Consultation Image

الإستشارة 07/04/2025

كيف اجمع بين حديث: (ففيهما فجاهد) وحديث: (وإذا استنفرتم فانفروا)

الإجابة 07/04/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

لا يوجد تعارض بين الحديثين؛ لأن كل واحد منهم يعمل في نوع من أنواع الجهاد، الحديث الأول وهو الجهاد في بر الوالدين وخدمتهما والقيام بحقهم يكون عندما يكون الجهاد جهاد طلب، وجهاد الطلب فرض كفاية إن قام به البعض سقط عن الباقين، ويحتاج إلى إذن الحاكم أو من يقوم مقامه، ولا يجوز للمراة أن تخرج بغير إذن زوجها أو والدها، أو الرجل بغير إذن والديه، أو المدين بغير إذن دائنه.

 

أما الحديث الثاني فيتحدث عن جهاد الدفع، عندما يأتي العدو إلى بلادنا ويحتل أرضنا ويدنس مقدساتنا ويسفك دماءنا ويعتدي على أموالنا وأعراضنا، وهو فرض عين يخرج فيه الرجل بغير إذن والديه، والزوجة بغير إذن زوجها، والمدين بغير إذن دائنه، ولا يحتاج إذنًا من أحد لا حاكم ولا محكوم.

 

وقد يتعين جهاد الطلب على بعض الأفراد كالجنود النظاميين، أو من يطلبه منهم الإمام الجهاد نظرًا لتخصصه أو حاجة الجنود إليه، فيصبح في حقه فرضًا عينيًّا يقدم على بر الوالدين.

 

يقول لشيخ القرضاوي – رحمه الله – في كتابه الماتع فقه الجهاد:

 

وقد فرَّق الفقهاء بين نوعين من الجهاد: جهاد الطلب، وجهاد الدفع. ففي جهاد الطلب، وهو الذي يغزو فيه المسلمون عدوهم، ويطلبونه في داره، لا يجب على المرأة الجهاد، ولكن تتطوَّع به احتسابًا لوجه الله، وابتغاء مثوبته المضاعفة للمجاهدين.

 

أما جهاد الدفع، وهو الذي يغزو فيه الأعداء أرض الإسلام، ويدخلون بلدًا من بلاد المسلمين، ليحتلُّوها ويقهروا أهلها، فهنا يجب على أهل هذا البلد وجوبًا عينيًّا: أن يدفعوا عن بلدهم، ويذودوا عن حرماتها، بكل ما لديهم من قوة، وما يملكون من وسائل، لا يتخلَّف أحد عن هذا الجهاد، كلٌّ بما يقدر عليه، فهذه حالة نفير عام. حتى قال العلماء: في هذا الجهاد يخرج الابن من غير إذن أبويه، وتخرج المرأة بغير إذن زوجها، ويخرج الخادم بغير إذن سيده، كما بيَّنا ذلك في موضعه. لأن الخطر هنا على البلد وعلى الجماعة، وإذا تعارض حق الجماعة وحق الفرد: قُدِّم حق الجماعة، لأن ببقائها يبقى الفرد، وبضياعها تضيع الأفراد.

 

وهنا تكون فرضية الجهاد على المرأة، مثل فرضيته على الرجل، وإن كان ما يُطلب من المرأة في هذا الجهاد، قد لا يكون هو نفس ما يُطلب من الرجل، فإن الواجب على كل منهما أن يبذل ما يقدر عليه في دفع العدو حسب طاقته وإمكاناته.

 

ويقول في موضع آخر من الكتاب نفسه

 

إن المطلوب الذي يُؤدَّى به فرض الكفاية: أن يكون للمسلمين جيش قوي مرهوب الجانب، مسلَّح بأحدث الأسلحة، وعلى أعلى مستوى من التدريب، ينشر قوَّاته في كل الثغور البرية والبحرية، بحيث لا يدع نقطة يخشى منها، دون أن يهيئ لها أسباب الحماية والمَنَعَة، حتى يرتدع الأعداء، ولا يفكروا في الهجوم على المسلمين. وهذا أمر توافق عليه كل دول العالم اليوم. فمن مقتضيات سيادة الدول: أن تكون لها قوَّات مسلَّحة قادرة على الدفاع عن حدودها واستقلالها من أي هجوم عليها، أو اعتداء على حرماتها، أو الاستيلاء على أي شبر منها.

 

ثم يذكر الشيخ هنا أن الجهاد يتعين ـ أي يكون فرض عين ـ في حالات معينة، وهي:

 

1. عند هجوم الأعداء على بلد مسلم.

 

2. استنفار الإمام لفرد أو طائفة معينة.

 

3. حاجة الجيش إلى خبرة فرد معين.

 

4. عند حضور المعركة بالفعل.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :