : 777
23/01/2025
أديت مناسك الحج ونسيت الحلق ثم تحللت ولبست ملابسي العادية ثم تذكرت بعد ذلك فماذا علي؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد حدث الخلاف بين الفقهاء حول حكم الحلق والتقصير هل هو نسك أم خروج من النسك؟
فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه نسك، يجب بتركه دم، واختلفوا في كونه ركنًا أم واجبًا، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه خروج من النسك، ولا يجب في تركه شيء.
والحلْق أو التقصير ثابت بالكتاب والسُّنَّة، أما الكتاب فقوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح: 27).
وأما السُّنَّةُ فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "اللهمَّ اغْفِرْ للمُحَلِّقِينَ" قالوا: يا رسول الله وللمُقصِّرين. قال: "اللهم اغفرْ للمُحلِّقين" قالوا: يا رسول الله وللمُقصِّرين. قال: "وللمُقصِّرين" متفق عليه.
يقول الإمام ابن قدامة الحنبلي في كتابه المغني:
والحلق والتقصير نسك في الحج والعمرة، في ظاهر مذهب أحمد، وقول الخرقي الحنبلي، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، والشافعي. وعن أحمد أنه ليس بنسك، وإنما هو إطلاق من محظور كان محرمًا عليه بالإحرام، فأطلق فيه عند الحل، كاللباس والطيب وسائر محظورات الإحرام. فعلى هذه الرواية لا شيء على تاركه، ويحصل الحل بدونه. أ. هـ.
وذكر الإمام النووي رحمه الله في (المجموع) مذاهب العلماء في الحلق: هل هو نسك أولا؟ قال: ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا أنه نسك، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وجمهور العلماء. وظاهر كلام ابن المنذر والأصحاب: أنه لم يقل بأنه ليس بنسك أحد غير الشافعي في أحد قوليه. ولكن حكاه القاضي عياض عن عطاء، وأبي ثور، وأبي يوسف أيضًا.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
يرى الحنفية والمالكية والشافعية في أظهر القولين والحنابلة على ظاهر المذهب أن الحلق أو التقصير نسك في الحج والعمرة ، فلا يحصل التحلل في العمرة والتحلل الأكبر في الحج إلا مع الحلق.
وقال الشافعية في أحد القولين - وهو خلاف الأظهر - وأحمد في قول: إن الحلق أو التقصير ليس بنسك، وإنما هو إطلاق من محظور كان محرمًا عليه بالإحرام فأطلق فيه عند الحل، كاللباس والطيب وسائر محظورات الإحرام، وهذا ما حكاه القاضي عياض عن عطاء وأبي ثور وأبي يوسف أيضًا.
وما نرجحه للفتوى أن الحلق أو التقصير نسك، لا يجوز للحاج تركه بغير عذر، فإن نسي أو تعذر الحلق وكان قادرًا على تقديم الفدية فعل، فإن عجز عنها وسعه اختلاف الفقهاء ولا شيء عليه، خاصة إن كان هذا نسيانا، وقد رفع الله تعالى عنا الإثم مع النسيان، وقد علّم الله تعالى المؤمنين أن يدعوا فيقولوا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (البقرة: 286).
وجاء في الصحيح أن الله تعالى استجاب هذا الدعاء، كما جاء في الحديث الآخر: "أن الله وضع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه".
والله تعالى أعلى وأعلم