23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

صلاة الغائب على شهداء فلسطين

الإستشارة 10/01/2025

هل يجوز للمسلمين صلاة الغائب على شهداء فلسطين؟

الإجابة 10/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فالصلاة على شهداء فلسطين الذي قضوا على يد هؤلاء البربر المتوحشين النازيين هو أقل الواجبات التي يقوم بها المسلمون تجاه إخوانهم في العروبة والدين، وإن كانت صلاة الغائب محل خلاف لدى الفقهاء فإن ما نختاره هو الجواز بل استحباب الصلاة عليهم دعاء لهم وتذكيرًا للناس جميعا بقضيتهم ومظلوميتهم.

وقداختلف الفقهاء حول مشروعية الصلاة على الغائب، فأجازها الشافعي وأحمد وابن حزم ـ رضي الله عنهما ـ ومنعها أبو حنيفة ومالك ـ رضي الله عنهما ـ وما نرجحه للفتوى هو جوازها، حيث إنها دعاء، ومن ذا الذي يمنع الدعاء للميت سواء أكان حاضرًا أم غائبًا؟

وقد صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصلاة على النجاشي فيما رواه البخاري ومسلم بسندهما: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه فخرج بهم إلى المصلى، وكبر أربع تكبيرات".

قال ابن حجر في الفتح: وبذلك قال الشافعي وأحمد وجمهور السلف حتى قال ابن حزم: لم يأت عن أحد من الصحابة منعه. قال الشافعي: الصلاة على الميت دعاء له فكيف لا يدعى له وهو غائب أو في القبر.

واعتذر الحنفية والمالكية عن هذا الحديث بأعذار منها:

1- أنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد، ولم يثبت إن كان صُلي عليه أم لا.

2- أنه كشف له ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى رآه فيكون حكمه حكم الحاضر بين يدي الإمام الذي لا يراه المؤتمون ولا خلاف في جواز الصلاة على من كان كذلك.

 قال ابن دقيق العيد: هذا يحتاج إلى نقل ولا يثبت.

3- أن ذلك خاص بالنجاشي لأنه لم يثبت أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى على ميت غائب غيره، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح متعقبًا لمن قال إنه لم يُصلِّ على غير النجاشي قال: وكأنه لم يثبت عنده قصة معاوية بن معاوية الليثي وقد ذكرت في ترجمته في الصحابة أن خبره قوي بالنظر إلى مجموع طرقه.

وجاء في فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء:

والصلاة على الميت دعاء ورحمة، ينتفع بها الغائب كما ينتفع بها الحاضر وهذا معنى صلاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على النجاشي وهو غائب، وهو مذهب الشافعية والمعتمد عند الحنابلة. ولا يقال: إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى على النجاشي لأنه لم يصل عليه أحد، فإنه لم يأت في الأحاديث أنه لم يصل عليه أحد، بل عللت الصلاة عليه بكونه رجلا صالحًا، ولم تعلل بكونه لم يصل عليه أحد.

كذلك الصلاة على من صلى عليه مشروعة أيضًا، كما ثبت عن يزيد بن ثابت أخي زيد قال: خرجنا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما وردا البقيع إذا هو بقبر جديد، فسأل عنه، فقيل: فلانة فعرفها. فقال: "ألا آذنتموني بها؟ قالوا: يا رسول الله كنت قائلاً صائمًا، فكرهنا أن نؤذيك فقال: لا تفعلوا، لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به، فإن صلاتي عليه رحمة"، ثم أتى القبر فصففنا خلفه، وكبر عليها أربعًا. أ. هـ.

وبالتالي نرى رجحان جواز الصلاة على الميت الغائب، ومن تحرج من الصلاة عليه، فله ذلك غير أنه ليس من حقه الإنكار على من صلى.

والله تعالى أعلى وأعلم