الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
252 - رقم الاستشارة : 581
05/01/2025
السؤال: نحتاج كثيرا لاستبدال الذهب القديم بذهب جديد، ويطلب منا تاجر الذهب دفع الفرق بين النوعين، وسمعنا من بعض العلماء أن هذا ربا فهل هذا صحيح؟؟، وإن كان صحيحا فكيف يمكننا الاستبدال دون أن ندخل في دائرة الربا ؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فجمهور الفقهاء على عدم جواز استبدال الذهب القديم بالذهب الجديد مع دفع فارق الثمن بينهما، ويستدلون على ذلك بما رواه الإمام مسلم بسنده عن عبادة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -ﷺ- ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينًا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى".
وما رواه مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا (أي تفضلوا) بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز".
والصواب في هذا أن نبيع الذهب القديم بثمنه، ثم نشتري ذهبًا جديدًا بثمنه مضافًا إليه الفارق في الصنعة.
أو نعطي للتاجر الذهب القديم ليعيد تصنيعه حسب ما نريد ثم يأخذ أجر صنعته.
وبمثل هذا أفتى مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 من ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 من نيسان (أبريل) 1995م، بعد اطلاع المجلس على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: ((تجارة الذهب))، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:
أولاً: بشأن تجارة الذهب:
أ– يجوز شراء الذهب والفضة بالشيكات المصدقة، على أن يتم التقابض بالمجلس.
ب- تأكيد ما ذهب إليه عامة الفقهاء من عدم جواز مبادلة الذهب المصوغ بذهب مصوغ أكثر مقدارًا منه؛ لأنه لا عبرة في مبادلة الذهب بالذهب بالجودة أو الصياغة؛ لذا يرى المجمع عدم الحاجة للنظر في هذه المسألة مراعاة لكون هذه المسألة لم يبق لها مجال في التطبيق العملي، لعدم التعامل بالعملات الذهبية بعد حلول العملات الورقية محلها، وهي إذا قوبلت بالذهب تعتبر جنساً آخر.
ج– تجوز المبادلة بين مقدارٍ من الذهب ومقدارٍ آخر أقل منه مضمومة إليه جنس آخر، وذلك على اعتبار أن الزيادة في أحد العوضين مقابلة بالجنس الآخر في العوض الثاني. أ.هـ.
ويرى فريق آخر من الفقهاء على رأسهم ابن القيم بجواز ذلك حيث إن الذهب إذا تحول إلى حلي، كان في حكم السلع يأخذ حكمها سواء بسواء.
يقول ابن القيم في إعلام الموقعين: الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع لا من جنس الأثمان، ولهذا لم تجب فيها الزكاة فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وبين سائر السلع وإن كانت من غير جنسها فإن هذه بالصناعة قد خرجت عن مقصود الأثمان وأعدت للتجارة فلا محذور في بيعها بجنسها ولا يدخلها: (إما أن تقضي وإما أن تربي) إلا كما يدخل في سائر السلع إذا بيعت بالثمن المؤجل، ولا ريب أن هذا قد يقع فيها لكن لو سد على الناس ذلك لسد عليهم باب الدين وتضرروا بذلك غاية الضرر.أ .هـ.
وكلام ابن القيم في غاية القوة، وبخاصة في زمننا الحالي الذي لم يعد الذهب فيه نقدًا، ولا حتى غطاء للنقد، وسيدخل اليسر على الناس في مسائل كثيرة في بيع الذهب، لكن المجامع الفقهية المعاصرة لم تأخذ بهذا الرأي، ومن ثم نحن نرجح رأي جمهور الفقهاء والمجامع الفقهية، خاصة وأنه لا توجد مشقة ولا ضرورة في بيع الذهب القديم بالنقود، وشراء الذهب الجديد بهذه النقود أيضًا.
والله أعلم