23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

تسليم الأسير المسلم نفسه للأسر

الإستشارة 07/01/2025

- هل يجوز للمسلم أن يسلم نفسه للأسر ؟ أم يجب عليه القتال حتى ينتصر أو يستشهد ولا يسلم نفسه للأسر؟

الإجابة 07/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فقد أجاز جمهور الفقهاء للمسلم أن يسلم نفسه للأسر، وكرهه بعضهم، والفتوى تتغير بتغير حال الأسير، وما نرجحه أن الأمر يختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص، فقد يكون الإنسان لديه من الأسرار التي تضر بعموم الأمة، وربما يعذب حتى يعطي هذه الأسرار للعدو المحارب؛ ففي هذه الحالة يكون عدم الاستسلام والقتال حتى الموت أولى، وخاصة إن كان العدو لا يحترم العهود والمواثيق التي تنص على عدم إيذاء الأسرى ولا التضييق عليهم.

ورد في الموسوعة الفقهية الكويتية:

الأسير لغة: مأخوذ من الإسار، وهو القيد؛ لأنهم كانوا يشدونه بالقيد . فسمي كل أخيذ أسيرًا وإن لم يشد به. وكل محبوس في قيد أو سجن أسير. قال مجاهد في تفسير قول الله سبحانه: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (الإنسان: 8) الأسير: المسجون.

وفي الاصطلاح: كل من يظفر بهم من المقاتلين ومن في حكمهم، ويؤخذون أثناء الحرب أو في نهايتها، أو من غير حرب فعلية، ما دام العداء قائمًا والحرب محتملة.

والاستئسار هو تسليم الجندي نفسه للأسر، فقد يجد الجندي نفسه مضطرًا لذلك؛ فهل يجوز له أن يستسلم للأسر أم يقاتل حتى يقتل؟

جمهور الفقهاء على جواز ذلك من حيث المبدأ، وكرهه بعضهم.

وما نرجحه أن الأمر يختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص، فقد يكون الإنسان لديه من الأسرار التي تضر بعموم الأمة، وربما يعذب حتى يعطي هذه الأسرار للعدو المحارب، ففي هذه الحالة يكون عدم الاستسلام والقتال حتى الموت أولى، وخاصة إن كان العدو لا يحترم العهود والمواثيق التي تنص على عدم إيذاء الأسرى ولا التضييق عليهم.

وفي غير ذلك يجوز له الأمران، أن يقاتل حتى ينال الشهادة، أو يستسلم للأسر حتى يقوم المسلمون ـ وهذا واجب عليهم ـ بتخليصه من الأسر إما بالتبادل بين الأسرى، أو بدفع الفداء.

وقد وقع الاستئسار من بعض المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم به الرسول صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليهم .

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه بسنده قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينًا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة - موضع بين عسفان ومكة - ذكروا لبني لحيان، فنفروا لهم قريبًا من مائتي رجل كلهم رام، فاقتصوا أثرهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد - موضع غليظ مرتفع - وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا وأعطوا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق ألا نقتل منكم أحدًا، قال عاصم: أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، اللهم خبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصمًا في سبعة، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق، منهم خبيب الأنصاري، وزيد بن الدثنة، ورجل آخر. فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن لي في هؤلاء لأسوة - يريد القتلى - فجروه وعالجوه على أن يصحبهم - أي مارسوه وخادعوه ليتبعهم - فأبى فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وابن الدثنة حتى باعوهما بمكة...". وبقية القصة معروفة ومروية في كتب الحديث والسيرة، فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حدث، وعدم إنكاره يدل على أن الاستئسار في هذه الحالة مرخص فيه. ينظر أحكام الأسير في الموسوعة الفقهية من منشورات وزارة الأوقاف الكويتية.